- حظيت أم كلثوم عند أمير المؤمنين عمر بمنزلةً عاليةً مرموقة
- أبوها رابع الخلفاء الراشدين وأمها سيدة نساء الجنة فاطمة بنت رسول  الله
- تزوجت على مهر أربعين ألفاً وولدت زيد الابن الأكبر ورقية

هي ام كلثوم بنت على بن ابي طالب اول من اسلم من الاطفال وصاحب المنزله الرفيعه والمكانه العاليه عند رسول الله. ورابع الخلفاء الراشدين وجدها سيد ولد ادم صلي الله عليه وسلم وامها سيده نساء الجنه فاطمه بنت رسول  الله واخواها سيدا شباب اهل الجنه وريحانتا رسول الله.
لمحة مختصرة عن سيرة أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب : أيها الأخوة الكرام, من دروس سير الصحابيات الجليلات رضوان الله تعالى عنهن أجمعين، ومع أهل بيت النبي، ومع أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب، زوجة الفاروق عمر بن الخطاب .
 هي أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب، أمها فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، شقيقة الحسن والحسين، ولدت في حدود سنة ستٍ من الهجرة، رأت النبي صلى الله عليه وسلم جدها، ولم ترو عنه شيئاً، تزوَّجها أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وذلك سنة سبع عشرة، وكان سبب زواج عمر منها قول النبي صلى الله عليه وسلم:((كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي))
 أي سبب زواج هذا الخليفة الراشد هذا الحديث، مع أن فارق السن بينهما كبير، ألح هذا الخليفة الراشد أن يتزوَّج هذه الفتاة التي هي من نسل رسول الله صلى الله عليه وسلم .
إليكم قصة زواج عمر بن الخطاب من أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب بالتفصيل :
 قصة هذا الزواج هي كما يلي: إن عمر بن الخطاب خطب إلى عليٍ ابنته أم كلثوم، فذكر له صغرها، فقيل لعمرٍ:
 ((إن ردَّك فعاوده, -أي بإلحاح- ثم خطبها إلى أبيها علي بن أبي طالب فقال: إنها صغيرة، فقال عمر: زوِّجْنيها يا أبا الحسن، فإني أرصد من كرامتها ما لا يرصده أحد، هي عندي مكرمةٌ أشد التكريم، فقال له علي: أنا أبعثها إليك، فإن رضيتها فقد زوَّجْتكها، فبعثها إليه ببردٍ، فقال لها: قولي له: هذا البرد الذي قلت لك، فقالت ذلك لعمر، فقال عمر: قولي له قد رضيت، رضي الله عنه))
 فقصة هذا الزواج قصة اكتساب الشرف، اكتساب السبب، سبب الاتصال بالله عز وجل لأن النبي عليه الصلاة والسلام يقول:
((كل سببٍ ونسبٍ منقطعٌ يوم القيامة إلا سببي ونسبي))
 أيها الأخوة, العلماء قالوا:
((جلس عمر إلى المهاجرين في الروضة، وكان يجلس المهاجرون الأولون في روضة مسجد رسول الله, فقال: رفؤني، -العرب كانت تقول للمتزوج: بالرفاء والبنين، العوام يقولون: بالرفاه، هي بالرفاء، والرفاء الوفاق، بالوفاق الزوجي والبنين، وأثمن ما في الزواج الوفاق والبنون- فقال: رفؤني، فقالوا: بماذا يا أمير المؤمنين؟ قال: تزوجت أم كلثوم بنت علي، لأني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
((كل سببٍ ونسبٍ وصهرٍ ينقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي وصهري))
 وكان لي به عليه الصلاة والسلام النسب والسبب، فأردت أن أجمع إليه الصهر، فرفؤني ، -أي عد هذه مغنماً كبيراً، أنه اتصل نسبه، أو تزوج بنتَ بنتِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو أصبح صهر رسول الله- .
 قالوا: تزوجها على مهر أربعين ألفاً، فولدت له زيد بن عمر الأكبر ورقية)).
ماذا استنبط العلماء من هذه الواقعة؟
 في هذا الخبر كما قال العلماء أحكام عدة، مِن هذه الأحكام: أن يصح زواج الكبير بالصغيرة شرعاً، وأن ذلك حصل بمشهد جمعٍ غفير من كبار المهاجرين، وعلى مسمع الأنصار أيضاً، وأنهم قد أقروه على ذلك، وهذا إجماعٌ منهم على جوازه، وأنه يندب تعدد الزوجات لزيادة الشرف, تعدد الزوجات من هؤلاء الصحابيات الكاملات المتصلات بالنسب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم, وأن يزاد في مهر الصغيرة أضعاف مهر الكبيرة، وأنه يندب إعلام الأصحاب لذلك للدعاء والتبريك، وأنه يجوز للأب أن يزوِّج ابنته الصغيرة، وأن سكوت الصغيرة كسكوت البالغة في اعتبار الرضا به، وأنه يجوز إبرام عقد الزواج بالصورة التي تم فيها بشرط إسماع الشهود على ذلك، كل هذه الأحكام مستنبطة من هذه الواقعة .
الحياة الكريمة التي نالتها أم كلثوم عند زوجها :
 أيها الأخوة, حظيت أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب عند أمير المؤمنين عمر بن الخطاب منزلةً عاليةً مرموقة، فلو كان هناك تناقضٌ كبير كما يتوهم الآخرون بين سيدنا علي وسيدنا عمر، لما أمكن أن يتم هذا الزواج، هذا استنباطٌ مهمٌ جداً, بل إن سيدنا علياً كرم الله وجهه سمى أولاده بأسماء الصحابة الكرام؛ أبي بكر، وعمر، وعثمان .
 فسيدنا علي سمى أولاده بأسماء الصحابة الكبار، وهؤلاء الصحابة الكبار تشرفوا بالزواج من بنات سيدنا علي، فبينهما من الود، والاحترام، والحب، والولاء، والبيعة مالا ينكر .
 فقد حظيت أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب عند أمير المؤمنين عمر بن الخطاب منزلةً عاليةً مرموقة، فكان ينظر إليها بعين الإجلال والإكرام، فعاشت عنده حياةً طيبةً مباركة، فقد كان يسعى لإسعادها بما يحقق طموح فتوَّتها، وتفتُّح شبابها، وهو البصير بقضايا النساء، فكان رضي الله عنه يرقب نفسه وما يراه واجباً للمرأة على زوجها .
إليكم بعض هذه القضايا التي عالجها عمر بن الخطاب بشأن النساء :
 ولقد أُثر عنه وهو خليفة المسلمين بحكمته البالغة دقة معالجته لقضايا الفتيات المتزوجات اللواتي يشتكين من أمورٍ تخصُّ حياتهن الزوجية، فمن ذلك أنه كان يقول لأولياء أمور النساء:
((لا تنكحوا المرأة الرجل الذميم القبيح، فإنهن يحببن لأنفسهم ما تحبون لأنفسكم))
 فكما أن الشاب يتمنى فتاة تملأ عينه، كذلك الفتاة تتمنى زوجاً يملأ عينيها، لذلك لا يُبرم عقد الزواج إلا بموافقة الزوجة، فإن قالت: لا، فالعقد باطل، وكلكم يرى في عقود القران، كيف أن موظف المحكمة يذهب ويستمع بأذنه إلى إقرار الفتاة، وهذا حقٌ من حقوق المرأة؟ .
 وكان بعض الصحابة يقول:
((إني لأتزين لامرأتي كما أحب أن تتزين امرأتي لي))
 وهذا من حقها، فكلام سيدنا عمر:
((لا تنكحوا المرأة الرجل الذميم القبيح، فإنهن يحببن لأنفسهم ما تحبون لأنفسكم))
 أي يا أيها الآباء لا تتجاهلوا رأي بناتكم في هذا الخاطب الذي أنتم تريدون أن تجبروا فتياتكم عليه، فسيدنا عمر لحكمةٍ بالغة, كان يخشى على المرأة, حينما تكره زوجها كراهيةً, تجعلها لا تطيق قربه، أن تدفعها هذه الكراهية، وعدم إمكان الحصول على الطلاق إلى الشيء الذي لا يرضي الله عز وجل، والآية الكريمة والتي فيها بعض الحيرة:
&O4831;وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً&O4830;
[سورة النور الآية: 33]
 ما مؤمنٍ على وجه الأرض يكره ابنته على الزنا، إلا أن الأب الذي يُعضل ابنته، ويضع العراقيل تلو العراقيل أمام زواجها، أو يضع شروطاً تعجيزية لزواجها، مثل هذا الأب قد يفاجأ إلى أن ابنته, مالت إلى عدم طاعته، أو إلى الانحراف, فكأنه دفعها إلى هذا من دون أن يريد, ومن دون أن يشعر .
 يروى أنه رضي الله عنه, كان يطوف بالبيت، فسمع امرأةً, تنشد في الطواف:
فمنهن من تسقى بـعذبٍ مبرَّدٍ  لقاح فتـلكم عند ذلك قرتي
ومنهن من تسقى بأخضر آجنٍ  أجازٍ ولولا خشية الله زنت
 فتفرَّس عمر ما تشكوه هذه المرأة، فبعث إلى زوجها فاستنكهه، فإذا هو أبخر الفم, أي عرف السبب, فإنسان دميم له رائحة كريهة، هذا قد يؤذي زوجته، وقد يدفعها إلى أن تفكر بغيره، فلا بد أن يأخذ الإنسان السنة النبوية، لأن الله  عز وجل يقول:
&O4831;وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ&O4830;
[سورة البقرة الآية: 228]
 فكما أنك من حقك أن تطلب من زوجتك شيئاً، هي أيضاً من حقها أن تطلب منك شيئاً .
 ومن أشهر ما يؤثر عن عمر رضي الله عنه في تفهُّمه قضايا المرأة، وبالأخص ما يتعلَّق برغباتها، التي فطر الله تعالى النساء عليها، ما روي من أنه كان يطوف ليلةً بالمدينة متفقداً رعيته ، فسمع امرأةً تقول:
فو الله لولا الله لا شيء غيره  لزعزع من هذا السرير جوانبه
مخـافة ربي والحيـاء يكُفُّني  وإكرام بعلي أن تنـال مراكبه
 يبدو أن زوجها ابتعد عنها كثيراً، وهي في أشد الحاجة إليه، فلما كان من الغد، استدعاها عمر وسألها:
((أين زوجكِ؟ قالت: بعثت به إلى العراق, لقد سألها من غير أن يشعرها بما سمع منها، وقد أجابته هي بحياءٍ وتصبُّر، ولم تفصح عما في نفسها من شوقٍ عميق لزوجها الغائب عنها، عندئذٍ استدعى عمر نساءً مع ابنته حفصة، فسألهن عن المرأة المتزوجة: كم مقدار ما تصبر عن زوجها؟ فقلن: شهرين، ويقل صبرها في ثلاثة أشهر، وينفد صبرها في أربعة أشهر)). 
 

الخاتمة 

 أيها الأخوة, لنا وقفةٌ أخرى مع هذه الصحابية الجليلة، بنت علي بن أبي طالب، بنت السيدة فاطمة، بنت بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونساء الصحابة قدوةٌ لنسائنا، المرأة صنو الرجل في التكليف، والتشريف، والمسؤولية، مكلفةٌ كما هو مكلَّف، مشرفةٌ كما هو مشرف، مسؤولةٌ كما هو مسؤول، وأيَّة نظرةٍ كما أقول دائماً إلى المرأة غير هذه النظرة، فهي نظرةٌ جاهلية لا تليق بالمسلم .
 والإنسان حينما يعتني بأهله، ويربيهم التربية الصحيحة، يسعد بهم, لأنهن يشاركنه في كل قضايا الحياة التي يعانيها .
 أرجو الله سبحانه وتعالى, أن يصلح نساءنا جميعاً، وأن يتجهن إلى الله عز وجل الوجهة الصحيحة، المرأة إذا عرفت ربها، وعرفت حق زوجها، وعرفت حق أولادها، فهي امرأة لها من الأجر ما لا يوصف, وما لا يقدر بثمن .