اتفق عدد من الطهاة الكويتيين على أن المائدة الكويتية الرمضانية حافظت على أطباقها الشعبية ومكوناتها من مقبلات وحلويات على مدى عقود بالرغم من تطورها شكلاً ومضموناً ودخول أطباق شرقية وغربية عليها.
 وقالت الشيف منيرة الحاي لـ (كونا) أمس: إن المائدة الرمضانية الكويتية لا زالت تحتوي على أطباق رئيسية كانت تقدم منذ حقبة ما قبل النفط وأخرى دخلت منذ ستينيات القرن الماضي واستمرت إلى الوقت الحاضر مع دخول أصناف وأطباق مستحدثة.
 وأوضحت الحاي أن الأطباق الكويتية مثل (الهريس) و(الجريش) ووجبات الأرز مثل (المجبوس) هي أطباق قديمة جداً في البيت الكويتي وتقدم على مدار العام لكنها تزدهر على المائدة الرمضانية.
 وأفادت أنه مع حقبة الازدهار النفطي دخلت أطباق جانبية أخرى في أواخر خمسينيات القرن الماضي وعقد الستينيات ثم السبعينيات كالسلطة الخضراء التقليدية والمقالي مثل السمبوسة والكبة وشوربة الخضار والعدس والشعيرية وحلويات الجلي والمحلبية وبعض أنواع المشروبات الباردة المحلاة (الشربت) واستمرت هذه المقبلات وأصبحت أساسية ضمن المائدة الكويتية في الشهر الفضيل.
 وبينت أن التطور طال بعض هذه الأصناف، فأصبحت متنوعة فعلى سبيل المثال كانت المقليات التي تؤكل على وجبة الإفطار مثل الكبة والسمبوسة تقتصر على أنواع وحشوات قليلة ومع السنين أصبحت أنواعها كثيرة ومتعددة نظراً لتطور المائدة والأطباق عالمياً واحتكاك الحضارات والشعوب وتواصلها خصوصاً مع دخول العالم الرقمي والقنوات التلفزيونية الفضائية في كل بيت.
 وأشارت الحاي إلى استمرار تواجد أصناف الحلويات القديمة على السفرة الرمضانية الحديثة مثل (اللقيمات) و(صب القفشة) و(الجلي) و(الكسترد) لكنها تطورت من حيث الأصناف والنكهات والمكونات والإضافات والتطعيمات إضافة إلى دخول أنواع أخرى من الحلويات سواء العربية أو الغربية.
 وذكرت أن أصناف (الشربت) القديمة حافظت على تواجدها على المائدة الرمضانية وأهمها (الفيمتو) و(البيذان) و(البرتقال) رغم دخول أنواع وأصناف كثيرة جداً من العصائر والمشروبات، مشيرة إلى أن غنى السفرة الكويتية في الماضي جعلها تستمر بما كانت تحويه من مكونات رغم الحداثة والتطور.
 ونوهت الحاي بتفاني المرأة الكويتية في إعداد المائدة الرمضانية لأسرتها خصوصا في الماضي، حيث كانت تعد كل شيء في منزلها بما في ذلك منتجات الألبان والحلويات وغيرها، إذ لم تكن تشتريها بل تصنعها ما أعطى للأطباق نكهة مميزة يمتاز بها كل بيت.
 وقالت: إنه ومع تطور الزمن والحداثة وانشغال المرأة بالعمل دخلت الأطباق والوجبات المعدة في المطابخ والمطاعم إلى السفرة الكويتية في شهر رمضان.
 ومن جانبه قارن الشيف سامي الشريدة في تصريح مماثل لـ (كونا) ما بين المائدة الرمضانية قديماً وحديثاً في الكويت قائلاً: إن شكل البيوت وتصميمها في الماضي يجعلان الصائم خلال النهار “يتذوق” الأطعمة بمجرد المرور على البيوت عبر حاسة الشم التي تكون قوية خلال فترة الصيام ما يعني أن ربّات البيوت كن يعددن كل شيء في المطبخ المفتوح على بهو المنزل وتتناقله الرياح عبر (الفريج).
 وأوضح الشريدة أن فترة الستينيات شكلت هوية للمائدة الرمضانية المتعددة الأصناف، إذ ضمت إلى جانب الأطباق الرئيسية المشهورة كأطباق الأرز والهريس والجريش و(التشريب) أصنافاً أخرى من المقبلات والمقالي والحلويات والشوربات.
 وذكر أن الناس كانوا يبتعدون عن المأكولات البحرية لأنها كانت متوفرة طوال العام وبأسعار رخيصة بعكس اللحوم الحمراء والدواجن وبالتالي، فإن الصائمين كانوا يستمعون بأكلها على وجبة الإفطار الرمضانية.
 وقال: إن المأكولات الكويتية كانت تختلف وفقاً لليوم والموسم فأطباق وجبة الإفطار تختلف عن (الغبقة) أو وجبة السحور وتختلف في بداية رمضان عن أيامه الأخيرة أو أيام العيد كما أنها تختلف نسبياً إن كان شهر رمضان يقع في الصيف أو الشتاء لكنها في جميع الأحوال كانت تضم أصنافاً لا تزدهر السفرة إلا بها ومنها أنواع الكبب والسمبوسة والحلويات مثل (المحلبية) و(الجلي) وأنواع (الشربت).
 واعتبر أن تطور المائدة الرمضانية أمر طبيعي مع عمل المرأة وتطور الأجهزة المنزلية وانتشار المطابخ التي تعد الأطعمة الرمضانية مثل الهريس و(خبز العروق) والسمبوسة وأنواع الكبب المختلفة وحتى أطباق الأرز الشهية مثل (المجبوس) و(المربين) و(المشخول) وغيرها.
 وأضاف “كما أن التطور التقني جعل من التواصل في شتى المجالات ومنها الطبخ أمراً يسيراً جعل من سفرة الطعام مائدة عالمية تضم أنواعاً كثيرة من الأصناف التي تعد على مدى الشهر المبارك إلا أنها ظلت تحتفظ بطابعها المحلي الذي اكتسبته على مدى عقود من الزمن”.
 واعتبر الشريدة أن كل شيء في الدنيا لا بد أن يتطور وهذا أمر جُبلت عليه البشرية ومنها تطور شكل الحياة في الكويت وما رافقها من مظاهر بسبب العولمة والتطور التكنولوجي ومنها النهار الرمضاني والليلة الرمضانية وما يرتبط بها مثل أنماط الغذاء كشكل السفرة وأصنافها وطرق إعدادها وحتى طريقة تناول الوجبات.
 وقال: إن بعض من عاشوا الأجواء الرمضانية في الماضي قد يرون على أنها أفضل من الحاضر من الناحية الاجتماعية ونمط الحياة كالاستعداد لدخول الشهر الكريم وأجواء منتصفه مثل (القرقيعان) والتأهب لاستقبال عيد الفطر إلا أنه يبقى للمائدة الرمضانية تميزها عن بقية شهور السنة سواء في ماضي الكويت او حاضرها.
 ومن جهتها قالت كبير مساعدي طهاة تنفيذي في شركة (كاسكو) الشيف شيخة المحمد لـ (كونا): إن السفرة الكويتية في شهر رمضان شهدت إضافات بعد أن كانت بسيطة في السابق، إذ كانت تحتوي على التمر والشوربة و(التشريب) وطبق الأرز.
 وأوضحت أن الإضافات تتمثل في زيادة المقليات والمقبلات مثل السمبوسة وأنواع الكبب والمعجنات والشوربات والسلطات، مشيرة إلى تفنن المرأة الكويتية في عمل هذه الإضافات خصوصاً السلطات التي تعد إضافة صحية لم تكن موجودة في الماضي، كما أن الشوربة المتوفرة في الماضي كانت شوربة العدس، أما في الوقت الحاضر زادت الأنواع وأصبحت ربة المنزل تتفنن في إدخال شوربات من كل مطبخ عالمي.
 وقالت المحمد: إن طبق (التشريب) كان يعد طبقاً رئيسياً في الماضي، أما الآن فقد أصبح طبقاً جانبياً إضافة إلى تقديمه بطرق متنوعة كما أن البعض غير مفهومه للأكل الرمضاني من مأكولات دسمة وثقيلة إلى أخرى خفيفة وصحية فمثلاً تم استبدال القلي بالزيت إلى القلي بجهاز التسخين الهوائي.
 وأضافت “أما الحلويات فهناك حلويات شعبية قديمة ما زالت مفضلة حتى اليوم مثل (اللقيمات) و(صب القفشة) و(المحلبية) إلا أنها أصبحت بنكهات وطرق مستحدثة.
 وتطرقت إلى استحداث مشروبات أخرى غير تقليدية منها (الموهيتو) وإضفاء الصبغة الرمضانية عليه فتم استحداث (موهيتو البيذان) و (موهيتو قمر الدين) إضافة إلى عصائر الفاكهة وصبغها بنكهات رمضانية مثل (شربت البيذان) في عصير البطيخ.
 وقالت: إن ذلك يدل على تطور المائدة الرمضانية الكويتية خصوصاً في السنوات الأخيرة بالرغم من وجود أصناف تقليدية أو شعبية معروفة منذ عقود في الكويت والخليج ولا زالت مطلوبة ومرغوبة على الموائد الرمضانية.
 وأشارت المحمد إلى تناقص حجم الأطباق الرئيسية المحلية المعتمدة على الأرز على السفرة الكويتية في رمضان مثل طبق (مجبوس اللحم) و(مجبوس الدجاج) واستبدالها بأطباق عالمية يقبل عليها جيل الشباب مثل الستيك والهمبورغر.