يجري الكاتب الكوبي ليوناردو بادورازيارة لمدريد هذه الأيام، حيث يقدم كتابه الجديد "هذا ما كنت أتمنى حدوثه"، وهو عبارة عن مختارات قصصية تغطي عقدين من مسيرته الإبداعية، يأتي أيضاً ليراجع سيناريو فيلم طويل ومسلسل تليفزيوني مستلهم من شخصيته الشهيرة ماريو كوندي، المفتش الشرطي الكوبي الذي من خلاله يرصد واقع بلده ويرسم إحباطات جيله الذي رأى ما رأى من الثورة.
وانتهى مؤلف "الرجل الذي كان يعشق الكلاب" أيضاً، من سيناريو فيلم "العودة إلى إيثاكا" وأخرجه لاورينت كانتت، ويتناول نفس خيبة الأمل الجماعية، ولهذا تم سحبه من مهرجان السينما بهافانا بعد أن كان في البرنامج. 
ويقول بادورا لجريدة الباييس الإسبانية: "أعترف أن شخصياتي مع الوقت تكتسب تراجيدية أكبر، لكن ذلك بسبب تراجيدية الواقع الكوبي"، وما يقوله ينطبق تماماً على شخصيته ماريو كوندي وكذلك أبطال قصصه "العودة إلى إيثاكا"، ويضيف للصحيفة: "أعتقد أن دراما جيلي تنسحب على كل أعمالي، ومع أني، في البداية، كنت آمل في المستقبل، إلا أني بداية من التسعينيات أدركت أننا نصارع من أجل البقاء، والمنفى كان اختيار الكثيرين، في مقابل البقاء مع الكفاح من أجل حل مشاكل الأكل واللبس ورعاية الأسرة".
ويتذكر بادورا الخطاب الرسمي القديم الذي كان يقول "إننا في نفق طويل، لكن في نهايته ثمة ضوء"، ويعلق الكاتب الكوبي: "لكن بطعام قليل، بالسير كيلومترات يومياً، بالسهر ليلاً لانقطاع التيار الكهربائي وعدم التمكن من تشغيل مروحة، ليس سهلاً أن ترى أي ضوء".
ويضيف: "الكثير منا استسلم، الكثير من أصدقاء الجامعة أدمن الكحول، ومن استطاع النجاة ترك كوبا، فيما اتجهت بعض النساء إلى الدعارة، مثل سيومارا في العودة إلى إيثاكا، ومنهم من تزوج من أجانب لحل مشاكل حياته.. هل يستطيع أحد أن يقول إن تلك الأشياء لم تحدث، لا تحدث الآن، أو أنني أبالغ؟".
ويفتتح الكاتب مجموعة "هذا ما كنت أتمنى حدوثه" بقصة "باب القلعة"، وفيها، صديقان يلتقيان بعد غياب، أحدهما عائد من حرب أنجولا، والثاني كان في المنفى منذ 20 عاماً، وكلاهما في زيارة خاطفة لمدريد، كلاهما يبدو نادماً، يقول بادورا: "إنها جزء من دراما شديدة الانتشار: الذين بقوا في الجزيرة ولا يعرفون إن كانوا محقين فيما فعلوا بحياتهم، والذين هاجروا وحققوا نجاحاً اقتصادياً لكنهم لا يزالون مرتبطين بالبلد أو انتزعوه من داخلهم ليتخلصوا من الألم".
بسبب هذا الماضي المأساوي ولأسباب أخرى كثيرة، يرى بادورا أن الإعلان الأخير عن عودة العلاقات الكوبية الأمريكية إعلاناً إيجابياً، حيث يقول "كل ما يؤدي لتخفيف الاحتقانات مع الولايات المتحدة ضروري، رغم أني أعتقد انها عملية طويلة ومعقدة، لقد مرت فترة طويلة من سوء الفهم من كل نوع".
ويحكي أنه قبل سفره لإسبانيا خرج مع عدة أصدقاء في هافانا، وجد كل الفنادق ممتلئة، الأمريكان يتوقون لزيارة كوبا والسياحة فيها، لكنه يلفت أن الخير الآن "يصب في جهة واحدة، والإصلاحات الانفتاحية لراؤول كاسترو لم تلاحظ بعد إلا قليلاً، لكن نعم، حدث تغيير بسيط، مثل إلغاء تصريحات السفر".