الكاتب : سعود عبدالقادر الاحمد

 
عبارة تتردد دائما على ألسنة الجميع، ولكن الكثير لا يعلم معناها الحقيقي، وفي العصر الحديث، أول من أخذ بهذه العبارة هو الفيلسوف الفرنسي "مونتسكيو" في عام 1748 م، وكان يريد الفصل بين السياسة والقانون، فبدأ يتكلم بروح القانون. 
فإن الفقهاء مجمعون على أن للشريعة مقاصد، وهي بمثابة روح التشريع، وروح القانون تؤخذ بالتيسير كقول الرسول  "لا ضرر ولا ضرار"، فحكم القانون ليس لإيذاء الفرد، ولكن لتهذيبه لبناء القيم والأعراف الحسنة في المجتمع العادل، وقال تعال: {يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْر}، 
مونتسكيو أول من كتب عن ضرورة تفسير القوانين بشكل عادل وواضح، وأول من كتب بتفاصيل عن مبدأ فصل السلطات، وضرورة الفصل بين السلطة التشريعية المسؤولة عن سن القوانين، والقضائية المسؤولة عن تطبيق القوانين، والتنفيذية التي واجبها تنفيذ أحكام القضاء، وكانت نظرية مونتسكيو ان القوانين دائما ترتكز وتتبع الواقع المجتمعي وليس العكس، وأن القوانين لا تشكل المجتمعات بل أنها تصدر عن حاجة هذه المجتمعات لها.
وبالرغم من كل القوانين الجامدة التي طبقت بالمحاكم، الا ان دائما كان في وسطها حاجة اسمها (روح القانون)، فإذا تحاكمت بروحه فقط، فمن الممكن أن لا يكون الحكم للقانون عادل، ولو تحاكمت بالقانون فقط، فيمكن أن لا يكون الحكم بروح القانون عادل، وعلى سبيل المثال، إذا أسرع شخص بالمركبة لأنه تأخر عن موعد حفلة، يختلف حاله تماما عن الشخص الذي أسرع بالمركبة لأن زوجته حامل، وأوشكت على وضع مولودها، وللقاضي هنا السلطة التقديرية، فإن طبقنا القانون فقط لتجاوزهم السرعة، فالحكم سيكون نفسه بالرغم من اختلاف الأعذار في الحالتين، وإن طبقنا القانون وروحه، فحتما ستختلف الأحكام بمراعاة العذر للحالات الإنسانية. 
فإن تحدثنا عن روح القانون، فنحن نتكلم عن تطبيق المقاصد منه او لماذا وضع هذا القانون، ومن الذي يطبق القانون فعليا؟ ولا شك هو الموظف العام، والمعضلة ليست بالقانون، بل بفهم مقاصد القانون وتطبيقه، ومثال على ذلك، في الجمهورية اللبنانية، قبل عدة سنوات قامت القاضية المسيحية “جوسلين متى" بإصدار حكما على شبان مسلمين، دخلوا الكنيسة وأساءوا لتمثال "السيدة مريم العذراء"، وكان الحكم بحفظهم سورة "آل عمران" كشرط لإطلاق سراحهم، والفائدة من الحكم ليعرفوا كيف ذكرها القرآن الكريم وكيف كرمها، وليتعلموا التسامح بين الأديان وعدم ازدرائها، وبعد أن حفظ الشبان الآيات القرآنية، باشرت بإطلاق سراحهم، فالقانون مدرسة وليس سجنا فقط. 
خارج النص:
ابارك لأخواتنا ترقيتهم كقضاة، ولأول مرة في التاريخ الكويتي الخليجي يتم تعيين امرأة بهذا المنصب العظيم، وهي خطوة مهمة ومباركة نحو الإيمان بقدرات العنصر الكويتي، المرأة الكويتية أثبتت جدارتها وكفاءتها في شتى المجالات العلمية والعملية، ونراها اليوم تسطر أروع الأمثلة في الإنتاجية والإنجاز والإبداع الوظيفي، ونتمنى المضي قدما بخطة إحلال العمالة الوطنية في معظم قطاعات الدولة.