تجسد فكرة إنشاء مجلس الشباب الكويتي محطة محورية في مسيرة تمكين القدرات الشبابية خصوصا أنه ثمرة الوثيقة الوطنية الشبابية التي جاءت في إطار جهود متواصلة من القيادة السياسية في البلاد لتعزيز حضور الشباب بالمجتمع وتحقيق تطلعاتهم المستقبلية.
وجاءت فكرة مجلس الشباب الكويتي انعكاسا للتوجيهات الأميرية السامية القاضية بمنح الشباب مساحات للتفوق والإبداع والاهتمام بحاجاتهم والاستماع لتطلعاتهم في توجه ينسجم مع مقتضيات دستور الكويت وتفعيلا للمادة 14 من القانون رقم 100 لسنة 2015.
ومن شأن إنشاء المجلس كذلك مواكبة تطوير التنمية الشبابية حول العالم واهتمام الدول المتقدمة بإنشاء مجالس للشباب توازيا مع الحرص على تعزيز مشاركة الشباب في عملية صنع القرار.
وسيشكل المجلس إطارا شبابيا استشاريا معنيا بتحليل واقع الشباب واحتياجاتهم وتعزيز مشاركتهم المجتمعية والتعبير عن قضاياهم واقتراح حلول لها أمام صناع القرار بهدف ترسيخ الهوية الوطنية لدى الشباب وتطوير لغة الحوار والتواصل معهم بشكل مؤسسي وتعزيز الجوانب القيادية والإنسانية لديهم.
وبالطبع يحظى الشباب الكويتيون باهتمام ورعاية الدولة وعلى رأسها القيادة السياسية التي تمنح أبناء الوطن الأولوية في مختلف مناحي التنمية مما خلق واقعا إيجابيا لشريحة تفوق نسبتها 72 في المئة من المجتمع الكويتي إذ وجه سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه إلى عقد الفعاليات التي تعنى بشباب الوطن وتدعم إمكاناتهم.
ففي بداية دور الانعقاد الأول للفصل التشريعي الرابع عشر لمجلس الأمة الموافق 15 فبراير عام 2012 أشار سمو الأمير إلى أهمية التركيز على الشباب ودعا سموه إلى التركيز على رعاية الشباب وتوفير فرص العمل وأسباب الحياة الكريمة لهم وتفعيل مشاركتهم الإيجابية ودورهم البناء لخدمة المجتمع وتنميته لأنهم مبعث الرجاء ومعقد الأمل.
ووجه سموه الديوان الأميري بعقد مؤتمر وطني للشباب يتوج مساعي الشباب وهم يعدون وثيقة وطنية لتمكينهم من تسخير طاقاتهم الخلاقة والاستفادة منها في خدمة وطنهم.
وكانت البداية استجابة من أبناء الكويت لنداء سموه للتطوع في مجلس الشباب التحضيري من مختلف جمعيات النفع العام ومنظمات المجتمع المدني لعمل لجان عديدة تعنى بأهم القضايا الشبابية والاجتماعية التي تعد أولوية لدى المواطن والشباب على وجه الخصوص.
وفي ذات الوقت تم تواصل الشباب مع الجهات الرسمية في الدولة ولقاء المسؤولين للوقوف على مكامن القصور ومعالجتها وعقد ورش العمل والزيارات الدورية لتحسين الأداء في تلك الجهات والقطاعات من اجهزة الدولة.
ومن هذا المنطلق عكف أعضاء المجلس التحضيري على توزيع الأولويات بينهم التي تضع الحلول المقترحة والخروج بالتوصيات التي تساهم في إيجاد الحلول والمقترحات في وثيقة وطنية شبابية قدمت لسمو أمير البلاد في ختام المشروع الوطني للشباب (الكويت تسمع).
وقد خرج ذلك المشروع بجملة من التوصيات المتمثلة بالوثيقة الوطنية المتضمنة 10 توصيات في مجالات تعزيز المواطنة والتعليم والمشاريع الصغيرة والمتوسطة والإسكان والصحة والتطوير القانوني والإداري والتنمية البشرية والرياضة والبيئة والثقافة والفنون والآداب.
وكلف حضرة صاحب السمو مجلس الوزراء المبادرة إلى اتخاذ الإجراءات العملية الجادة من أجل ترجمة التوصيات التي تضمنتها الوثيقة الوطنية للشباب لتنفيذ تلك التوصيات من خلال انشاء المؤسسات وتطوير القوانين والبرامج المنفذة للتوصيات وتكريم الانجازات الشبابية وتسليط الضوء على متطلباتهم.
ومن هذا المنطلق أدرك القائمون على السياسة الشبابية أهمية أن يكون للشباب كيانهم أو منصتهم التي يعبرون من خلالها عن تطلعاتهم وأفكارهم.
وفي 26 يناير 2013 صدر مرسوم أميري بتأسيس وزارة الدولة لشؤون الشباب ينص على أن تعمل الوزارة على تنسيق وتعاون الجهود الوطنية بتشجيع وإطلاق الاستراتيجيات والسياسات والمبادرات والبرامج التكاملية والشمولية لضمان تنمية ومشاركة الشباب المجتمعية وتمكينهم من القيادة والريادة الإبداعية وتحديد أولويات الأجندة البحثية الوطنية وإعداد البحوث المتعلقة بتنمية الشباب وتمكينهم من إدارة شؤون البلاد.
كما تعنى الوزارة بخلق بيئة سياسات وقوانين واستراتيجيات عمل وأنظمة وطنية داعمة لتنمية الشباب وتعزيز مشاركتهم في المجتمع الكويتي بالتعاون مع المؤسسات والجهات الحكومية وغير الحكومية وتشجيع ودعم وتبني برامج ومشاريع وخدمات وطنية تهدف لبناء قدرات الشباب وتعزز من مساهمتهم الاجتماعية والاقتصادية ونشر ثقافة المواطنة وتعزيز الارتقاء القيمي بين الشباب.
وفي عام 2015 صدر مرسوم إنشاء الهيئة العامة للشباب لتحقق الغايات المرجوة من الاهتمام بجميع الأمور المتعلقة برعاية الشباب والعمل على أن يكون الشباب مصدر الثروة الحقيقية للوطن.
وتعنى الهيئة أيضا بتعزيز التحرك الشبابي نحو المزيد من الاندماج والتعاضد وصون الوحدة الوطنية والمحافظة على الهوية الوطنية وتعزيز مقوماتها وتحقيق التوازن بين الحقوق والواجبات.
كما تعنى بترسيخ الإيمان بالنهج الديمقراطي واحترام الحريات والخضوع لسيادة القانون لدى الشباب وإعداد الشباب وتحصينهم وحمايتهم وتأهيلهم وتوجيه طاقاتهم ومواهبهم ودعم الاتجاه نحو الانفتاح على العالم والتعامل الإيجابي مع الحضارات والثقافات.
وتعمل الهيئة العامة للشباب على إنشاء مجلس الشباب الكويتي الذي سيعزز حضور الشباب في المجتمع ويكون بمنزلة مؤسسة تشاركية ما بين الشباب والجهات الحكومية وأفراد المجتمع والقطاع الخاص وفق رؤية (كويت جديدة 2035).
ومن المزمع أن يتشكل المجلس الشبابي الكويتي الذي يعد كيانا استشاريا من اعضاء تنطبق عليهم الشروط ويتم اختيارهم من خلال القرعة لضمان وصول الشباب المستحق للمجلس من 37 عضوا منهم 36 شابا إضافة إلى أمين سر معين من الهيئة على أن يمثل كل محافظة من محافظات البلاد ستة شباب يتوزعون مناصفة بين ثلاثة شبان وثلاث شابات.
وتقتضي الشروط أيضا أن يضم المجلس عددا من ذوي الاحتياجات الخاصة الذين سيتم اختيار من تنطبق عليهم الشروط من خلال القرعة لاختيار الأعضاء وسيتم انتخاب رئيس للمجلس من بين الأعضاء.
ولمجلس الشباب أيضا أمانة للسر ترتبط بأمانة سر مجلس إدارة الهيئة العامة للشباب ينتخب رئيس المجلس من الأعضاء بعد انعقاد الجلسة الأولى للمجلس واختيار الاعضاء بالقرعة وفقا للمادة 13 الفصل الثالث من اللائحة التنفيذية الخاصة بالهيئة العامة للشباب.
أما فيما يتعلق بالعضوية فيجب أن يكون العضو كويتي الجنسية لا يقل عمره عن 18 عاما ولا يزيد على 34 عاما ولا يقل مؤهله عن شهادة الثانوية العامة مع القدرة على الالتزام بحضور الجلسات وحسن السير والسلوك وألا يكون قد سبق الحكم عليه في جناية أو جنحة مخلة بالشرف أو الأمانة ما لم يكن رد إليه اعتباره.
وحددت الهيئة معايير للعضوية وهي الخبرة بالأعمال التطوعية والمعرفة والإلمام بالقضايا الشبابية والاتصال والتواصل مع الشباب في وسائل الاعلام (القدرة على الظهور في وسائل الإعلام) إضافة إلى توفير خطابات التزكية وملف فيديو للتعريف عن شخصية العضو المتقدم للمجلس ليتسنى للجنة اختيار الشباب المؤهل للعضوية المكونة من جهات حكومية وأهلية وصول المستحقين من الشباب.
كل ذلك سبقه تنظيم العديد من الملتقيات وورش العمل في الجامعات والمعاهد للتعريف عن المجلس وأهدافه والغايات التي يسعى لتحقيقها وكذلك الاستماع للأفكار الشبابية التي تصب في مصلحة أبناء الكويت.
وللاشارة فإن المبادرات السامية التي تهدف إلى تبني تطلعات الشباب الكويتيين تستمر في جميع المجالات وتتطلع إلى تطوير أساليب المشاركة الإيجابية ودعم الكفاءات من خلال المساهمة في إشراكهم بالأنشطة والبرامج المتنوعة وإطلاق الخطط الشبابية المستقبلية.
وهناك العديد من المشروعات الأخرى التي تخدم الشباب وتعتبر نتاجا فعليا للمشروع الوطني للشباب مثل (الصندوق الوطني للمشاريع الصغيرة والمتوسطة) ومؤتمر (الكويت تفخر) الذي يتبنى دعم الكفاءات والطاقات الشبابية والنماذج التي يحتذى بها من أبناء الكويت المبدعين.
وكذلك هناك مشروع (كفو) التابع للديوان الأميري الذي يعد منصة شبابية تعزز الثقة لدى الشاب الطموح ولعرض الكفاءات الوطنية وخلق قناة تواصل بين الطاقات الشبابية في الكويت وبناء قاعدة بيانات عن طريق التواصل الإلكتروني الذي يسهل تبادل المعلومات والخبرات التي تحقق التنمية البشرية المستدامة.