استبعد مختصون نفطيون حدوث تغيرات في نهج منظمة الدول المصدرة للنفط «أوبك» بخصوص الإنتاج خلال اجتماعها المقبل في 5 (يونيو) المقبل، مؤكدين أن الدول الأعضاء في المنظمة يمارسون استراتيجية الحفاظ على الحصص في السوق مع تزايد المعروض.
وقالوا إن استراتيجية «أوبك» خلال اجتماعها الأخير في (نوفمبر) بعدم خفض سقف الإنتاج مكّنت من الحد من استثمارات النفط الصخري ونشاط الحفر في الولايات المتحدة، خصوصا مع تزايد الضغوط للحد من الآثار البيئية لعمليات التنقيب.
وأكد لـ»الاقتصادية» بيوتر فدفنسكي المختص البولندي في شؤون النفط، أن كل التوقعات تتجه نحو إبقاء منظمة أوبك على سقف إنتاجها دون تغيير وأن يستمر ثابتا قرب 30 مليون برميل يوميا وهو حجم الإنتاج المستقر منذ أكثر من تسع سنوات، مشيرا إلى أن تعافي الأسعار وارتفاعها أكثر من 35 بالمئة من قيمتها منذ بداية العام الجاري يدعمان رؤية «أوبك» في التعامل مع السوق، خاصة فيما يتعلق بالحفاظ على سقف الإنتاج والحصص السوقية.
وأضاف المختص البولندي، أن تصريحات صدرت أخيرا عن إيران تؤكد دعم توجهات «أوبك» واستبعاد تغيير سقف الإنتاج وهو ما يعني أن الدول التي كانت تحبذ في الاجتماع السابق خفض الإنتاج لدعم الأسعار قد أيقنت مدى صحة قرار «أوبك» بالإبقاء على سقف الإنتاج بعدما بدأت السوق تأخذ خطوات متسارعة نحو التعافي وتصحيح الأسعار المنخفضة السابقة.
وأشار فدفنسكي إلى أن استعداد إيران لإحداث نوع من الطفرة التصديرية للنفط الخام بمجرد رفع العقوبات الاقتصادية عليها لن يقود إلى عودة تخمة المعروض لعدة عوامل منها التراجعات الحادة الموازية والمتوقعة في مستويات الإنتاج الأميركي بسبب توقف الحفارات النفطية إلى جانب أن الصادرات النفطية الإيرانية سيتم التنسيق بشأنها مع شركاء طهران في منظمة أوبك.
وكانت أسعار النفط في الأسبوع الماضي قد غلب عليها الارتفاع إلى مستويات قياسية وتجاوز النفط الخام الأميركي 60 دولارا للبرميل قبل أن تشهد نهاية الأسبوع انخفاضات جديدة بنسبة 2 بالمئة إثر بيانات عن التضخم في الاقتصاد الأميركي دفعت الدولار للعودة إلى الارتفاع. ونقلت وكالة أنباء مهر الإيرانية عن بيجن زنغنه وزير النفط الإيراني قوله أمس إن من المستبعد أن تغير «أوبك» سقف إنتاجها عندما تعقد المنظمة اجتماعها المقبل.
وأضاف «خفض سقف إنتاج أوبك يتطلب توافقا بين كل الأعضاء ... وفي ظل الظروف الحالية فمن المستبعد أن يتغير سقف إنتاج أوبك». إلى ذلك توقع المختصون أن تشهد تعاملات الأسبوع عودة المسار الإيجابي لأسعار النفط الخام التي تراجعت بنسبة 2 بالمئة في ختام التعاملات الجمعة الماضي، مؤكدين أن فترات التراجع السعري للنفط أصبحت محدودة ومؤقتة وأن السوق يميل بشكل عام لمواصلة النمو وارتفاع الأسعار.
وقال المختصون إن عودة الارتفاعات ستكون بسبب رئيسي وهو استمرار توقف الحفارات الأميركية وذلك بعد أن أعلنت شركة «بيكر هيوز» الأميركية للخدمات النفطية، استمرار تراجع عدد منصات التنقيب عن النفط للأسبوع الرابع والعشرين على التوالي في الولايات المتحدة وإن كان بوتيرة أقل.
وأشاروا إلى أن الانخفاضات في ختام الأسبوع الماضي كانت نتاج تحسن مستوى الدولار ولكن من المتوقع عودة الدولار للانخفاض بسبب بيانات غير قوية عن الاقتصاد الأميركي ما سيدعم أسعار النفط إلى جانب عوامل أخرى أبرزها بيانات اقتصادية أقوى متوقعة في دول الاستهلاك الكبرى ما يدعم مسيرة تحسن مستويات الطلب العالمي على النفط الخام.
وأوضح مدير شركة ماكسويل كوانت لأبحاث النفط والغاز أندرياس جيني ، أن ارتفاع أسعار النفط أمر مطلوب ومتوقع في هذه المرحلة التي تتسم بعديد من العوامل الداعمة للارتفاع وفى مقدمتها الزيادة المطردة في الطلب العالمي وتراجع حالة تخمة المعروض التي أضعفت الأداء في السوق خلال الفترة الماضية وذلك بالتزامن مع عدة عوامل أخرى ذات تأثير قوي في السوق، خاصة تراجع المخزونات والحفارات الأميركية.
وأضاف جيني أن الاستثمارات النفطية تواجه عددا من التحديات المهمة والمؤثرة ومنها عدم وصول الأسعار بعد إلى المستويات الملائمة اقتصاديا لها وأيضا قرب عقد محادثات الأمم المتحدة حول تغيرات المناخ في باريس خلال شهور قليلة.
وأشار جيني إلى أن الاحتمال الكبير في التوصل إلى اتفاق دولي لتحجيم وتقييد ظاهرة الاحتباس الحراري قد يفرض المزيد من القيود على الاستثمارات النفطية ويجمد مشروعات مهمة لاستخراج النفط والغاز من باطن الأرض بتكلفة تتجاوز مليارات الدولارات.
وأكد جيني أهمية التنسيق بين كبار شركات النفط والغاز لمواجهة تحديات انخفاض الأسعار وفى الوقت نفسه تحديات التغييرات المناخية الذي يمثل كلاهما ضغوطا كبيرة على تخفيض الاستثمارات لافتا إلى أن هناك ضغوطا دولية لتقليل الاستثمارات في موارد الطاقة، خاصة النفط والغاز بسبب ما يسمى عدم الجدية في تقليل انبعاثات الكربون.
ويرى مارتن جورجييف المختص بشؤون الطاقة في مؤسسة ألبيك البلغارية، أن عودة أسعار النفط الخام للارتفاع أمر منطقي بعد أن خاضت انخفاضات حادة وسريعة وغير مبررة ومفاجئة لكل الأوساط الاقتصادية ومن الطبيعي أن تعوض كثيرا من خسائرها بعد تراجع تأثير كثير من العوامل التي قادت إلى الانخفاضات السابقة.