قال تقرير صادر عنبنك الكويت الوطني امس ان أسهم أسواق المنطقة شهدت (والعالم) عاما مليئا بالتحديات مسجلة معظمها تراجعا في نهاية العام 2015. فقد تراجع أداء أسهم الأسواق الخليجية مقارنة بالأسواق العالمية، كما سجل مؤشر مورغان ستانلي للعائد الإجمالي لدول مجلس التعاون الخليجي أضعف أداء له منذ العام 2008 متراجعا بواقع 16 بالمئة خلال العام. وجاء هذا التراجع بعد الأداء القوي الذي شهدته أسواق المنطقة على مدى ثلاث سنوات. وبينما شهدت الأسواق الاقليمية أداء ضعيفا مقارنة بالأسواق العالمية، إلا أن هذا الضعف قد اعترى أسواق الأسهم بصورة عامة. واستقرت القيمة السوقية لأسواق دول مجلس التعاون عند 902 مليار دولار بحلول نهاية العام بعد أن بلغت الخسائر حوالي 200 مليار دولار في 2015.  
وشهدت معظم أسهم الأسواق العالمية تراجعا خلال العام 2015 ، كما اقفل مؤشر مورغان ستانلي للأسواق العالمية العام دون تحقيق أي مكاسب. وعلى الرغم أن خسائر الأسواق جاءت محدودة نوعا ما، إلا أن العام 2015 شهد زيادة ملحوظة في التقلبات. فقد تجاوزت الخسائر اليومية أحيانا مستوى 5 بالمئة في بعض الأسواق الرئيسية. وتعزى تلك التقلبات بشكل أساسي إلى حالة الترقب بشأن توقيت رفع أسعار الفائدة من قبل مجلس الاحتياط الفدرالي. وقد كانت هذه المرة الاولى منذ العام 2008 التي يقوم فيها المجلس برفع الفائدة، إلا ان الاسواق أظهرت استيعابها لهذا الأمر كما أن أسعار الأسهم لم تتأثر بشكل يذكر.  
وتأثرت الأسواق أيضا خلال العام 2015 بزيادة المخاوف بشأن تراجع الاقتصاد الصيني وبعض الإجراءات غير المتوقعة من قبل السلطات الصينية. فقد شهدت الأسهم الصينية تراجعا حادّا بحلول منتصف العام الماضي ترك أثره على الأسواق العالمية، وقد جاء ذلك بعد أن شهدت الأسهم الصينية انتعاشا في أواخر العام 2014، بلغت ذروتها في مايو من العام 2015 ، حين ارتفع مؤشر شنغهاي شنزن300 CSI بواقع 107 بالمئة وذلك منذ أكتوبر من العام 2014. وجاء التراجع متأثرا ببعض البيانات التي تشير إلى ضعف الاقتصاد الصيني، وقد استطاعت الأسهم الصينية استرجاع بعض مكاسبها منهية العام بارتفاع بلغ 6 بالمئة، إلا أن بداية 2016 تبدو صعبة.
في المقابل، شهدت أسواق منطقة اليورو أداءا جيدا لتكون من بين أفضل الأسواق في العام 2015. وقد جاء ذلك على الرغم من بعض المخاوف بشأن أزمة اليونان واحتمال خروجها من منطقة اليورو. وحققت الأسهم الأوروبية أداء أفضل من الأسواق الأخرى عامة وذلك بدعم من برنامج البنك المركزي الأوروبي للتيسير الكمي إضافة إلى تراجع اليورو. وقد ارتفع مؤشر اليورو 50 بواقع 4 بالمئة (بالعملة المحلية) خلال العام.
وعلى مستوى المنطقة، استمرت أسعار النفط المتدنية بالتحكم في حركة الاسواق. فقد شهدت أسهم الأسواق الخليجية تحركات ملحوظة ومتماشية مع تحركات أسعار النفط منذ أن بدأت الأخيرة بالتراجع في منتصف العام 2014. ولم تكن تحركاتها متوازية إطلاقا، إذ ازداد الارتباط بينهما كلما سجلت أسعار النفط تراجعات حادة. وباستثناء قطاع البتروكيماويات الضخم في السوق السعودية، ليس هناك انكشاف مباشر يذكر لأسواق المنطقة على أسعار النفط، غير أنه بطبيعة الحال تبقى اقتصادات دول الخليج تعتمد على النفط بصورة كبيرة .
ويعزز تراجع أسعار النفط من المخاوف بشأن الاستدامة المالية والنمو في اقتصادات المنطقة. وقد اعلنت الحكومات الخليجية عن رغبتها بالالتزام بدعم نمو القطاع غير النفطي من خلال مواصلة تطبيق خططها التنموية والتحكم بالعجز في ميزانياتها على المدى المتوسط، إلا ان استمرار بيئة أسعار النفط المنخفضة قد يدفع إلى تأخير وتيرة الإنفاق الرأسمالي، كما من شأنه ان يعرض السيولة لبعض الضغوطات. وفي ضوء تلك الظروف، قامت السعودية بإصدار سندات في العام 2015 بقيمة 28 مليار دولار لتمويل العجز.
 كما استمرت التطورات الجيوسياسية أيضا بالتأثير على الثقة في الأسواق. فقد ازدادت المخاوف بشأن الأوضاع الأمنية بعد الاعتداءات الإرهابية في كل من السعودية والكويت. وبالرغم من أن أثر تلك الهجمات لم يظهر بصورة مباشرة في الأسواق إلا أن ثقة المستثمرين قد تأثرت بصورة عامة. (كما بدأ العام الجديد بتوتر العلاقات الدبلوماسية بين السعودية و إيران).
ولا تزال الأسواق في المنطقة تواجه ضغوطات من عوامل محلية وعوامل مختصة بالسوق. في الامارات، غالبا ما تصدرت الحركة التصحيحية لأسواق العقار العناوين الرئيسية. وفي قطر، استمرت أيضا المخاوف من الاحتمال الضعيف بسحب استضافتها لبطولة كأس العالم في العام 2022. أما في الكويت، فقد قامت بعض الشركات بطلب إلغاء إدراجها في السوق بسبب تراجع السيولة إلى أقل من مستوياتها التاريخية وتراجع نشاط تداول الأسهم غير أن معظم هذه الشركات صغيرة وذات تأثير محدود على القيمة السوقية.  وقد شهدت أسواق الخليج بعض المحطات الايجابية إلا انها حُجبت نوعا ما بسبب التقلبات التي طرأت على الأسواق. فقد فتحت السعودية السوق في يونيو للشراء المباشر للمستثمرين الأجانب المؤهلين فقط. ومن المفترض أن يترك هذا التطور أثرا على أداء السوق السعودية إضافة إلى تطورات أخرى كإدراج الأسهم السعودية في المؤشرات العالمية والتوسع في سياسة التداول والشراء. واستفادت قطر أيضا من زيادة اهتمام المستثمرين الأجانب في البورصة القطرية بعد رفع تصنيفها في أواخر الربع الثالث من العام 2015 إلى الأسواق الناشئة من قبل مؤشر FTSE. وفي الكويت أصدرت هيئة أسواق المال التعديلات النهائية للوائحها في أواخر العام والتي من المفترض أن تكون خطوة إيجابية لسوق الأسهم.
وقد أنهت جميع أسواق دول مجلس التعاون الخليجي العام بتسجيل تراجع. فقد سجلت كل من سوق السعودية ودبي تراجعا بلغ بالمئة17 لكل منهما، و ذلك على رغم من الأداء القوي للسوق السعودية في مطلع العام نتيجة قرار فتح السوق للمستثمرين الأجانب، الا أن التراجع المستمر لأسعار النفط أثر في سوق الأسهم. ومع امتلاك سوق دبي لأكبر قاعدة من المستثمرين الأجانب فإنها بطبيعة الحال أكثر عرضة للتأثيرات والعوامل العالمية بما فيها أسعار النفط وتحركاتها. كما سجلت كل من أسواق قطر وعمان والبحرين تراجعا بواقع 15 بالمئة في العام 2015. وتراجع المؤشر الوزني لسوق الكويت للأوراق المالية بواقع 13 بالمئة خلال العام. بينما جاء أداء مؤشر سوق أبوظبي الأفضل مقارنة بالبقية متراجعا بواقع 5 بالمئة.    شهدت سيولة الأسواق تراجعا في العام 2015 وقد تواجه الأسواق المزيد من الضغوطات على مستويات السيولة في الأشهر القادمة. ومن المتوقع أن تتضاءل السيولة في أسواق الأسهم لا سيما بعد أن اتجهت البنوك نحو الأسواق ذات الدخل الثابت لإصدار السندات وفق برنامج «بازل 3». كما من المتوقع أيضا أن يصبح الاستثمار في أسواق الدخل الثابت أكثر جاذبية مع بدء ارتفاع أسعار الفائدة فيها في أواخر ديسمبر بتأثير من ارتفاع أسعار الفائدة الفيدرالية.
 من المتوقع أن تستمر العوامل الإقليمية والعالمية بالتأثير على حركة أسواق المنطقة، وسيترتب على البيانات القادمة من الاقتصادات الرئيسية العديد من التطورات بشأن أسعار النفط والتوقعات الاقتصادية. وستستمر التطورات الجيوسياسية في لعب دور أساسي خصوصا في ضوء التطورات الأخيرة بين السعودية و إيران. وقد بدأت أسواق الأسهم الصينية العام الجديد مسجلة خسائر بلغت 7 بالمئة في أول جلستين من العام متأثرة بإعلانات سلبية لبعض المؤشرات الاقتصادية. و ويبدو أن العديد من الاسواق تأثرت بأداء الأسواق الصينية. اما بالنسبة لسواق المنطقة، فإنها تتطلع إلى الخطط الحكومية للإنفاق و لإصلاح المالي خلال العام القادم استعدادا لأي تطورات قد تطرأ على نمو الاقتصاد غير النفطي في دول مجلس التعاون الخليجي.