أولى الإسلام المرأة اهتمامًا كبيرًا ونظر إليها نظرة تكريمٍ واعتزازٍ، فالمرأة في الإسلام هي الأم والأخت والابنة والعمة والخالة والجدة والزوجة شريكة الرجل في تحمل مسؤوليات الحياة، وقد كلَّفها الله مع الرجل في النهوض بمهمة الاستخلاف في الأرض، وتربية الأبناء وتنشأتهم تنشئة سوية، وجعلها على درجة واحدة مع الرجل في التكريم والإجلال.
ويؤمن المسلمون بأن الإسلام قد أعطى المرأة حقوقها بعد أن عانت في الجاهلية (ما قبل الإسلام) من ضياعها والتي من أهمها الحق في الحياة.
ويتفق علماء الدين المسلمين إلى حد كبير على أنه في بداية الإسلام وتحديدًا في أوائل القرن السادس الميلادي، وسَّع النبي محمد صلى الله عليه وسلم حقوق المرأة لتشمل حق الميراث والتملك والزواج والنفقة وحقوقًا أخرى.
كما نهى النبي محمد عن الإساءة للنساء وأمر بمعاملتهن بالحسنى والرحمة فقال في حجة الوداع: «استوصوا بالنساء خيرًا، فإنهن عندكم عوان لا يملكن لأنفسهن شيئًا، وإنكم إنما أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمات الله، فاعقلوا أيها الناس قولي».
وفي صحيح الترمذي  يقول النبي محمد صلى الله عليه وسلم: (أَكْمَلُ المؤْمِنين إيماناً أحْسَنُهم خُلُقاً، وَخِياركم خيارُكم لِنِسائهم). ويقول النبي محمد صلى الله عليه وسلم أيضا:(اللَّهُمَّ إِنِّي أُحَرِّجُ حَقَّ الضَّعِيفَيْنِ الْيَتِيمِ وَالْمَرْأَةِ) أي عاملوهما برفق وشفقة، ولا تكلفوهما ما لا يطيقانه، ولا تقصِّروا في حقهما الواجب والمندوب.
كما يذكر التاريخ أيضا أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم وقبل وفاته بأيام قليلة خرج على الناس وكان مريضًا بشدة وألقى آخر خطبة عليهم فكان من جملة ما قاله وأوصى به: «أيها الناس، الله الله في الصلاة، الله الله في الصلاة». بمعنى أستحلفكم بالله العظيم أن تحافظوا على الصلاة، وظل يرددها إلى أن قال: «أيها الناس، اتقوا الله في النساء، اتقوا الله في النساء، اوصيكم بالنساء خيرا».
 
 

- تمنت أن تنال شرف الزواج بالرسول وروت عنه 13 حديثاً
- قالت أخرجونى من مكة فإنى لا أموت بها كما أخبرني الرسول
 

 
 
أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث آخر زوجات الرسول محمد.
أبوها: الحارث بن حزن بن بجير بن هزم بن رويبة بن عبد الله بن هلال بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.
أمها: هند بنت عوف بن زهير بن حماطة بن جرش بن أسلم بن زيد بن سهل بن عمرو بن قيس بن معاوية بن جشم بن عبد شمس بن وائل بن الغوث بن حيدان بن قطن بن عريب بن زهير بن الغوث بن أيمن بن الهميسع بن حمير بن سبأ بن يشجب بن بن يعرب بن قحطان. التي توصف بأنها أكرم عجوز في الأرض أصهاراً.
فهند بنت عوفٍ هذه أم كل من: أم المؤمنين زينب بنت خزيمة الهلالية زوج النبي محمد .
أسماء بنت عميس الخثعمية، تزوجت من جعفر بن أبي طالب، ثم تزوجها أبي بكر الصديق ثم تزوجها علي بن أبي طالب.
سلمى بنت عميس الخثعمية، زوج حمزة بن عبد المطلب.
أم الفضل لبابة الكبرى بنت الحارث الهلالية، زوج العباس بن عبد المطلب.
لبابة الصغرى بنت الحارث الهلالية، زوجة الوليد بن المغيرة وأم خالد بن الوليد
السيدة ميمونة بنت الحارث زوجة النبى محمد صلى الله عليه وسلم ، كانت آخر من تزوج الرسول، وعرفت بالعبادة واشتهرت بالزهد، قالت عنها أم المؤمنين السيدة عائشة -رضى اللَّه عنها-: «إنها كانت من أتقانا للَّه وأوصلنا للرحم».
جاهدت في سبيل اللَّه واشتركت في معركة تبوك تنقل إلى المجاهدين الماء والزاد، وتسعف الجرحى، وتداوى المرضي، وتضمد جراحهم، وقد أصابها يومئذٍ سهم من سهام الكفار، لكن عناية اللَّه حفظتها.
إنها أم المؤمنين السيدة ميمونة بنت الحارث الهلالية، إحدى الأخوات الأربع اللائى سماهن نبى اللَّه ( الأخوات المؤمنات، وهن: أم الفضل زوج العباس عم النبي (، وأسماء بنت عُمَيْس زوج جعفر بن أبى طالب، وسَـلْمَى بنت عُميس زوج حمزة بن عبد المطلب عم النبي (، وميمونة بنت الحارث زوج النبي (. وكانت أمهن هند بنت عوف أكرم عجوز في الأرض أصهارًا، فقد تزوج النبي ( ابنتيها: زينب بنت خزيمة، وميمونة بنت الحارث.
وقد تزوجت السيدة ميمونة -رضى الله عنها- مرتين قبل زواجها بالنبى (، فقد تزوجها مسعود بن عمرو بن عمر الثقفي، فلما توفى تزوجها أبو رهم بن عبد العزى بن أبى قيس، ولما توفى كانت زوجًا لرسول الله(.
وكانت السيدة ميمونة -رضى الله عنها- تعرف باسم “بَرَّة” فسماها النبي ( ميمونة، لأنه تزوجها في يوم مبارك -يوم عمرة القضـاء-، وكان عـمرها حينــئـذ ستّـا وعشرين سنـة. 
وكانت -رضى الله عنها- مؤمنة تحب الله ورسوله، وتتمنى أن تنال شرف الزواج برسول الله (، وتكون أمَّا للمؤمنين.
 
 
زواجها من النبي
 
وفى السنة السابعة للهجرة -وبعد صلح الحديبية- كانت عمرة القضاء، فقد جاء النبي ومعه المسلمون لأداء العمرة في العام السابق فمنعهم المشركون، فوقَّعوا صلحًا، على أن يعودوا لأداء العمرة في العام المقبل، وأن تكون مدة العمرة ثلاثة أيام، ولما جاءوا لأداء العمرة -فى السنة السابعة من الهجرة المباركة- أخذت ميمونة تحدث شقيقتها أم الفضل -رضى الله عنها- عن أمنيتها في أن تكون زوجًا للنبى وأمَّا للمؤمنين، فاستبشرت أم الفضل خيرًا وحدّثت زوجها العباس عم النبي ( بذلك ،فذكرها العباسُ للنبى (، فوافق على زواجه منها، فكان ذلك إعزازًا وتقديرًا وشرفًا لها، وتعويضًا لها عن فقد عائلها، فأصدقها النبي ( أربعمائة درهم، وكان قد بعث ابن عمه جعفرًا -زوج أختها أسماء- يخطبها، فلما جاءها الخاطب بالبشرى - وكانت على بعير- قالت: البعير وماعليه لرسول اللَّه، وجعلت العباس وليها في أمر الزواج.
وفى رواية أن ميمونة هي التي وهبت نفسها لرسول اللَّه ( فأنزل اللَّه تعالي: (وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ)[الأحزاب: 50].
ولما قاربت مدة العمرة التي اتفقوا عليها -الأيام الثلاثة- طلب النبي ( من مشركى مكة أن يمهلوه وقتًا حتى يتم الزواج بميمونة، فقال لهم: “ما عليكم لو تركتمونى فأعرست بين أظهركم، وصنعنا لكم طعامًا فحضرتموه” [ابن سعد وابن عبد البر]. فرفضوا، ومع إيمان الرسول ( بنصر اللَّه إلا أنه أبى إلا أن يفى بوعده معهم، وخرج ( حتى اقترب من مكان يسمى سَرف يبعد عن مكة بعشرة أميال، فأتمّ زواجه من ميمونة، وكان ذلك في شهر ذى القعدة سنة سبع من الهجرة.
 
 
وفاتها وموضع قبرها
 
 
عاشت ميمونة -بعد ذلك- مع النبي (تحيا بين جنبات القرآن، وروت -رضى اللَّه عنها- ثلاثة عشر حديثًا.
ولما حانت منيتها في عام الحرة سنة ثلاث وستين، وكانت بمكة، وليس عندها أحد من بنى أخيها، قالت: أخرجونى من مكة، فإنى لا أموت بها، إن رسول اللَّه (أَخْبَرَنى أنى لا أموت بمكة فحملوها حتى أتوا بها (سرف) - عند الشجرة التي بنى بها رسول اللَّه فتوفيت هناك، وعمرها حينئذ 81 سنة، وحضر جنازتها ابن عباس -رضى اللَّه عنهما- وغيره من الصحابة.
فعن عن يزيد بن الأصم قال: «دفنا ميمونة بسرف في الظلة التي بنى بها فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد كانت حلقت في الحج. نزلت في قبرها، أنا وابن عباس.»، وكان ذلك في خلافة يزيد سنة إحدى وستين ولها ثمانون سنة.
 
 

انتشرت فيها جيوش الإسلام في كل أنحاء الجزيرة

السنة السادسة من الهجرة .. جهادية من الدرجة الأولى

 
 
تميزت سنة السادسة من الهجرة بأنها كانت سنة جهادية من الدرجة الأولى، انتشرت فيها جيوش الإسلام في كل أنحاء الجزيرة العربية تقريبًا، وتمت فيها عشرون حملة عسكرية، ويعني هذا أن هناك حملة عسكرية كل عشرين يوم، كان منها سبع عشرة سرية بقيادة الصحابة ، وثلاث غزوات بقيادة محمد صلى الله عليه وسلم ، ومع أن هذه الغزوات والسرايا بصفة عامة لم تكن من المعارك الضخمة إلا أن تأثيرها كان عميقًا على أهل الجزيرة سواء من المسلمين أو المشركين أو اليهود أو المنافقين أو الأعراب.
 
 
آثار الغزوات والسرايا
 
 
تحسن الوضع الأمني للمسلمين في الجزيرة العربية سواء في المدينة المنورة أو في القبائل المسلمة في أي مكان، أو حتى للمسلمين العابرين، أو المسافرين من مكان إلى مكان، فقد أصبح للمسلمين هيبة عظيمة في قلوب الجميع.
تحسن المستوى العسكري والأداء القتالي للمسلمين تحسنًا ملحوظًا، فهذه كانت دورات عسكرية تدريبية عملية تختلف كثيرًا عن التعليم النظري، وتختلف حتى عن التدريب الاصطناعي غير الواقعي. وسيظهر أثر هذه التدريبات المكثفة على مستقبل الجيش الإسلامي في المعارك اللاحقة كخيبر ومؤتة وفتح مكة حُنين والطائف وغيرها.
تحسن الوضع الاقتصادي للدولة الإسلامية؛ وذلك نتيجة لعدة عوامل منها الاستقرار الأمني الذي يشجع المناخ التجاري، ومنها العلاقات المنتشرة للمسلمين في كل مكان، ومنها كثرة الغنائم من السرايا والغزوات، ومنها اعتماد المسلمين تجاريًّا على أنفسهم بعد قطع العلاقات التجارية مع اليهود.
أقام المسلمون علاقات دبلوماسية قوية مع الكثير من موازين القوة في الجزيرة العربية، سواء على المستوى القبلي أو على مستوى الأفراد الزعماء، فعلى سبيل المثال أقام المسلمون علاقات دبلوماسية قوية مع قبائل بني المصطلق، وبني كلب في دومة الجندل، وكذلك مع بعض الزعماء الكبار أمثال ثمامة بن أثال.
في مقابل هذه العلاقات حدث تفكك ملحوظ في علاقات قريش بكثير من القبائل العربية، فالقبائل التي عقدت علاقات مع المسلمين فقدتها قريش، وآثرت أكثر القبائل أن تبقى على الحياد، فلا هي مع قريش ولا هي مع المسلمين، وهذا انتصار للمسلمين؛ لأن قريشا مع ما لها من تاريخ وقوة وسيادة لم تعد مقنعة لعموم القبائل العربية كحليف، وهذا -لا شك- سيكون له بُعد مهم في صلح الحديبية القادم.
شعرت قريش بالقلق الشديد نتيجة نمو الدولة الإسلامية بهذه الصورة وأحست أن المسلمين قادرون على تهديدها في عقر دارها، ورأينا اقتراب سرية إسلامية خرجت أثناء غزوة بني لحيان من صدور مكة المكرمة، ومحاولة اغتيال أبي سفيان. ولا شك أن هذا وغيره كان له أثر كبير على الحالة النفسية للقرشيين جعلهم يشعرون أن البساط يسحب من تحت أقدامهم، وأن الأيام القادمة ليست لهم، وهذا -لا شك- سيكون له أثر واضح في تحديد بنود صلح الحديبية.
نتيجة التقدم الإسلامي الملموس، والتأخر القرشي الواضح ارتفعت معنويات المسلمين جدًّا وزادت ثقتهم بأنفسهم، وهذا سيعطيهم القدرة على الانطلاق إلى قرارات جريئة تكون لها تبعات كبيرة ولن يقف أمام أحلامهم أحد، بل إننا سنشاهد مواقف لعلها لم تكن تخطر أصلاً في أحلام المسلمين.
نتيجة هذا المستوى الإسلامي المتميز سارع المنافقون بكتم نفاقهم، ومن كان يجاهر بالسوء أيام الأحزاب فإنه الآن يداهن ويتخفى، وليس معنى ذلك أنهم سيكفون عن أذاهم، ولكن معناه أنهم سيكيدون كيدهم بحذر أكثر وحرص أعظم، وهذا قد يضاعف من خطرهم، وما أحداث غزوة بني المصطلق بخافية على أحد، فهم دبروا هذه الفتنة التي حدثت بها في الظلام دون أن يجهروا بشيء، بل إنهم عندما سئلوا مباشرة عن هذه الأحداث أنكروها وحلفوا بالله تعالى ما قالوا. ولا شك أن فتنة المنافقين ستزداد كلما ازدادت قوة الدولة الإسلامية، وستتفاقم هذه الفتنة بعد ثلاث سنوات، وأثناء غزوة تبوك.
ضعفت قوة اليهود إلى حد كبير، فقد قتل أكابرهم بدءًا بحيي بن أخطب وسلام بن مشكم أثناء غزوة بني قريظة، ومرورا باغتيال الزعيمين الجدد سلام بن أبي الحقيق واليسير بن رزام، ثم إنهم قد هوجموا في وادي القرى وفدك وهددوا تهديدًا خطيرًا، وفوق ذلك فقد فقدوا الكثير من أحلافهم في الجزيرة العربية بعد الحملات الإسلامية المتكررة هنا وهناك، فلقد كانت هذه الحملات بمنزلة تقطيع الأوصال ليهود خيبر تمهيدًا للقاء فاصل يريح الناس من أذى اليهود.
نتيجة هذه الحملات العسكرية هنا وهناك سمع أهل الأرض بهذا الدين الجديد وهذه الدولة الإسلامية الحديثة، وتحولت الدعوة من المحلية إلى العالمية ومن الجزيرة العربية إلى القارات المختلفة، ومن العرب إلى كل أجناس الأرض والعناصر، وسوف يكون لهذا أثر في الخطة المستقبلية للدولة الإسلامية، وبخاصة بعد صلح الحديبية، وسيبدأ محمد صلى الله عليه وسلم في مراسلة زعماء العالم أجمع والذين سمعوا عن هذه الدولة في الجزيرة العربية في هذه السنة السادسة من الهجرة.
كان هذا الأثر العاشر لهذه الحملات الجهادية، ولا شك أن هذه الآثار الكثيرة كانت تشير إلى أن هناك حدثًا كبيرًا ستمر به المنطقة سيكون له أبلغ الأثر في تغيير الأوضاع، وهو الانتقال إلى مرحلة جديدة تتبدل فيها موازين القوى في الجزيرة العربية، بل في العالم أجمع، وهذا الحدث هو صلح الحديبية.