توقع مختصون نفطيون استمرار تعافي أسعار النفط الخام خلال الأسبوع الجاري بعد أن اختتمت السوق تعاملات الأسبوع الماضي على مكاسب بنحو 6 في المائة للخامين الرئيسين برنت والأمريكى وهي أكبر زيادة أسبوعية منذ (أبريل) الماضي.
ولاقت تصريحات المهندس خالد الفالح وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية ردود فعل إيجابية في الأسواق خاصة مع تأكيده اتجاه السوق إلى التوازن بين العرض والطلب وبالتالي تعافي الأسعار معتبرا أن مشكلة المخزونات هي التي تبطىء نسبيا من تحسن السوق ومؤكدا ارتفاع الطلب على الخام السعودي على نحو كبير.
وتترقب السوق التحركات الفنزويلية الجديدة لحث كبار المنتجين على السيطرة على المعروض النفطي دعما للأسعار حيث من المتوقع أن يقوم خلال الأيام القادمة وزير النفط الفنزويلي إيولوخيو ديل بينو بزيارة دول في «أوبك» وخارجها في إطار سعيه لإنعاش الأسعار وتخفيف وطأة الأزمة الاقتصادية المتفاقمة في بلاده.
ويعقد المراقبون في السوق آمالا أكبر على لقاء كبار المنتجين في الاجتماع الوزاري للمنتدى الدولي الـ 15 للطاقة في الجزائر أواخر الشهر المقبل وسط تلميحات من كبار المنتجين إلى إمكانية أن يسفر الاجتماع عن إجراءات وتفاهمات جديدة بين المنتجين تعزز استقرار السوق وتدفع في اتجاه تعاف أسرع لمستوى الأسعار.
وأوضح روبين نوبل مدير شركة «أوكسيرا» البريطانية للاستشارات المالية، أن كبار منتجي النفط خاصة في دول الخليج تعاملوا بشكل جيد مع أزمة تراجع أسعار النفط حيث ركزوا على خطط التنويع الاقتصادي ومن المتوقع أن يتجاوز معدل النمو في القطاعات غير النفطية في بعض هذه الدول أكثر من 4 في المائة في العامين المقبلين.
وأشار نوبل إلى أن دولا أخرى تعاملت مع الأزمة مع خلال تعزيز وزيادة الاستثمارات الحكومية في القطاع النفطي لتعويض الانخفاض الحادث في استثمارات القطاع الخاص وهو ما حافظ على استمرارية الصناعة وقام بتأمين امدادات جيدة من الطاقة إلى الأسواق العالمية ما جعل الكثير من المنتجين التقليديين يوسعون حصههم السوقية.
وأضاف نوبل أن ارتفاع المخزونات مازال العقبة الرئيسة أمام توازن السوق وهو ما أكده وزير الطاقة، ولكنه وبحسب توقعات وكالة الطاقة الدولية فإن المخزونات ستتقلص كثيرا خلال الشهور القادمة ما يمثل دعما قويا لمستوى الأسعار، مشيرا إلى أن تحسن الطلب ما زال بوتيرة أقل من وفرة المعروض التي يقودها حاليا كبار المنتجين في «أوبك».
واعتبر نوبل أن جولة وزير النفط الفنزويلي في دول «أوبك» قد لا تكون لها نتائج قوية خاصة أنها ليست المحاولة الأولى من قبل فنزويلا للضغط على المنتجين لتقليص المعروض، حيث سبق أن أخفقت مبادرة تجميد الإنتاج في (أبريل) الماضي، مشيرا إلى أن تقليص الإنتاج بات مهمة صعبة في ضوء المنافسة المحمومة على الحصص السوقية وزيادة الإنتاج من قبل كبار المنتجين.
من جانبها، تقول أنجيلا سترانك مدير تكنولوجيا مشروعات المصب في عملاق الطاقة بريتيش بتروليوم «بي بي»، إن سوق الطاقة تشهد تغيرات سريعة ومتلاحقة ويمكن وصف المرحلة الحالية بأنها مرحلة تقوم على تنوع الموارد والثورة التكنولوجية وهو ما أدى إلى نقلة نوعية في مشاريع الطاقة التي بدأت برية ثم اتجهت إلى المشاريع البحرية واتجهت حاليا إلى مشاريع المياه شديدة العمق.
وأضافت سترانك أنه لابديل الآن في سوق الطاقة عن إعطاء اهتمام خاص لعدة ملفات حيوية أولها تنمية وتطوير مصادر الطاقة المتجددة، وثانيها التركيز على الدور المهم للغاز كمورد رئيس للطاقة في المستقبل، وثالثها ضرورة تعزيز كفاءة استخدام الطاقة، ورابعها دعم الابتكار بشكل قوي في كل نواحي ومجالات الصناعة.
وأكدت سترانك أن «بي بي» تتجه حاليا إلى تعديل محفظتها الاستثمارية نحو المزيد من الاعتماد على مشاريع الغاز التي تحتل حاليا 50 في المائة من استثمارات الشركة إلى 60 في المائة بإضافة مشاريع جديدة للغاز الطبيعي في جميع أنحاء العالم.
ونوهت سترانك إلى أن «بي بي» لديها عديد من المشاريع الكبرى في سلطنة عمان وفي دلتا النيل في مصر، إلى جانب المشروع الأكبر وهو الممر الجنوبي للغاز في أوروبا الذي سينقل الغاز من تحت بحر قزوين عبر أذربيجان وجورجيا وتركيا واليونان وألبانيا إلى جنوب إيطاليا.
من ناحيته، أوضح جيير أورين مدير المشروعات في شركة «شتات أويل» العالمية للطاقة، أن سوق الطاقة تتجه إلى التوازن التدريجي بين العرض والطلب، مضيفا أن الاستثمارات لابدَّ أن تطور من قدراتها لمواجهة التحديات المستقبلية خاصة ارتفاع الطلب المتوقع.
وأشار أورين إلى أن «شتات أويل» تولي اهتماما خاصا لمشروع هامرفست للغاز الطبيعي المسال من أجل تطوير طاقتها الإنتاجية والحفاظ على مستوى عال في إنتاج الطاقة، كما تولي اهتماما موازيا للتنمية المستدامة في مشاريع التقاط وتخزين الكربون باعتبار أن الجوانب البيئية ستكون مستقبلا أكثر التصاقا بصناعة الطاقة.
وأضاف أورين أن الشركة نجحت حتى الآن في التقاط وتخزين أربعة ملايين طن من ثاني أكسيد الكربون في هذا المشروع الذي يعد من أهم المشاريع العالمية التي تنتج الغاز الطبيعي المسال وتقوم بتخزين الكربون بشكل منفصل ومتواز، منوها إلى أن أسعار النفط تلقت دعما أخيرا من أنباء عن تحركات للمصدرين لضبط السوق، مشيرا إلى أن تحركات المصدرين لا بدَّ أن تكون مستمرة وتشهد قدرا عاليا من التنسيق والتعاون وتدفع لاستقرار السوق ولا تكون تحركات محدودة ومؤقتة ويجب ألا تكون مرهونة فقط بانخفاضات الأسعار.
وكانت أسعار النفط قد صعدت بنحو 2 في المائة في ختام تعاملات الأسبوع المنصرم مسجلة أكبر زيادة أسبوعية منذ (أبريل) ومعززة مكاسب الجلسة السابقة التي بلغت نحو 5 في المائة التي أثارتها مشتريات لتغطية مراكز مدينة بعد تصريحات للمهندس خالد الفالح وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية بشأن تدخل محتمل للمساعدة على استقرار السوق.
وبحسب «رويترز»، فقد أنهت عقود خام القياس العالمي مزيج برنت لأقرب استحقاق جلسة التداول مرتفعة 93 سنتا أو 2.02 في المائة لتسجل عند التسوية 46.97 دولار للبرميل بعد أن لامست 47.05 دولار وهو أعلى مستوى في أكثر من ثلاثة أسابيع.