على أعتاب الذكرى الـ25 لتأسيسه التي تصادف اليوم الأحد يمضي مكتب الشهيد التابع للديوان الأميري في تحقيق رسالته السامية باعتباره صرحا وطنيا يعنى بالمحافظة على القيمة العظيمة للشهادة وتقدير تضحيات وبطولات شهداء الكويت الأبرار عبر تاريخ الكويت الوطني والقومي لاسيما إبان محنة الغزو العراقي.
 فقد شكلت تلك المحنة في الثاني من أغسطس عام 1990 ميلاد ملحمة وطنية لشعب أذهل العالم بقوة عزيمته واستبساله بالدفاع عن أرضه وكرامته وهو الذي أخذ على حين غرة عندما وجد نفسه أمام جيش متخم بأحدث آلات الموت والدمار.
ودشنت مواجهة الشعب الكويتي للغزو مرحلة فريدة في مسيرة هذا الوطن وكفاح أهله ويخبرنا التاريخ بأن ذلك الحدث لم يكن إلا صفحة من الصفحات المشرقة لهذا الشعب الذي يزخر بأمثلة رائعة تكشف عمق القيم في وجدان وتفكير المواطن الكويتي وما بناء الكويتيين للأسوار الثلاثة لبلدهم إلا دليل على استعدادهم للدفاع عن سلامة وطنهم ووحدته في كل مرحلة من مراحل التاريخ.
وسعيا للمحافظة على القيمة العظيمة للشهادة وتقديرا للعمل البطولي للشهداء وتتويجا للملحمة البطولية الرائعة لهذا الشعب فقد تفضل الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح طيب الله ثراه بإصدار مرسوم أميري رقم (38) لسنة 1991 في 19 يونيو عام 1991 بإنشاء مكتب الشهيد واستكمل هذه الرعاية الكريمة رفيق دربه سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه الذي يحرص على تكريم الشهداء وتخليد بطولاتهم وتضحياتهم في الدفاع عن الوطن وكرامته.
 وتمتد هذه الرعاية السامية أيضا إلى الاهتمام بأسر الشهداء وذويهم في مجالات الحياة كافة تأكيدا على تقدير سمو الأمير والمجتمع الكويتي لقيمة الشهادة كما لم تقتصر الرعاية المتميزة على ذوي الشهيد من الكويتيين بل شملت كل من ضحى بحياته ودمه من أجل استقلال تراب هذا البلد حيث يرعى المكتب ذوي ما يقارب 14 جنسية مختلفة من الوافدين والمقيمين.
 وتتخطى رسالة مكتب الشهيد تقديم الخدمات لأسر الشهداء وتخليد ذكراهم بل تجسيد العلاقة الإنسانية بين الشعب الكويتي والقيادة السياسية وهي علاقة عميقة الجذور شهد لها تاريخ الكويت قديما وشهدت لها أحداث محنة الغزو وما بعده.
 وأضحى هذا العمل السامي بمنزلة شهادة وفاء بين القيادة والشعب لذا فإن سعي المكتب إلى تخليد الشهيد ورعاية أسرته ما هو إلا ترجمة للمشاعر الإنسانية والحب الصادق والإيمان العميق بين القيادة الحكيمة والشعب الكويتي الوفي لتكريم الشهيد وتقديس الشهادة والدفاع عن الوطن وهو تقدير ووفاء لكل من وهب روحه العزيزة فداء لعزة هذه الأرض الطيبة.
 وطيلة 25 عاما ومكتب الشهيد يواصل العطاء ويبذل الجهد من اجل رعاية أسر الشهداء والذين وصل عددهم إلى 1228 شهيدا من جنسيات مختلفة وسط ما توليه الدولة من اهتمام كبير بهذه القضية الوطنية والإنسانية حيث دأب المكتب على التواصل مع أبناء الشهداء والحرص على تعليمهم من خلال الرعاية التربوية ومساعدتهم في دراستهم على أيدي متخصصين في المجال التربوي والتعليمي وتوفير المساعدة الضرورية للطلبة وتمكينهم من حل مشكلاتهم بأنفسهم كما تتمثل مهمة هؤلاء المتخصصين بزيارات مدرسية وتوفير العون والاستشارة اللازمة للحالات وتنظيم برامج تدريبية للطلبة من ذوي الشهداء.
 ولم يقتصر الأمر على ذلك بل يتولى المكتب الرعاية الصحية لذوي الشهداء حيث إن ثمة تعاونا وتنسيقا كاملا بين المكتب وجميع الفروع التابعة لوزارة الصحة لضمان توفير الرعاية الصحية المطلوبة لأسر الشهداء سواء كان ذلك داخل الدولة أو خارجها.
 كذلك يعمل المكتب على رعاية المسنين والمعاقين من ذوي الشهداء بمنازلهم حسب الحاجة كما يحرص المكتب على الاستعانة ببعض الاستشارات في علاج الأمراض الأكثر شيوعا مثل السكر والضغط.
 واستطاع المكتب أن يوفر بالتعاون مع المؤسسة العامة للرعاية السكنية وبنك الائتمان العديد من الطلبات لأسر الشهداء وتخصيص السكن المناسب لهم إضافة إلى تعاون مجلس الوزراء لتوفير وتحقيق سكن مجاني لذوي الشهيد.
 ويحرص المكتب على لقاء ذوي الشهداء خلال المناسبات الوطنية والدينية حيث يعد المكتب الكثير من الأنشطة والفعاليات لتوفير الترفيه لأبناء وذوي الشهداء والاطمئنان عليهم.
 ولم يكتف مكتب الشهيد بدوره الإنساني والوطني في مساعدة ذوي الشهداء وتخليد ذكرى استشهاد أبناء الكويت بل فعل دوره الإعلامي حيث اصدر منذ السنة الأولى له مجلة (الهوية) التي تحمل في كل عدد لها مواضيع متنوعة وتوثق الفعاليات التي يقوم بها المكتب إلى جانب المنشورات التي توزع في كل مناسبة. 
وقالت الوكيلة المساعدة في الديوان الأميري والمدير العام لمكتب الشهيد فاطمة الأمير لـ (كونا) امس السبت إن المكتب يتعامل حاليا مع 1228 ملفا لشهداء من 14 جنسية مختلفة.
 وأضافت الأمير أن الإعلام أداة مهمة في إيصال رسالة المكتب بشكل كامل حيث «عملنا في هذا البرنامج بطاقة تعريفية لكل شهيد تعطي نبذة عن بطولته ومكان استشهاده كما يسعى المكتب إلى ترتيب عدد من الأنشطة التي تساهم في تسليط الضوء على بطولات شهدائنا وذلك انطلاقا من دورنا في مكتب الشهيد في تخليد ذكرى الشهداء الأبرار الذين ضحوا بأرواحهم من اجل الكويت».
 ولفتت إلى حرص المكتب على أن يكون حاضرا ونشيطا على مواقع التواصل الاجتماعي الحديثة من حيث نقل فعاليات المكتب والإعلان عنها مبينة ان المكتب اقام جدارية وضعت في حديقة الشهيد تحمل صور الشهداء «والتي تشرفنا في أن يفتتحها سمو الشيخ جابر المبارك رئيس مجلس الوزراء».
 وعن مشاركة مكتب الشهيد في (أوبرا ديرة) ذكرت «اننا تشرفنا في مشاركتنا مع الأخوة الفنانين الذين أضافوا لنا الكثير في هذا الجانب حيث تم عرض الأوبرا على مدار ثلاثة أيام ونالت العروض إعجاب الجمهور التي جاءت ردوده فوق المتوقع مما جعل عددا من الدول الأوروبية تدعونا لعرض (أوبرا ديرة) لديها».
 وأوضحت أنه تم التنسيق مع المجلس الثقافي في أوكرانيا لعرضها هناك اضافة إلى دعوة من كل من ألمانيا وهولندا لكن إلى الآن لم يتم تحديد موعد لهما.
 ولفتت إلى إصدار المكتب طوابع بريدية باعتباره أحد مشاريع مكتب الشهيد منذ إنشائه حيث مر بمراحل عديدة وكان في البداية يقتصر على إصدار طابع فردي يحمل شعار المكتب واهتم بذلك حينها جامعو الطوابع البريدية لكن المكتب رأى أن يطور هذا المشروع حيث قام منذ العام الماضي بطباعة إصدار يحمل صورة 100 شهيد تخليدا لذكراهم.
 وبينت أن «المكتب يسعى أيضا إلى تسمية بعض شوارع الكويت بأسماء الشهداء آملة أن ينظر المجلس البلدي في الطلبات التي تقدم بها المكتب بهذا الخصوص فمن باب أولى أن تتم تسمية شوارع الكويت بأسماء من ضحوا بحياتهم من اجلها».
 ولفتت إلى ان هناك مساعي للمكتب لتفعيل شارع الشهداء بحيث توضع فيه صور ونصب تذكارية لتذكير الشعب الكويتي ببطولات شهدائها الأبرار داعية إلى تضافر الجهود الحكومية والشعبية في الإسهام بهذا الأمر.
 وقالت الأمير إن الترتيبات تسير على قدم وساق استعدادا ليوم الثاني من أغسطس ذكرى الغزو الغاشم حيث تشارك وزارة الإعلام مكتب الشهيد في الإعداد لهذا اليوم الذي وصفته بيوم «التحدي والصمود» والذي لا بد ان يتذكره كل كويتي مشيرة إلى سعي المكتب إلى إقرار هذا اليوم ليكون يوما للشهيد.