أكد رئيس لجنة الميزانيات والحساب الختامي عدنان عبد الصمد أن اللجنة اجتمعت لمناقشة الإطار العام لميزانية الوزارات والإدارات الحكومية للسنة المالية 2016/2017 بحضور نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير المالية ووزير النفط بالوكالة أنس الصالح ، وبينت اللجنة أن الإطار العام لميزانية السنة المالية الجديدة لا تعكس بتاتا ما نبه عليه سمو الأمير من ضرورة ترشيد الانفاق ، موضحة أن المصروفات لم تخفض إلا بـ (مائتي وتسعة وسبعين مليون دينار فقط) ليستقر سقف تقديراتها على (ثمانية عشر مليارا وتسعمائة مليون دينار) في ظل تراجع حاد للإيرادات الإجمالية للدولة لتبلغ تقديراتها نحو (سبعة مليارات وأربعمائة مليون دينار) ، تشكل الإيرادات النفطية منها 77% (خمسة مليارات وسبعمائة مليون دينار) على أساس 25 دولارا للبرميل وبسعر صرف 301 فلس للدولار وحجم انتاج مقدر بـ (مليوني وثمانمائة ألف) برميل يوميا.  وأوضحت اللجنة أن ما طرأ على الميزانية الجديدة من تخفيضات لم يكن إلا نتيجة ارتباط تلك العناصر المُخفضة بأسعار النفط مباشرة كدعمي (وقود تشغيل المحطات) و (المنتجات البترولية المكررة والغاز المسال) ولا فضل لأحد في تخفيضها نهائيا ، في حين أن الإنفاق الجاري للجهات الحكومية ما زال على وضعه الحالي ولا يكاد يلامس الخفض فيه الـ 0.5% (نصف بالمئة) ، بل ولم تشهد كثيرٌ من بنوده أي ترشيد حقيقي عليها ، ومنها على سبيل المثال لا الحصر انخفاض بند (المهمات الرسمية في الخارج) من 46 مليونا إلى 44 مليون دينار وارتفاع تكلفة استهلاك مباني الأجهزة الحكومية من الكهرباء والماء من 20 مليونا إلى 40 مليون دينار !!
 وعلى النقيض من ذلك ، شهد الإنفاق الرأسمالي والمتمثل في الصرف على المشاريع الإنشائية تراجعا ملحوظا بنسبة 12% مما يعكس تخبطا في التخطيط ، والمفترض أن تكون هذه الميزانية الجديدة مدخلا جادا للإسراع في إنجاز الكثير من المشاريع المستحقة منذ زمن بعيد ومنها على سبيل المثال لا الحصر إنشاء منشآت صحية متكاملة لترشيد فاتورة العلاج بالخارج والتي وصلت إلى 441 مليون دينار في الحساب الختامي الأخير ، خاصة وأن ديوان المحاسبة قد أوضح عن وجود 80 مشروعا إنشائيا في الحساب الختامي الأخير و 181 مشروعا تطويرا في خطة التنمية لم يتم الصرف عليها نهائيا مما ترتب عليه عدم تحقيق الأهداف المرجوة منها.
ومن واقع البيانات المالية للميزانية الجديدة ، ترى اللجنة أن القفزة الكبيرة في عجز الميزانية القادمة والمقدر بـ 12 مليار دينار يجب أن يُقلص من داخل الميزانية نفسها من خلال خطوة جريئة وجادة تتمثل في إعادة هيكلة الأجهزة الحكومية المتضخمة والمتشعبة والتي وصلت إلى 64 جهة حكومية وباتت تتشابه وتتشابك أدوارها ، هذا بخلاف برامج مجلس الوزراء التي وصلت إلى 9 برامج إضافة إلى 18 مكتبا ولجنة ، حتى وصلت تكلفة التمويل الحكومي لتلك الهيئات إلى ما يقارب الـ (أربعة مليارات دينار) مما زاد من صعوبة وتعقيد الوضع أكثر من ذي قبل.
كما أشارت اللجنة الى أن الميزانية المقترحة للسنة الجديدة لم تُحط بكافة الالتزامات المالية المحتملة ومن أبرزها العجز الاكتواري الأخير للمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية والمقدر ما بين 5 إلى 8 مليارات دينار والتي ارتأت وزارة المالية في السنة السابقة تأجيله على أمل تحسن الظروف الاقتصادية ، وعلما أن تأجيل سداده قد يزيد الفوائد المترتبة عليه.
وأما فيما يخص الدعومات والمقدرة نحو (ملياري وثمانمائة مليون دينار) فإنها وحسب الميزانية المرسلة لم تمس بعد ولم يتم رفع الدعم عن أسعار الكهرباء والماء والبنزين إلى حين الوصول إلى اتفاق نيابي وحكومي في هذا الملف لاحقا.
وإزاء هذا الوضع ، وستنظر اللجنة في اجتماعها المقبل آلية جديدة لخفض سقف الإنفاق الحكومي في الميزانية الجديدة بنسبة لا تقل عن 20% لجميع الجهات الحكومية دون استثناء وأن تنسق تلك الجهات مع وزارة المالية وأي جهة حكومية لا تتعاون في هذا المجال فإن اللجنة ستقوم بتخفيضها مباشرة ، خاصة أن العجز سيظل موجودا طالما كانت أسعار النفط أقل من نقطة التعادل في الميزانية والمقدرة بـ 65 دولارا وذلك بعد استقطاع نسبة احتياطي الأجيال القادمة مما يتطلب ترشيدا حقيقيا.
ونشد على أيدي سمو رئيس مجلس الوزراء الذي بين صراحة أن «أي مسؤول غير قادر على تطبيق سياسة ترشيد الانفاق ووقف الهدر ستنهى خدماته وابعاد المقصرين منهم ولا مكان لهم بيننا» فالجميع الآن على المحك.
 وتشير اللجنة أن أولى خطوات إصلاح مسار مالية الدولة العامة تبدأ بالرجوع إلى ما نبهت عليه اللجنة مرارا طوال السنوات الـ 15 ماضية حيث أنها ومنذ السنة المالية 2011/2002 وحتى تاريخه قد وجهت 559 توصية في ميزانيات الجهات الحكومية.