يترأس البابا فرنسيس في الرباط، اليوم الأحد، قداساً ضخماً يشارك فيه آلاف المصلين، في ثاني أيام زيارة الحبر الأعظم إلى المغرب، والتي يشكل الحوار بين الأديان أحد محاورها الأساسية.
ويحتضن المغرب أقلية مسيحية صغيرة، أكثرية أفرادها مهاجرون من بلدان أفريقيا جنوب الصحراء، في حين يضطر معتنقو المسيحية من المغاربة إلى التخفي.
وكان العاهل المغربي في مقدمة مستقبلي البابا فرنسيس أسفل سلم الطائرة عند وصوله إلى مطار الرباط سلا أمس السبت. 
ودافع البابا في خطابه عن "حرية الضمير" و"الحرية الدينية"، داعياً إلى مجابهة "التعصب والأصولية" بـ"تضامن" جميع المؤمنين.
من جهته، جدد العاهل المغربي تأكيد أنه "المؤتمن على حماية اليهود المغاربة، والمسيحيين القادمين من الدول الأخرى، الذين يعيشون في المغرب".
ويرتقب أن يشارك نحو 10 آلاف شخص في القداس الذي سيترأسه البابا في المجمع الرياضي مولاي عبد الله بالرباط.
ويدين السواد الأعظم من المغاربة بالإسلام، وهناك أيضاً أقلية مغربية يهودية. ويمارس اليهود المغاربة والمسيحيون الأجانب شعائرهم الدينية بحرية.
وقال الملك محمد السادس، في خطابه السبت: "بصفتي ملك المغرب، وأمير المؤمنين، فإنني مؤتمن على ضمان حرية ممارسة الشعائر الدينية. وأنا بذلك أمير جميع المؤمنين، على اختلاف دياناتهم".
وأضاف على وقع تصفيق الحاضرين "لا يمكنني الحديث عن أرض الإسلام، وكأنه لا وجود هنا لغير المسلمين. فأنا الضامن لحرية ممارسة الديانات السماوية".
وينص الدستور المغربي على أن "الإسلام هو دين الدولة الذي يضمن للجميع حرية ممارسة العبادة".
بيد أن المغاربة الذين يعتنقون المسيحية يضطرون إلى التخفي، لأنهم معرضين للملاحقة إذا جاهروا باعتناق دين آخر غير الإسلام، وذلك بموجب قانون يُجرم التبشير.
ويعاقب القانون الجنائي المغربي بالسجن لمدة تتراوح بين ستة أشهر وثلاثة أعوام، كل شخص "استعمل وسائل الإغراء لزعزعة عقيدة مسلم أو تحويله إلى ديانة أخرى".
ومنذ 2017، بدأت أقلية من المغاربة من معتنقي المسيحية تطالب علناً بـ"الاعتراف القانوني" بها، كما يرفع نشطاء حقوقيون وبعض المثقفين مطلب احترام "حرية الضمير" منذ سنوات.
ودعت "تنسيقية المسيحيين المغاربة"، وهي جمعية غير معترف بها رسمياً، السلطات إلى ضمان "الحريات الأساسية التي ما يزالون محرومين منها"، واغتنام زيارة البابا للحوار حول حرية الضمير والدين لجميع المغاربة.
وجدد بيان أصدرته الجمعية الأسبوع الماضي دعوة السلطات إلى ضمان "حرية العبادة في الكنائس، والحق في الزواج الكنسي أو المدني، وفي الطقوس الجنائزية المسيحية، وإعفاء أطفالنا من التعلم الديني الإسلامي المفروض في المدارس، والحق في إعطاء أسماء كتابية لأطفالنا".
وقال البابا في خطابه السبت إن "حرية الضمير والحرية الدينية التي لا تقتصر على حرية العبادة وحسب، بل يجب أن تسمح لكل فرد بالعيش بحسب قناعاته الدينية، ترتبطان ارتباطاً وثيقاً بالكرامة البشرية".
وزار البابا في فبراير (شباط) الإمارات، أين وقع مع شيخ الأزهر أحمد الطيب "وثيقة من أجل الأخوة الإنسانية" تنادي خاصةً باحترام حرية العقيدة وحرية التعبير، وحماية دور العبادة، مع الدعوة إلى تمكين "الأقليات الدينية" من شروط مواطنة كاملة.
وعقد البابا والعاهل المغربي اأمس لسبت، اجتماعاً ثنائياً في القصر الملكي في العاصمة، ثم توجها إلى معهد تكوين الأئمة في الرباط الذي يعتبر رأس حربة في السياسة الدبلوماسية الدينية للملك محمد السادس، ويهدف إلى إعلاء قيم الحوار، والتعايش، والوسطية والاعتدال، ويستقطب طلبة من المغرب ومن بلدان إفريقيا جنوب الصحراء وفرنسا.
وعبر البابا عن "سروره" بزيارة المعهد، مشدداً على "أهمية توفير تنشئة ملائمة للقادة الدينيين في المستقبل، إذا أردنا أن نُعيد إحياء المعاني الدينية الحقيقية في قلوب الأجيال الصاعدة".
من ناحيته، شدد العاهل المغربي على ضرورة إيلاء الدين الأهمية التي يستحقها في مجال التربية، معتبراً أن مواجهة التطرف تكون بالتربية وليس بالعسكر أو المال.
وانتهت زيارة المعهد بالاستماع إلى عرض موسيقي أداه ثلاثة منشدين على إيقاع ألحان مستوحاة من الديانات التوحيدية الثلاث.