أكدت منظمة الدول المصدرة للبترول «أوبك» أن أنشطة المضاربة تستغل تقلبات الأسعار العالمية للنفط الخام، التي تفاقمت من (يونيو) 2014 إلى (يناير) 2015، مشيرة إلى أن أرباح المضاربين تراوح في المتوسط بين 10 و30 دولارا في البرميل وربما أكثر.
وبحسب تقرير حديث للمنظمة حمل عنوان «مضاربات السوق وأسعار النفط» فإن أنشطة المضاربة تزدهر عندما تتأرجح الأسعار وهنا تتحقق المكاسب الضخمة لهم، التي تصل إلى مليارات الدولارات وهو عكس ما تسعى إليه منظمة أوبك وهو الحفاظ على الاستقرار في السوق وحماية مصالح كل الأطراف الرئيسية في سوق الطاقة خاصة المنتجين الأعضاء في المنظمة.
وشدد التقرير على سعى «أوبك» إلى مساعدة السوق على مكافحة أنشطة المضاربة والحد من نشاطها ومنعها من تحقيق المكاسب الباهظة الناتجة عن التغيرات في السوق دون إضافة قيمة إنتاجية جديدة.
وأشار التقرير إلى تصريحات عبدالله البدري الأمين العام لمنظمة أوبك مرارا في عديد من المحافل الدولية، التي أكد فيها صعوبة الوصول إلى تكهنات دقيقة عن المتغيرات في سوق النفط وركز على ضرورة وجود حدود لما يسمى «التداول الصحي» ومنع الممارسات المفرطة وغير المسؤولة.
وأوضح التقرير أنه عندما انخفضت أسعار النفط العالمية بأكثر من 50 دولارا للبرميل منذ الصيف الماضي وحتى بداية هذا العام تركزت تعليقات المعنيين بهذه الصناعة على إلقاء اللوم بشكل مباشر على النمو المفرط وزيادة المعروض في السوق.
وذكر التقرير أن هذا الأمر صحيح فقد حدثت زيادة كبيرة في الإمدادات من خارج «أوبك» بالتزامن مع ضعف الطلب وهو السبب الرئيسي لما حدث ولكن يجب ألا يصرف ذلك نظرنا عن وجود عامل آخر شديد الأهمية أسهم بحدوث هذا الانكماش في السوق وخفض الأسعار وهو أنشطة المضاربة.
وجدد التقرير التأكيد على تصريحات عبدالله البدري الأمين العام لـ «أوبك»، الذي أكد فيها أن الأحداث التي وقعت أخيرا في السوق غير كافية حتى يفقد النفط 60 بالمئة من قيمته خلال تلك الفترة لأنه من الواضح أن المضاربين قد لعبوا أيضا دورا في هذه الأزمة.
وقال التقرير إن أنشطة المضاربة ليست جديدة على أسواق الطاقة، ومنظمة أوبك سبق أن حذرت منذ فترة طويلة من تصرفات المضاربين كما أن نشاطهم يتسع في كل أنواع التجارة ويمتد إلى مختلف أسواق الطاقة في جميع أنحاء العالم.
وأشار التقرير إلى أن أنشطة المضاربة تضم عديدا من الكيانات وتزدهر عندما تزداد المخاطر وتنتهز الفرص لتحقيق أقصى قدر من الأرباح وتركز على البيئات التجارية الحساسة، التي يغلب عليها أنها محفوفة بالمخاطر.
وأكد التقرير أن أنشطة المضاربة تركز على استغلال الظروف والفرص حيث يدفعها نشاط محموم وطموح غير رشيد لتحقيق الأرباح وزيادة الأرصدة في المصارف وهو نشاط بلا ضمير ولا يعرف الرحمة خاصة عندما تكون المخاطر عالية.
وأشار التقرير إلى أن المضاربين يسعون إلى تطويع السوق لخدمة مصالحهم وفق قاعدة أساسية وهى الشراء بأقل الأسعار والبيع بأعلى سعر واستغلال الفرص الذهبية للاستثمار.
وأضاف التقرير أنه عندما تنخفض أسعار النفط الخام بشكل مفاجئ كما كان الحال في الآونة الأخيرة فإن المضاربين يترقبون الوصول إلى الوقت المناسب وإغراق السوق بعد أن نجحوا في شراء كميات هائلة من النفط بأقل سعر ممكن.
ووفقا للتقرير فإن المضاربين يركزون على عمليات الاستحواذ في ظل الأسعار المنخفضة وينتظرون أن يرتفع سعر مرة أخرى قبل الإقدام على بيعها بربح كبير.
وذكر أن المضاربين رغم أن لديهم مساحة كبيرة من النشاط إلا أن نشاطهم ما زال محدودا مقارنة بحجم السوق، حيث يمكن لأسواق العقود الآجلة للنفط تداول أكثر من مليار برميل من النفط على الرغم من المعروض العالمي الفعلي هو جزء بسيط من ذلك وهو 92.5 مليون برميل يوميا.
وأوضح أن طريقة عمل المضاربين تتمثل حاليا في الشراء الفعلي للبرميل الخام بأسعار منخفضة، ثم تخزينها في البحر وعندما ترتفع أسعار النفط تجرى عملية بيع النفط ويتم جني أرباح ضخمة.
وقال التقرير إن أنشطة المضاربين تدفع دوما إلى تراجع الأسعار وهو ما رصدته التقارير الشهرية الدورية لمنظمة أوبك، مشيرا إلى أنه لوحظ في (سبتمبر) من العام الماضي حينما كانت الأسعار تنخفض قام مديرو صناديق التحوط وغيرها من الأموال بتخفيض صافي مراكزهم الدائنة في برنت وتداول العقود الآجلة في بورصة نايمكس وخام غرب تكساس بنسبة كبيرة ما بين 45 و73 بالمئة.
وأشار إلى أن المضاربين يسعون دائما إلى الاستفادة الكاملة من تقلب النفط الخام واستغلال هبوط الأسعار في زيادة شراء الأصول الجديدة مشيرا إلى أن الدراسات الاقتصادية أكدت أن متوسط حجم التداول في العقود الآجلة لخام برنت أظهر زيادة بنسبة 42 بالمئة خلال العام، موضحا أنه لا داعي للتعجب من عدم الاستقرار في سوق النفط، بسبب تقلب الأسعار وهشاشة السوق بشكل عام.
وأوضح التقرير أن عدم استقرار السوق وتداخل العوامل المؤثرة على الأنشطة التجارية ربما يدفع إلى تنامي أنشطة المضاربة بسبب صعوبة التنبؤ بالمتغيرات وتأثيرها في السوق.
وأكد التقرير أنه في حالة البورصات العالمية للسلع الأساسية سواء الطاقة أو المعادن، أو الزراعة فمن المفترض أن القواعد الأساسية للعمل هي العرض والطلب وهى المتحكم الرئيسي في كيفية أداء الأسعار إلا أن بعض المتغيرات في البيئة الاقتصادية مع الأسف أدت إلى تنامي ثقافة الجشع والمصلحة الذاتية ولم يكن هذا وضع السوق على مدارة فترة طويلة سابقة.