غلب الاستقرار النسبي على أسعار النفط الخام في الأسواق العالمية، وسجل خام برنت والنفط الأميركي وسلة أوبك استقرارا سعريا بعد أسبوع من الارتفاعات الحادة المدعومة من تقلص الإنتاج الأميركي وتوالي توقف الحفارات النفطية بمعدلات أسرع.
واعتبر محللون أن السوق تتجه إلى تصحيح نفسها وتعويض الخسائر السابقة بفعل تقلص ملموس في المعروض العالمي ومخاوف على الإمدادات من الشرق الأوسط بالتزامن مع تحسن جيد ومتسارع في اقتصاديات دول الاستهلاك بقيادة الصين.
وتقول «، مديرة السياسات الأوروبية في مؤسسة تحديات تغير المناخ وحلول السوق سارة بلوك، إن الأسعار مالت إلى الاستقرار بعد أسبوع من الارتفاعات المتواصلة التي دعمت سوق النفط إلا أن مستوى الأسعار ما زال منخفضا.
وأشارت بلوك إلى أهمية أن ندرك أن صناعة الطاقة خاصة النفط صناعة طويلة الأجل وتتعرض إلى هزات مستمرة ولكنها لا تعرقلمسيرتها لافتة إلى أن الاستثمارات في هذا القطاع الحيوي تواجه صعوبات كثيرة بسبب انخفاض الأسعار ولكنها قادرة على تجاوز التداعيات وتقلبات السوق. 
وأوضحت بلوك أن الفترة الماضية شهدت ما سمي بثورة النفط والغاز الصخريين وهما إضافة قوية إلى سوق الطاقة في العالم ويمثلان إمدادات جديدة ومطلوبة في ظل توقع تنامى الطلب العالمي ولتأمين الطاقة في كثير من مناطق العالم المحرومة ولتلبية التسارع في التنمية الصناعية.
وذكرت بلوك أن الطفرة الإنتاجية في هذا الإنتاج بما يفوق الطلب العالمي هي التي أدت إلى اهتزاز السوق الذي يكافح الآن من أجل استعادة توازنه مع ترشيد الإنتاج في هذه المجالات الجديدة.
ونبهت بلوك إلى ضرورة اهتمام منتجي النفط بدراسة آثار التغيرات المناخية على هذه الصناعة والذي يتزايد مشيرة إلى ضرورة الاهتمام أيضا بتنويع موارد الطاقة في كل دول العالم وذلك على الرغم من أن مصادر الطاقة التقليدية خاصة النفط والغاز ستظل في مقدمة تركيبة مزيج الطاقة العالمي.
ومن جهته، أوضح خبير الطاقة في مؤسسة «وات آند فولت»، لوانيس باسروس أن سوق الطاقة في العالم تتغير ملامحه تدريجيا بعد زيادة الاعتماد على مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة خاصة في توليد الكهرباء بينما تراجع بشكل كبير الاعتماد على النفط في توليد الكهرباء واقتصر دوره على تأمين محطات الكهرباء.
وأشار باسروس إلى أن دخول منتجين كبارا من الولايات المتحدة إلى سوق النفط مثل إضافة مهمة وكبيرة للسوق وتقلص الحفارات النفطية الأميركية لا يعنى انتهاء هذا الإنتاج لأن استثمارات كبيرة تم تأسيسها في هذا المجال وهذه الاستثمارات تدافع عن البقاء الآن وتسابق الزمن في تخفيض تكلفة الإنتاج وتحقيق التوازن والجدوى الاقتصادية.
وقال باسروس إن الطلب القادم من الصين سيشهد نموا واسعا في العامين المقبلين وهو ما سيمثل دفعة قوية لاستقرار السوق وتحقيق التوازن بين العرض والطلب ويضغط في اتجاه زيادة الإمدادات من جديد.
 من جانبه، ذكر خبير الطاقة من مؤسسة «إس بي إيه « أنريكو سيلا أن الانخفاضات الحادة في الأسعار تفاوت تأثيرها في المنتجين الرئيسيين للنفط في العالم ولكن من الواضح أن التأثير كان أكبر على نيجيريا والجزائر حيث حققت نيجيريا أعلى الخسائر الاقتصادية من تراجع أسعار النفط فيما تعرضت الجزائر لضغوط من صندوق النقد الدولي من أجل تبني سياسات مالية أكثر تقشفا.
وأضاف سيلا أن سوق النفط حاليا يتجه إلى تعويض الخسائر السابقة على الرغم من العديد من العوامل السياسية المهمة ومنها التوترات السياسية في الشرق الأوسط إلى جانب ارتفاع مستوى المخزونات النفطية الأميركية موضحا أن السوق اجتازت تأثير الكثير من العوامل السياسية وتداعياتها في الفترة الماضية.
وركز سيلا على ضرورة أن تشهد الفترة القادمة مزيدا من التنسيق والتعاون بين المنتجين داخل أوبك وخارجها من جانب وبين المنتجين والمستهلكين بشكل عام من أجل ضبط إيقاع السوق وضمان الاستقرار المنشود الذي هو في صالح جميع الأطراف.
وفيما يخص الأسعار، تراجعت أسعار النفط بفعل توقعات بارتفاع جديد في المخزونات الأميركية ومع إبقاء السعودية على إنتاجها قرب مستويات قياسية مرتفعة، لكن الأسعار تظل قرب ذروتها في 2015 التي سجلتها الأسبوع الماضي.