يعد النظام الديمقراطي البرلماني الكويتي مصدر فخر للكويتيين وسط محيطهم الخليجي والعربي بل والعالمي، فمنذ نشأة الكويت في القرن الثامن عشر تعد الكويت أول دولة خليجية في المشاركة الشعبية في صنع القرار بإتباع حكام الكويت من آل الصباح منذ العام 1752 لمبدأ الشورى مع الكويتيين، مرورا بعهد الشيخ أحمد الجابر الصباح بتأسيس مجلس شورى عام 1921، وفي أعقاب ذلك وقبل الاستقلال عرفت الكويت الديمقراطية ونظام الانتخاب بإجراء 3 انتخابات عامة هي انتخاب المجلس البلدي عام 1931 وانتخاب أول مجلسين تشريعيين في عامي 1938 و1939.
ويأتي مجلس 2016 بعد اجراء الانتخابات البرلمانية الأخيرة في 26 نوفمبر 2016 بعد حل مجلس الأمة السابق بمرسوم أصدره سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد الصباح ثم إصدار سموه مرسوما آخر بإجراء انتخابات جديدة لانتخاب 50 عضوا يمثلون 5 دوائر انتخابية، ليؤكد أن الكويت لها تاريخ ديمقراطي وبرلماني عريق عمره 78 عاما منذ أول انتخابات تشريعية في العام 1938، وعمره نحو 53 عاما منذ انتخاب أول مجلس أمة في العام 1963 وحتى مجلس 2016 والتي تعد انتخاباته العملية الانتخابية رقم 18 منذ استقلال الكويت عام 1961 في عهد الشيخ عبد الله السالم المعروف باسم « أبو الدستور « وأطلق اسمه على القاعة التي تعقد بها جلسات المجلس العامة تخليدا لذكراه ولإيمانه الشديد بالديمقراطية ودوره في إصدار دستور الكويت عام 1962 وتأسيس مجلس الأمة وإجراء أول انتخابات برلمانية لأول مجلس امة عام 1963 وتوالت بعد ذلك الانتخابات البرلمانية وتشكيل المجالس.
وفي السطور التالية نقلب صفحات تاريخ نشأة الحياة البرلمانية وتطورها وازدهارها في الكويت.
 

مبدأ الشورى 

 روح الديمقراطية الأصيلة كانت متجذرة في المجتمع الكويتي بين الحاكم والمحكوم منذ نشأة الكويت كمجتمع مترابط في العام 1716 فقد كانت الكويت مجبولة منذ تأسيسها على الشورى والتواصل والتلاحم بين أفراد مجتمعها الصغير وذلك من خلال الدواوين التي هي في الواقع برلمانات محلية مصغرة تنتشر في أحياء الكويت القديمة يتبادل فها أهل الرأي والشورى آراءهم، الى أن تم تدشين مبدأ الشورى بمبايعة أهل الكويت لآل الصباح كأسرة حاكمة للدولة الوليدة في العام 1752 م ورافقت روح الديمقراطية والشورى الكويتيين مع انتقال السلطة من أمير الى أمير في أسرة آل الصباح الكريمة منذ صباح الأول العام 1752 وحتى صباح الرابع العام 2006.
 ومع بدايات عهد الحاكم العاشر الشيخ أحمد بن جابر الصباح(1921-1950) شهدت الكويت أول مجلس شورى في 1921 وهو أول حدث سياسي منظم يسهم في تحديد السلطات في الدولة وطريقة إدارتها وأول مشاركة مباشرة من الشعب في إدارة شؤون البلاد وقد وافق الشيخ أحمد الجابر على تشكيل مجلس الشورى بطريقة التعيين ويتكون من 12 عضوا من وجوه البلد وتم اختيار أعضاء المجلس بالتزكية وهذا المجلس هو الذي بايع الشيخ أحمد الجابر في ابريل 1921.
 

أول مجلس بلدي منتخب

 وتطورت المشاركة الشعبية نحو المزيد من الديمقراطية وشهدت الكويت أول مجلس بلدي منتخب في العام 1931 يتكون من 11 عضوا ورئيس دائم ومدير وينتخب الأعضاء والمدير كل سنتين، وكانت تلك هي الفرصة الأولى للكويتيين لممارسة التجربة الانتخابية حيث اختاروا أعضاء للمجلس البلدي عبر صناديق الاقتراع، وهذه التجربة زرعت بذور العمل السياسي الديمقراطي المنظم عبر الاقتراع لدى اهل الكويت رغم بساطة المجتمع الكويتي حينئذ، وتلت انتخابات البلدية انتخابات لدوائر المعارف والصحة والأوقاف عام 1936 م وكان لتلك الانتخابات أثرها الكبير في زيادة الوعي بمبدأ الشورى والمشاركة في تنظيم شؤون الدولة من خلال مؤسساتهم.
 
 انتخاب اول مجلسين تشريعيين في 1938 و1939
 في عام 1938 جرى انتخاب أول مجلس تشريعي منتخب ليس في الكويت فقط بل يكاد يكون في المنطقة الخليجية بأكملها، وتم اختيار أعضائه الأربعة عشر عن طريق الانتخاب وتم اختيار الشيخ عبد الله السالم رئيساً للمجلس وجرى إعداد دستور للكويت في يوليو 1938، وجاء هذا المجلس تحت تأثير ظروف داخلية وخارجية في عهد الشيخ أحمد الجابر الصباح رأى الكويتيون ضرورة المشاركة بالحكم بشكل أكثر نيابية وديمقراطية من أجل عمل إصلاحات عدة في المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية. وتم حل مجلس 1938 بعد فترة وجرت انتخابات لاختيار أعضاء مجلس تشريعي جديد في اوائل عام 1939 وتم اختيار الشيخ عبد الله السالم رئيساً للمجلس ايضا، وتم اعداد دستور جديد، الا انه تم حل المجلس في مارس 1939 قبل ان يبدأ عمله الفعلي لوجود خلافات في وجهات النظر.
 
نشأة النظام البرلماني بعد الاستقلال
 بعد الاستقلال عام 1961 تبنت الكويت في عهد الامير الراحل الشيخ عبد الله السالم الصباح النظام البرلماني بصدور القانون رقم (1) لسنة 1962 متضمناً النظام الأساسي للحكم في فترة الانتقال من الإمارة الى الدولة وكان بمثابة دستور مؤقت يطبق خلال الفترة التي سبقت إصدار الدستور الدائم الذي صاغه المجلس التأسيسي في يناير عام 1962 وكان مكونا من عشرين عضواً تم اختيارهم بالانتخاب إضافة الى أحد عشر وزيراً كانوا جميعا من أسرة آل الصباح وتم انتخاب السيد عبد اللطيف ثنيان الغانم رئيسا للمجلس التأسيسي، كما انتخب الدكتور أحمد محمد الخطيب نائباً لرئيس المجلس وقد عمل الدستور على تحقيق التوازن بين النظام البرلماني والنظام الرئاسي بالاسلوب المزدوج، إضافة الى الأخذ بنظام الفصل المرن بين السلطات والتي تقيم تعاوناً فيما بينها.
  
15 مجلس أمة منذ الاستقلال
 أسس دستور دولة الكويت الحالي الصادر في العام 1962 السلطة التشريعية المنتخبة والممثلة في مجلس الأمة المكون من 50 عضوا منتخبا الى جانب وزراء الحكومة الذين يشغلون بحكم مناصبهم الوزارية عضوية المجلس، وأجريت أول انتخابات برلمانية في العام 1963 ومنذ ذلك الوقت وحتى 2016 خرج الكويتيون 17 مرة لانتخاب ممثليهم وتشكيل 15 مجلس أمة اضافة الى مجلسين تم ابطالهما من المحكمة الدستورية، منها انتخاب 6 مجالس خلال 30 عاما منذ العام 1963 وحتى الغزو الصدامي الغاشم للكويت في 2 أغسطس 1990 حيث أجريت الانتخابات البرلمانية الستة في الأعوام التالية : 1963، 1967، 1971، 1975، 1981، 1985، مع ملاحظة انه تم حل مجلس 1975 حلا غير دستوري عام 1976 وتعطلت الحياة البرلمانية بعده وعادت عام 1981، وتم حل مجلس 1985 حلا غير دستوري عام 1986 وتوقفت الحياة البرلمانية بعده حتى وقع الغزو الغاشم عام 1990. وبعد تحرير الكويت في 26 فبراير 1991، عادت الشرعية الكويتية وعادت معها الروح الى الحياة البرلمانية من جديد باجراء الانتخابات البرلمانية في 20 أكتوبر 1992 بعد انقطاع دام أكثر من ست سنوات منذ العام 1986 وبدأ المجلس السابع برئاسة السيد أحمد عبد العزيز السعدون في ممارسة مهامه التشريعية والرقابية، ومنذ هذا التاريخ وخلال ربع قرن من الزمان أجريت 11 عملية انتخابية وتشكيل 9 مجالس أمة اضافة الى مجلسين تم ابطالهما بحكم من المحكمة الدستورية في الاعوام التالي : 1992، 1996، 1999، 2003، 2006، 2008، 2009، (فبراير 2012)، (ديسمبر 2012)، 2013، وأخيرا انتخابات العام 2016، وخلال تلك الفترة تم إبطال مجلسين بقرار من المحكمة الدستورية هما مجلس فبراير 2012 ومجلس ديسمبر 2012.
 

رؤساء مجلس الأمة

منذ نشأة وانتخاب اول مجلس أمة عام 1963 وتوالى على رئاسة المجلس 8 رؤساء حتى مجلس 2013 يتوزعون حسب سنوات شغلهم المنصب كالتالي : عبد العزيز حمد الصقر (1963-1965)، سعود عبد العزيز العبد الرزاق (1965-1967)، أحمد زيد السرحان (1967-1970)، خالد صالح الغنيم (1971-1975) و(1976)، محمد يوسف العدساني (1981-1985)، أحمد عبد العزيز السعدون (1985-1986) و(1992-1996) و(1996-1999)و (2012 المبطل الأول)، جاسم الخرافي (1999-2003) و(2003-2006) و(2006-2008) و(2008-2009) و(2009-2011)، مرزوق علي الغانم (2013-2016). مع ملاحظة ان علي فهد الراشد تولى رئاسة مجلس الأمة المبطل الثاني « ديسمبر 2012 « الا انه تم إبطاله من المحكمة الدستورية.