تمر على الكويت غدا الذكرى السنوية السابعة لرحيل الأمير الوالد الشيخ سعد العبدالله السالم الصباح الذي انتقل إلى جوار ربه في 13 مايو عام 2008 تاركا وراءه تاريخا حافلا بالعطاء والإخلاص لوطنه ولشعبه.
 
ويعتبر الشعب الكويتي الراحل الكبير رمزا من رموز الكويت الوطنية البارزة عبر مسيرته الطويلة في خدمة بلاده لاسيما في المحطات المفصلية والمهمة من تاريخها وعلى وجه الخصوص خلال محنة الغزو العراقي للكويت عام 1990.
 
ويعد الشيخ سعد العبدالله الحاكم ال14 من سلسلة حكام آل الصباح وهو الابن الأكبر للأمير الراحل الشيخ عبدالله السالم الصباح وولد عام 1930 وتلقى علومه في المدرسة المباركية وعين عام 1949 في دائرة الشرطة العامة.
 
وساهم الشيخ سعد العبدالله بفعالية خلال حياته العملية في وضع أسس بناء الكويت الحديثة حيث كان شاهدا على اللحظات الأولى لاستقلال البلاد وقيام دولة الكويت وفق المفاهيم المعاصرة كما شارك في اعداد الدستور وكان عضوا فاعلا في إنجازه.
 
كما يعتبر الراحل أحد صانعي السياسة الكويتية في مجالي الأمن والدفاع فقد كان أول وزير للداخلية عام 1962 وثاني وزير للدفاع في ظل الدستور وفي 31 يناير عام 1978 بادر الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح طيب الله ثراه بتزكية الشيخ سعد العبدالله ليكون وليا للعهد وبعدها بأيام وفي الثامن من شهر فبراير من العام ذاته صدر أمر أميري بتعيينه رئيسا لمجلس الوزراء.
 
وفي 16 فبراير من العام ذاته كلف الشيخ سعد العبدالله تشكيل الحكومة فكانت الوزارة العاشرة في تاريخ الكويت وقدر له أن يتولى رئاسة الحكومة في ظروف محلية وإقليمية ودولية معقدة فبذل جهودا كبيرة لمواجهة الازمات والتحديات.
وعمل الراحل الكبير على تعزيز قدرات البلاد الدفاعية والأمنية ورفع كفاءتها البشرية والتقنية فكان من الرجال الذين تركوا بصمات واضحة في التشريعات والقوانين الخاصة بالإقامة والجنسية وشروط منحها.
 
كما اجتهد في تحديث الكثير من المرافق العامة وزيادة الخدمات المقدمة إلى المواطنين في المجالات كافة وأولى اهتماما بالغا بشؤون الثقافة والإعلام ودعم المؤسسات التعليمية التعليمي والارتقاء بمستوى التعليم باعتباره أساس تقدم الوطن و بناء الاجيال وغرس قيم الانتماء والولاء وحب الوطن.
 
وعلى صعيد العلاقات الخارجية لدولة الكويت حرص الشيخ سعد العبدالله عندما كان وليا للعهد على تبادل الزيارات الرسمية مع القادة وكبار المسؤولين في مختلف دول العالم بهدف تدعيم جسور التعاون مع الدول الشقيقة والصديقة في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية كما اهتم بدعم الروابط الامنية معها وقد كانت للكويت مواقف حاسمة ضد أي تهديد تتعرض له دول مجلس التعاون الخليجي.
 
وكان للراحل خلال فترة الغزو العراقي لدولة الكويت عام 1990 دور فعال في بناء تحالف من 34 دولة شاركت في تحرير الكويت فضلا عن تقوية عزيمة الكويتيين في المنفى واستقطاب الرأي العام العالمي لدعم الشرعية الكويتية وجال على الدول الشقيقة والصديقة لشرح قضية الشعب الكويتي العادلة وأقنع قادة ومسؤولي تلك الدول في الوقوف الى جانب الحق الكويتي.
 
كما كانت لكلماته التي وجهها لأبناء الشعب الكويتي أثناء محنة الاحتلال مردودها الإيجابي في شحذ الهمم ورص الصفوف لدحر العدوان ورد كيد المعتدين وعمل الراحل على رعاية الكويتيين في الخارج وبذل جهود كبيرة في دعم الصامدين ورجال المقاومة في الداخل إلى جانب دوره في إصلاح ما دمره الاحتلال بعد تحرير البلاد في 26 فبراير عام 1991 وعودة القيادة الشرعية.
 
ورغم أن الفترة التي تلت التحرير مباشرة كانت من أصعب الفترات التي مرت على الكويت في تاريخها الحديث لكن الشيخ سعد العبدالله برز خلالها بأدائه المتفاني ودبلوماسيته العالية وحزمه وإصراره الصلب على التعامل مع الصعاب التي واجهت الدولة منذ اللحظة الأولى للتحرير وتمثل ذلك في إعادة مرافق الدولة إلى العمل بكل كفاءة وسرعة.
 
كما تم فرض الأمن والنظام وإظهار هيبة الدولة وسلطتها والتعامل مع فلول الاحتلال ومن تعاون معهم بكل حزم وعدل والتعامل مع أكبر جريمة بيئية في التاريخ المعاصر حين أشعلت قوات الاحتلال الآبار النفطية.
 
وكان الأمير الوالد الشيخ سعد العبدالله طيب الله ثراه يؤمن بأن قوة أبناء الكويت تكمن في وحدة الكلمة لذا سيبقى الراحل رحمه الله ماثلا في وجدان الكويتيين رمزا للشجاعة والوفاء.