تحت رعاية صاحب السمو امير البلاد الشيخ صباح الأحمد وبحضور سمو نائب الامير وولي العهد الشيخ نواف الأحمد اقيم بقصر بيان ظهر أمس حفل افتتاح المؤتمر الثامن لرؤساء البعثات الدبلوماسية الكويتية.
 وألقى سموه كلمة بهذه المناسبة قال فيها: يسعدني ان التقي بكم اليوم في بداية أعمال مؤتمركم الثامن وان انقل اليكم تحيات صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه وتنميات سموه لمؤتمركم التوفي والسداد.
 تنعقد اعمال مؤتمركم بعد ان دخلت منطقتنا والعالم اجمع في ظل اوضاع سياسية وامنية خطيرة هددت كياننا وقوضت امننا واشغلتنا عن جوهر قضايانا.
 لقد وصف البعض تلك الاوضاع الخطيرة بأوصاف عدة فكان من وصفها بالربيع العربي الا انها في حقيقة الامر قد ادت الى ادخال منطقتنا في حسابات معقدة وفتحت المجال لعدم الاستقرار واليوم ندخل مرحلة جديدة نعدل فيها مساراتنا على ضوء تجارب الماضي نتعايش فيها المواجهة مع قوى تستهدف امننا واستقرارنا والمساس بمصالحنا.
 ونعمل على مجابهة تلك القوى منطلقين من اساس صلب في بعده الخليجي والعربي والدولي لنؤكد للعالم اجمع اننا قادرون على التماسك وتوحيد كلمتنا والتحرك في اطار جماعي مؤثر وفاعل لتحقيق اهدافنا وتلبية طموحاتنا.
ولاشك انكم تدركون ابعاد هذه المرحلة وما تفرضه من عمل جاد ومتواصل لنصبح قادرين على التفاعل معها.
 كما ان بلادكم والتي هي جزء من هذا العالم بكل متغيراته واحداثه تعرضت لرياح الفتنة ولكن تماسك جبهتها الداخلية ووعي ابنائها وما سطروه من صور التلاحم بينهم استطاعت معها تجاوز ذلك لتؤكد صلابتها واصالة معدن شعبها.
 انكم مدعوون بأن تنقلوا للعالم صورة بلادكم المضيئة التي تنعم بالديمقراطية وتعيش اجواء الحرية وتحرص في تحركها الدبلوماسي في اطار ثوابت الشرعية الدولية وترسيخ اسس السلام واشاعة المحبة بين الشعوب ورفع رايات العمل الانساني ليكون له الاهمية القصوى في ذلك التحرك.
 كما ان بلادكم تولي قضايا حقوق الانسان ما تستحقه من اهتمام ومتابعة وتحرص على الدفاع عنها والتجاوب مع جهود المجتمع الدولي في الحفاظ عليها فضلا عن جهودها في تحقيق التنمية المستدامة للدول النامية.
 كما انكم مدعوون لتؤكدوا للعالم ايضا بان بلادكم ستبقى حريصة على الوفاء بهذه الالتزامات بكل عزم واصرار.
 ان الاحداث التي يشهدها اليمن اليوم تهدد امن واستقرار دولنا وتنذر بتداعيات خطيرة على منطقتنا ولقد بذلت دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية جهودا كبيرة ومتواصلة حتى لا تصل الامور الى ما وصلت إليه وتوجت هذه الجهود باطلاق المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية والتي وافق عليها كافة أطياف المجتمع اليمني وتم تبنيها من مجلس الامن الدولي الا ان تطبيق هذه المبادرة قد واجه صعوبات كبيرة بسبب تعنت الحوثيين واستيلائهم على الشرعية وتطبيق سياسة الامر الواقع عبر القوة العسكرية لتعصف بأمن واستقرار اليمن وتهدد امن دول مجلس التعاون عبر الحشود والمناورات العسكرية والاعتداءات على المملكة العربية السعودية الشقيقة وتجاهل كافة الجهود السلمية ليستمر الواقع الاليم والتهديد السافر لامن دولنا وازاء كل ذلك وتطبيقا لمعاهدة الدفاع الخليجي المشترك ومعاهدة الدفاع العربي المشترك والمادة 51 من ميثاق الامم المتحدة فقد استجابت دولة الكويت لنداء الواجب وشاركت مع اشقائها في دول المجلس وبقية دول التحالف في التصدي لهذا العدوان ومحاولة اعادة الشرعية الى اليمن الشقيق.
 ان موقف دولة الكويت في هذه الاحداث قد املاه إلتزامها بالمواثيق والاتفاقيات الدولية والمبادئ التي تؤمن بها والقائمة على احترام الشرعية الدولية ورفض التدخل في الشؤون الداخلية للدول واحترام خيارات الشعوب والحق في الدفاع عن الامن بعيدا عن الطائفية البغيضة والفئوية الخطيرة.
 ولقد جاء اعتماد مجلس الامن لقراره رقم 2216 بتاريخ 14 ابريل 2015 ليؤكد صحة التوجه الخليجي وسلامة تحركه لاحتواء هذه الازمة كما جاء شاهدا على وقوف العالم الى جانب التحرك الخليجي والدول المتحالفة معه في مواجهة قوى الحوثي والجماعات المناصرة له والتي تسعى لابقاء الشعب اليمني الشقيق اسيرا لقوى الجهل والظلام.
 إننا نسعى جميعا إلى بذل الجهود لضمان العيش الكريم للمواطن الكويتي نوفر له الرعاية والعناية التي يستحقها وأنتم جزء من هذه الجهود في القيام بواجبكم على أكمل وجه في مواقع عملكم المختلفة لتوفير الرعاية له والوقوف على مشاكله والسعي لحلها عبر التواصل معه وتسهيل وجوده في الدول المعتمدين لديها إضافة إلى رعاية المصالح الكويتية في هذه الدول إن هذا الواجب لا مجال فيه للتقاعس ويبقى هدفا أصيلا نسعى لتحقيقه للحفاظ على المكانة التي نتطلع أن يحتلها المواطن الكويتي والدرجة العالية من الرعاية والحفاظ على مصالح بلدنا الحبيب.
 وفي الختام نسأل الله سبحانه وتعالى أن يحفظ وطننا ويديم عليه نعمة الأمن والاستقرار والإزدهار في ظل قائد مسيرتنا وراعي نهضتنا صاحب السمو وأن يبعد الأخطار عن دولنا الخليجية والعربية وأن يحقق مؤتمركم ولقائكم أهدافه المنشودة.
 كما القى رئيس مجلس الوزراء بالانابة وزير الخارجية الشيخ صباح الخالد كلمة قال فيها: بالأصالة عن نفسي وبالنيابة عن اخوانكم وابنائكم منتسبي وزارة الخارجية كافة يسعدني أن أرفع إلى صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد والى سموكم حفظكم الله ورعاك أصدق مشاعر التقدير والامتنان والعرفان على رعاية سموه السامية وحضور سموكم لحفل افتتاح المؤتمر الثامن لرؤساء البعثات الدبلوماسية الكويتية في الخارج وعلى هذا الاستقبال الأبوي المبارك.
 إن تفضل صاحب السمو الأمير بالرعاية السامية للمؤتمر الثامن لرؤساء البعثات الدبلوماسية الكويتية في الخارج، وحضور سموكم تشريف لأبنائكم الدبلوماسيين ومصدر اعتزاز لهم يعكس ما توليه القيادة السياسية من رعاية وعناية للسلك الدبلوماسي وقناعتها بأهمية دوره في خدمة الوطن والدفاع عن قضاياه في المحافل الدولية مسترشدين بالنهج المبارك والتوجيهات السديدة التي وضعها سيدي صاحب السمو الأمير وخطت للسياسة الخارجية الكويتية ملامحها ورسمت خارطة لطريقها حتى غدت مثار إعجاب وتقدير العالم أجمع بما تقوم عليه من أسس المحبة والسلام.
 إن توجيهات سموه السديدة تعد سراجا أضاء ولا يزال طريق بناتكم وأبناؤكم الدبلوماسيين ويلهمهم صواب العمل وصلاح المنهج لخدمة بلدنا العزيز وشعبه الكريم في جميع بقاع الأرض وأضحت بنهجها السياسي المتزن والاقتصادي الرائد والإنساني الأصيل محط أنظار دول العالم فكان تفاعلها الإيجابي والبناء مع القضايا السياسية والإنسانية والتنموية ومشاغلها عاملا رئيسيا لوضع دولة الكويت في مصاف الدول الساعية لخير العالم ولأمن واستقرار ورخاء شعوبه.
 ويأتي التكريم الدولي صاحب السمو أمير البلاد وغير المسبوق من قبل الأمم المتحدة بتبوؤ سموه لقب قائد إنساني والكويت مركزا للعمل الانساني نتيجة للسياسة الخارجية المتزنة والحكيمة التي تنتهجها دولة الكويت وثمرة لشجرة العطاء الكويتية التي غرسها الأجداد وروتها الأجيال وتعهدتها بيض أيادي الحكام على مر الزمن مشمولة اليوم بكريم رعاية سموه وعنايته.
 إن الظروف السياسية والأمنية الدقيقة والخطيرة التي تمر بها منطقتنا بفعل الاضطرابات التي شهدتها على مدى السنوات الأربع الماضية جلبت لمنطقتنا الفوضى وأفرزت تداعيات خطيرة نعاني من تبعاتها ونعمل جاهدين مع المجتمع الدولي لمعالجة ومواجهة افرازاتها فظاهرة الإرهاب التي هددت أمن واستقرار العالم مثال لنتاج تلك الاضطرابات.
 إن بناتكم وأبناءكم وبعثات دولة الكويت في الخارج يتشرفون بأن يكونوا خط الدفاع الأول عن تراب هذا الوطن الذي بذل السابقون جهودا مضنية من أجل أمنه واستقراره وهم لايدخرون جهدا في التغلب على هذه التحديات من خلال الرصد المتواصل والتشخيص الدقيق والتحليل العميق لمجريات الاحداث وتطوراتها وانعكاساتها على بلدنا وأمنه وأمان شعبه في إطار من السعي المتواصل لتقوية وتوطيد نسيج العلاقات الدبلوماسية الكويتية وروابطها الدولية.
 وفي هذا السياق وتواكبا مع المساعي وتعزيزا للحضور الكويتي إقليميا ودوليا وانفاذا لتوجيهات سمو الأمير رعاه الله فقد تم وخلال الفترة اللاحقة لمؤتمرنا السابع في العام 2013 افتتاح ست بعثات دبلوماسية جديدة ليصل مجموع عدد بعثاتنا في الخارج إلى 104 (مئة وأربع) بعثة نواصل من خلالها مد جسور التعاون مع الدول الشقيقة والصديقة في سبيل وطن ينعم بمزيد من الاستقرار والازدهار.
 وفي سياق متصل أيضا وبرهانا على تنامي أهمية الكويت ومكانتها إقليميا ودوليا فقد استقبلت البلاد ثماني بعثات ومكاتب تمثيلية إضافية منذ العام 2013 ليرتفع إجمالي عدد البعثات والمكاتب والمنظمات الدولية والإقليمية المعتمدة لدى دولة الكويت إلى 132 (مئة واثنتين وثلاثين) بعثة.
 حقيقة لا تغيب عن أحد وهي أنه يحق للقيادة ولنا جميعا الفخر والاعتزاز بالمكانة الدولية المرموقة التي وصل إليها وطننا ومشاركة جهود المجتمع الدولي نحو دعم الأمن والاستقرار ومواجهة التحديات الدولية المختلفة وعلى رأسها الجانب الإنساني ولعل دعوة الأمم المتحدة وأمينها العام إلى دولة الكويت لاستضافة ثلاثة مؤتمرات دولية متتالية لدعم الوضع الإنساني في سوريا لهو برهان ساطع على مدى احترام العالم للسياسة الخارجية لدولة الكويت المبنية على الاعتدال والاتزان والقائمة على الايمان الراسخ بالمعالجات السلمية للمشكلات والقضايا الدولية في ظل الحرص العميق على تسخير إمكانياتها بما يحقق تخفيف المعاناة الإنسانية لشعوب الأرض كافة عبر المساهمات في المؤسسات والمنظمات الدولية الحكومية وغير الحكومية كما أن ترؤس دولة الكويت وبنجاح لثلاث قمم خلال السنتين الماضيتين وهي القمة العربية الإفريقية الثالثة والقمة العربية الخامسة والعشرون والقمة الرابعة والثلاثون لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية يضاف إلى قائمة طويلة من النجاحات التي حققتها السياسة الخارجية لبلدنا في ظل ظروف وتحديات يدرك الجميع خطورتها وها نحن مقبلون أيضاً على استضافة اجتماع الدورة الثانية والأربعين للمجلس الوزاري لمنظمة التعاون الإسلامي الشهر المقبل ليكون هذا الاجتماع إضاءة جديدة في سجل جهود دولة الكويت الساعية الى تحقيق المصالح العليا لدولنا الإسلامية.
 وأود أن أستأذن سموكم بتوجيه الشكر والتقدير لجميع سفراء دولة الكويت السابقين الذين عملوا في مدرسة صاحب السمو الأمير السياسية والدبلوماسية وساروا على نهج سموه الخير وخطاه النيرة مستلهمين من توجيهاته الأصول والقيم في بذل الجهد والتفاني والإخلاص في خدمة بلدهم أينما تواجدوا سواء من خلال ترؤسهم للبعثات الكويتية أو تمثيلهم لدولة الكويت في المحافل الدولية فكانوا القدوة الحسنة والرمز المضيء والمشعل المتوقد الذي يقتدي به أبناؤهم وإخوانهم الدبلوماسيون من بعدهم فكل التقدير والامتنان والتحية لهم.
 وفي الختام يشرفني باسمي وبالنيابة عن أبنائكم الدبلوماسيين أن نجدد لصاحب السمو الأمير ولسموكم فروض الولاء والطاعة معاهدينكم على مواصلة العمل والجهد للدفاع عن مصالح الوطن والمواطنين وإعلاء شأن كويتنا العزيزة في جميع المحافل الدولية التزاما منا بالتوجيهات السديدة لصاحب السمو الأمير وسموكم ودعم حكومتنا الرشيدة برئاسة أخي سمو الشيخ جابر المبارك رئيس مجلس الوزراء سائلين الله سبحانه وتعالى أن يوفقكم لما فيه خير وصالح بلدنا الغالي وأن يحفظ وطننا وشعبنا من كل سوء.
 وقد شهد الحفل سمو الشيخ ناصر المحمد ونائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية الشيخ محمد الخالد ونائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع الشيخ خالد الجراح ووزير شؤون الديوان الاميري بالانابة المستشار محمد ضيف الله شرار وكبار المسؤولين بالديوان الاميري وديوان سمو ولي العهد.