استطاعت باتريثيا هايسميث، بعناوين مثل "غرباء في قطار" و"موهبة مستر ريبلي"، أن تصنع من رواية الرعب فناً، أن تخلق شخصيات قاتمة، يحيطها الغموض الأخلاقي والأجواء الكئيبة، لكن كيف حققت ذلك؟

الإجابة نجدها في صفحات كتابها "إثارة"، الصادر حديثاً بالإسبانية، والذي تشير فيه إلى أن "الكثير من الكتاب المبتدئين يعتقدون أن زملاءهم المكرسين يمتلكون وصفة سحرية لنيل النجاح، هذا الكتاب يحاول أن يدحض هذه الفكرة، ما من سر لتحقيق النجاح في الكتابة، إلا الفردية، أو بمعنى آخر، الشخصية". 

لذلك، لا يضم كتاب "إثارة" أي وصفات، ليس دليلاً ما، بل محض رؤية خاصة لكيف تكتب رواية لغز، أو بكلمات أخرى، كيف كانت تكتب هي روايات لغز، دون أن يغيب عن هذا الإطار اعتراف آخر لها: "جائزة كُتّاب الألغاز الأمريكية أعلقها في الحمّام، حيث أعلق كل الجوائز حتى تبدو أقل فخامة".

تقول هايسميث في كتابها: "أحب البدء بعبارة تعكس حركة أو تعطي انطباعاً بحدث، بدلاً من البدء بعبارة مثل "كان القمر هادئاً فوق الشاطيء الشاحب"، وتضيف:" لا يمكن أن تكون الحبكة حادة في عقل الكاتب بمجرد الشروع في العمل، أعتقد أنني أفكر في التسلية, أشعر بالراحة كلما حدثت لي مفاجآت".

كاتبة الرعب تؤكد في كتابها: "أرى شخصياتي والإطار العام والمكان، كذلك ما يحدث في الثلث أو الربع الأول من الرواية، لكن عادة هناك مساحة محو في النهاية، فمع الوقت يتبدد الضباب"، أما الخدع السردية فتقول عنها: "أي أحد يستطيع ببراعة أن يصنعها لأنها تأتي بمفردها، دون أن يكون لذلك أي علاقة بالأدب ولا بالنثر السردي الجيد".

وفي اعتراف لها تقول: "أحياناً أستخدم شخصية من الحياة الواقعية، بمعنى استعارة شكله الجسدي، لكنني لم أستخدم أبداً شخصية أحد أعرفه".
ورغم أنها حاولت تجنب النصح، إلا أنها تقول في كتابها: "كاتب الإثارة الذي سيكتب عن الجريمة والضحايا عليه ألا يكتفي بذلك، بل يجب أن يكتب ما هو أبعد من الهمجية والدم، عليه أن يضيء عقل شخصياته، بمعنى آخر أن يصنع شخصية مخترعة تبدو واقعية".