أثار انتقال اللاعب الأرجنتيني المخضرم كارلوس تيفيز إلى الدوري الصيني القلق في أوساط الكرة الأرجنتينية، رغم أن انتقاله هذا يعد مؤشرا وعلامة أكثر أهمية بالنسبة لباقي دول العالم، فقد بات السوق الأسيوي الجديد مصدرا للخطر بالنسبة للدوريات الكبرى، التي قد تفقد أبرز نجومها شيئا فشيئا أمام الرواتب الفلكية، التي تدفعها أندية العملاق الأسيوي.
ويحصل تيفيز على 84 مليون دولار إذا ما أكمل عقده، الذي يمتد لعامين، مع نادي شنغهاي شينهوا الصيني، حسبما أعلن الأخير ونادي بوكا جونيورز الأرجنتيني، الذي انتقل له المهاجم الدولي قبل عام ونصف العام من أجل أن يختتم مسيرته معه عقب انتهاء ارتباطه بنادي يوفنتوس الإيطالي.
وأكدت صحيفة «لا ناسيون» الأرجنتينية أن تيفيز33/ عاما/ سيكون اللاعب صاحب أعلى أجر في العالم، متخطيا مواطنه ليونيل ميسي، نجم برشلونة، والبرتغالي كريستيانو رونالدو، مهاجم ريال مدريد، وهما الثنائي، الذي تقاسم جائزة أفضل لاعب في العام خلال العقد الأخير.
وقبل انتقال تيفيز للدوري الصيني، حط أرجنتيني آخر رحاله هناك قبل عام، وهو اللاعب الدولي ازيكيل لافيتزي، ولكن ما الذي دفع نجم كبير مثل لافيتزي الانتقال إلى تشنهوانجداو، المدينة الصينية الساحلية الواقعة شرقي الصين؟.
وتشتهر تشنهوانجداو بالصناعات الثقيلة وبوجود ميناء تصدير الفحم الأكبر في الصين، وهذا ما يجعل المدينة مكانا غير صحي على الإطلاق، حيث تظهر المؤشرات الرسمية ارتفاع نسبة الأبخرة الكيميائية والملوثات إلى مستويات ضارة بالصحة.
وبالطبع لم يتأثر لافيتزي في قراره بالانتقال إلى الصين بأن بداية سور الصين العظيم تقع في تشنهوانجداو أو أن هذه المدينة تشتهر بتقديم أطباق الجمبري المقلي، ولكن السبب الأكثر قبولا وراء هذه الخطوة يبدو في الراتب الكبير، الذي يتقاضاه لاعب باريس سان جيرمان الفرنسي السابق، مع ناديه الجديد هيبي فورشين.
وطبقا للتقارير الإعلامية، التي لم يؤكد على صحتها نادي هيبي في أي مناسبة، يتقاضى لافيتزي أسبوعيا 578 ألف يورو (600 ألف دولار تقريبا)، بواقع 150 ألف يورو إضافية أكثر من كريستيانو رونالدو، ليصبح من أعلى اللاعبين أجرا في العالم.
وداعبت الثروة الضخمة والأموال المتدفقة في الدوري الصيني أحلام اللاعب البرازيلي الدولي أوسكار، الذي قرر الأسبوع الماضي الانتقال إلى نادي شنغهاي إس أي بي جي.
ويتقاضى لاعب وسط الميدان البرازيلي أكثر من 21 مليون يورو سنويا، بالإضافة إلى حصوله على 70 مليون يورو مقابل رحيله عن ناديه الحالي تشيلسي الإنجليزي.
ويعتبر رحيل أوسكار إلى الصين أهم صفقات موسم الانتقالات الشتوية.
وانتقد الألماني يورجن كلوب، المدير الفني لنادي ليفربول الإنجليزي، القرار، الذي اتخذه أوسكار بالانتقال إلى الدوري الصيني، وقال: «ليس لدي فكرة لماذا يتخذ أحدهم مثل هذه القرارات، هذا بالنسبة لي لا يعد خيارا، فالدوري الصيني مسابقة لا تعد المنافسة فيها أمرا مهما، من السخيف أن ترحل من هنا وأنت في الـ 25 من العمر، يمكن القيام بهذا في مرحلة أخرى من عمر اللاعب، ولكن ليس في الـ 25».
وفي وقت سابق، نجح شنغهاي في الحصول على خدمات مهاجم برازيلي آخر، هو هالك.
وحط لاعبون أخرون رحالهم في الدوري الصيني خلال الفترة الماضية مثل البرازيليين اليكس تيكسيرا وراميريز والكولومبي جيوفاني مورينو والإيفواري جيرفينيو، وهو ما أطلق صيحة تحذيرية في أوساط الأندية الغربية.
يذكر أن اللاعب الألماني لوكاس بودولسكي، المحترف في صفوف جالطة سراي التركي، يعتبر أحد نجوم الكرة العالمية القريبين من الانتقال إلى الصين أيضا خلال الفترة المقبلة.
وحذر الإيطالي انطونيو كونتي، المدير الفني لتشيلسي، الذي اضطر إلى قبول رحيل أوسكار، من خطورة القدرات المادية الفائقة للدوري الصيني، التي اعتبرها خطرا محدقا بكرة القدم على المستوى العالمي.
ومن العجيب والمثير للسخرية في آن واحد، أن الأموال، التي ساهمت في جعل مسابقة الدوري الإنجليزي في هذه المكانة المرموقة، باتت في الوقت الراهن مصدرا للتهديد.
وأصبحت الكرة الصينية جاذبة أيضا للمدربين العالميين من أمثال الإيطالي مارشيلو ليبي والبرازيلي لويز فليبي سكولاري والألماني فيليكس ماجاث وأخرين، ممن خضعوا للإغراءات القادمة من أقصى الشرق.
وفي هذا الإطار، قرر المدرب الأوروجواياني جوستافو بويت، الذي بدأ الموسم الجاري مع ريال بيتيس الأسباني، الانتقال أيضا إلى الدوري الصيني ليتولى تدريب تيفيز مع نادي شنغهاي شينهوا.
وأعطى سيرخيو باتيستا، المدير الفني السابق للأرجنتين ومدرب شنغهاي شينهوا حتى عام 2014، تفسيرا لظاهرة الدوري الصيني، من خلال تصريحات إذاعية في الأرجنتين، حيث قال: «في الصين يرغبون في التعاقد مع النجوم من أجل الدعاية، كرة القدم عمل تجاري مهم والصينيون لا يريدون أن يبقوا خارج اللعبة».
وأكد باتيستا أن هناك سبب آخر لاهتمام الصين بالتعاقد مع كبار النجوم، يتمثل في رغبتها في تنظيم بطولة كأس العالم .2034
وأضاف باتيستا، الفائز بمونديال 1986 مع المنتخب الأرجنتيني، قائلا: «يحلمون في الصين بأن يكونوا مقرا لاستضافة مونديال 2034 ولهذا يريدون الارتقاء بكرة القدم».
وبالإضافة إلى ذلك، يعتبر الرئيس الصيني شي جين بينج، من المولعين بكرة القدم ويأمل في حصد بلاده للقب عالمي.
ورغم ذلك، تدلل بعض المؤشرات، على أن الاستثمارات الضخمة في الكرة الصينية، ستبدأ في التقلص.
ويعتبر أول هذه المؤشرات هو نية الحكومة في التدخل للتحكم في الرواتب المبالغ فيها وفي انتقالات اللاعبين من الخارج إلى الدوري الصيني.
وحتى هذه اللحظة لم تؤثر انتقالات كبار النجوم إلى الصين في زيادة قوة منتخبها الوطني، الذي يملك فرصا ضئيلة للتأهل إلى مونديال 2018 بروسيا.
ولكي تكتمل الصورة في هذا الإطار، أعلن الاتحاد الصيني لكرة القدم أنه سيقلص في المستقبل عدد اللاعبين الأجانب في كل فريق من أربعة إلى ثلاثة لاعبين. 
استقبال حافل لأوسكار
من نفس السياق حظي البرازيلي أوسكار باستقبال حافل لدى وصوله إلى الصين بعد إتمام صفقة انتقاله من تشيلسي الإنكليزي إلى نادي شنغهاي سيبغ في صفقة قيمتها 60 مليون جنيه إسترليني (74 مليون دولار).
وكان المئات من المشجعين بانتظار اللاعب البالغ من العمر 25 عاما لدى وصوله، وقد تسابقوا على التقاط الصور معه وإهداءه باقات الورود.
وسيلعب أوسكار بفريق شنغهاي تحت قيادة المدير الفني أندريه فيلاش-بواش المدرب السابق لتشيلسي، وسيحصل اللاعب بموجب العقد، الممتد لأربعة أعوام، على راتب أسبوعي قيمته 500 ألف إسترليني.
وسجل أوسكار 38 هدفا خلال 203 مباريات مع تشيلسي منذ أن انضم إليه قادما من إنترناسيونال البرازيلي في 2012، وتوج معه بالدوري الإنكليزي الممتاز والدوري الأوروبي وكأس رابطة المحترفين الإنكليزية.
لكن تغيير طريقة اللعب تحت قيادة المدير الفني أنطونيو كونتي قلصت زمن مشاركات أوسكار هذا الموسم.
واحتشد العشرات من مشجعي النادي في مطار بودونغ بالمدينة، للترحيب باللاعب الشاب البالغ من العمر 25 عاما.
وانفقت أندية الدوري السوبر الصيني في 2016، أموالا طائلة على استقدام لاعبين بارزين، في ظل سعي البلاد للتحول الى قوة كروية كبرى. إلا أن وسائل الإعلام الرسمية حذرت مؤخرا من «فقاعة» في عالم كرة القدم، في ظل هذا الانفاق غير المضبوط.
إلا أن المدير العام لشنغهاي سيبغ قلل الاثنين من هذه الهواجس. وقال سوي غويانغ لوكالة فرانس برس «الدوري يتطور، لذا من الطبيعي أن يمر في مراحل مختلفة»، مضيفا «أعتقد أنه من الآن فصاعدا، الدوري الصيني الممتاز سيصبح صحيا أكثر وطبيعيا أكثر».
إلا أن مشجعي النادي أبدوا عدم اكتراث للمبالغ المدفوعة، طالما أنها تؤدي إلى استقطاب لاعبين بارزين.
وقال مشجع شنغهاي سيبغ تسو جياهو «في نهاية المطاف، إذا لم تدفع الأموال، فإن أحدا لن يكون مستعدا للقدوم إلى هنا».