كان حلماً طال انتظاره، لكنه لم يتحقق بالشكل المناسب أو في الوقت المناسب.. هكذا يبدو أولمبياد 2016 بالنسبة لكثيرين، وفي مقدمتهم عمدة مدينة ريو دي جانيرو إدواردو بايس.
وكان حلم بايس هو استضافة الأولمبياد بشكل هادئ في هذه المدينة الخلابة، لتكون تجربة رائعة تجذب ملايين السائحين إلى ريو في السنوات التالية.

وكان أولمبياد برشلونة 1992 هو النموذج الناجح الذي يضعه بايس صوب عينيه، حيث كان نقطة تحول في تاريخ المدينة الكاتالونية والتي حظيت بعدها بسمعة رائعة على الساحة العالمية، نظراً لاستضافة أولمبياد رائع يعتبر من أنجح الدورات الأولمبية على مدار التاريخ.

ولكن المشاكل الاقتصادية والسياسية وغيرها من المشاكل التي ضربت البرازيل قبل الأولمبياد، دفعت بايس إلى التساؤل عما إذا كانت هذه الاستضافة جاءت في الوقت المناسب الذي يتمنى فيه مثل باقي البرازيليين أن ينظر العالم كله إلى ريو.

وأكدت فعاليات الأسبوع الأول من الأولمبياد أن بايس كان محقاً في تساؤلاته وشكوكه، إذ ضربت الشكاوى من التنظيم والاستضافة والمشاكل الأمنية والمنشآت التي يبدو بعضها متواضعاً هذا الأولمبياد بقوة بل إن بعض أعمال الإنشاءات لم تكتمل بالشكل المطلوب.

والآن لا يبدو أن التاريخ سيحكم بشكل جيد على هذا الأولمبياد.

ورغم هذا، كانت هناك بعض الأمور الجيدة مثل نظافة المياه في خليج غوانابارا الذي يستضيف فعاليات الشراع، والذي كان مفاجأة للمتسابقين، وكذلك كانت هناك الميدالية الذهبية التي حصلت عليها لاعبة الجودو رافاييلا سيلفا ابنة العشوائيات وكذلك الجماهير العاشقة للاحتفالات.

ورغم هذا، توارت هذه الأمور والأشياء الإيجابية في ظلال الأحداث المؤسفة والمشاكل ومنها: 

الرصاصات الطائشة 
ثارت حالة من الذعر بعد إطلاق رصاصة طائشة في مقر القاعة الإعلامية الملحقة بمركز منافسات الفروسية في منطقة ديودورو، كما وجدت رصاصة طائشة أخرى بعد هذا في منطقة الاسطبلات.

ويقع مركز منافسات الفروسية بالقرب من ثكنة عسكرية، ولكن المسؤولين أكدوا أن الرصاصات الطائشة جاءت من منطقة عشوائية مجاورة، وأنها لم تكن تستهدف أساساً مقر إقامة منافسات الفروسية، وأنها كانت تستهدف منطاد مراقبة صغير تابع للشرطة ورجال شرطة نفذوا عملية مداهمة في منطقة عشوائيات.

افتقاد الأمن 
تعرضت حافلة كانت تقل صحافيين من المشاركين في تغطية أحداث الأولمبياد لهجوم خلال سيرها على الطريق السريع بين مواقع المنافسات الأولمبية، وتحطمت نافذتان بالحافلة، وذكرت الشرطة أن الهجوم كان من خلال رشق بالحجارة، فيما أشار بعض الصحافيين الذين كانوا على متن الحافلة بأنهم سمعوا صوت إطلاق رصاص.

ضيافة عاجزة 
حرص ماريو أندرادا المتحدث باسم اللجنة المنظمة لأولمبياد ريو على تحري الصدق بقدر الإمكان ولكنه قضى معظم الوقت في التعليق على أنباء سيئة مع الاعتذار والوعود بتحسن سريع في الأوضاع.

قبل بداية فعاليات الأولمبياد، أكد أندرادا بأن ريو دي جانيرو ستكون أكثر المدن أمناً في العالم، ولكن هذه التأكيدات أصبحت مثار سخرية، نظراً لوجود شكاوى من السرقة حتى داخل القرية الأولمبية نفسها.

إستادات شاغرة 
نادراً ما وجدت المدرجات ممتلئة في منافسات أولمبياد ريو حتى الآن، وحتى منافسات الكرة الطائرة الشاطئية، هذه الرياضة المحبوبة للغاية في البرازيل، لم تستطع أن تجذب الجماهير بكامل طاقة استيعاب المدرجات.

وعلى مستوى الإحصائيات والبيانات الرسمية، جرى بيع 80% من التذاكر الخاصة بمنافسات الأولمبياد، ولكن المشاكل التنظيمية إضافة لعدم الاستفادة من التذاكر التي حصل عليها الرعاة تسببت في ظهور العديد من المقاعد الشاغرة.

وشهد اليوم الأول من فعاليات الأولمبياد نحو 40 ألف مقعد شاغر بسبب عمليات التفتيش الدقيقة والهائلة التي خضع لها المشجعون، مما أسفر عن تأخر وصولهم إلى الإستادات في الوقت المناسب، وكانت الإجراءات الأمنية الصارمة والاستعانة بأفراد غير أكفاء في أداء المهمة عاملاً في تأخر وصول الجماهير إلى المدرجات.

ولجأ المنظمون الآن إلى إعطاء التذاكر إلى طلبة المدارس من أجل ملء المقاعد الشاغرة في الإستادات.

نقص وسائل الراحة 
الزائرون إلى المتنزه الأولمبي في بارا وكذلك المجمع الرياضي في ديودورو، لم يستطيعوا الحصول على الماء والطعام الذي يريدونه، والحقيقة أنه جرى السماح لهم بمغادرة مواقع استضافة المنافسات لشراء ما يحتاجونه من أي مكان.

والآن، فطن المنظمون إلى توفير عبوات وقوارير المياه في بعض الإستادات، ولكن المشكلة لم يتم السيطرة عليها بشكل تام حتى الآن.

انتقاد المنشآت 
قالت باربارا رايتنر مدربة المنتخب الألماني المشارك في منافسات التنس بأولمبياد ريو: "ما وجدته أنا شخصياً أمر صعب، هو أن القذارة في كل مكان، سواء في غرف تغيير الملابس أو في القرية الأولمبية".

وما زالت الفرصة سانحة لعودة الأولمبياد إلى المسار الصحيح، ولكن حلم بايس بتكرار تجربة برشلونة قد يكون تبخر بالفعل.