قال التقرير الصادر عن شركة كامكو للاستثمار امس الثلاثاء لقد دفع تراجع أسعار النفط على مدى العاميين الماضيين بالدول المصدرة للنفط في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى استهداف سياسات كانت قد تعتبر في ظروف أخرى غير قابلة للتحقيق. هذا وتوجد حاجة ملحة في الوقت الحاضر لجمع رؤوس الأموال لتمويل عجز الموازنات المتوقع في المستقبل القريب وذلك لان الفائض المتراكم خلال العقد الماضي او نحو ذلك لن يكون كافيا إلا لمساندة العجز المستقبلي لفترة محدودة فقط. ولحسن الحظ فإن معظم الدول المصدرة للنفط في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لديها جودة ائتمانية جيدة بما يمكنها من إصدار سندات الدين في السوق العالمية بيسر. وهذا هو الوضع بالتحديد في دول مجلس التعاون الخليجي، حيث ان معظم الاقتصادات لا زالت تتفاخر بتصنيفها الائتماني على الرغم من قيام مؤسسات التصنيف الائتماني بالعديد من التخفيضات الائتمانية على مدى الثماني عشر شهرا الماضية.
ونتيجة لذلك من المتوقع ان يستمر نمو سوق الدخل الثابت خلال العام 2017، على الرغم من انه لا يتوقع أن تكون وتيرة النمو بقوة القفزة المفاجئة التي شهدناها خلال العام 2016. حيث كان الدافع الأساسي وراء ازدياد إصدارات الدخل الثابت في دول مجلس التعاون الخليجي خلال العام 2016، والتي ازدادت إلى أكثر من الضعف وبلغت 66.5 مليار دولار أمريكي، يتمثل في المقام الأول في إصدار الدين السيادي للملكة العربية السعودية والامارات العربية المتحدة وقطر. من جانب آخر، شهدت إصدارات العام 2015 تراجعا هامشيا عن العام الأسبق نظرا لأن دورة الاستثمار كانت في وضع الانتظار والترقب فيما يتعلق بتعافي أسعار النفط.
الأداة الاستثمارية
أما فيما يتعلق بنوع الأداة الاستثمارية، فقد هيمنت السندات على السوق خلال العام 2016 في حين تراجعت إصدارات الصكوك وذلك على الرغم من ان إصدار الصكوك عالميا كان اعلى قليلا عن العام السابق. في حين تراجع إصدار الصكوك في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للعام الثالث على التوالي بنسبة 25 بالمئة في العام 2016، أي اقل قليلا من التراجع الذي شهده العام 2015 بنسبة 27 بالمئة. من جهة أخرى، ارتفعت إصدارات السندات من 42 مليار دولار أمريكي في العام 2015 إلى 75.8 مليار دولار أمريكي في العام 2016، فيما يعد قفزة تفوق نسبة 80 بالمئة. هذا ويعزى تراجع اصدار الصكوك في العام 2016 في الأساس للضغوط التي تعرضت لها سيولة البنوك نتيجة لتراجع الايداعات النفطية، والذي ربما قد أدى إلى التأثير على الطلب على الأدوات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية من البنوك والصناديق الإسلامية. وقد نتج عن ذلك اضطرار الإصدارات السيادية للتحول إلى المستثمرين العالميين لجمع الأموال. بالإضافة إلى ذلك جاء الطلب من جهة المستثمرين الدوليين وخاصة لسعيهم لتحقيق عوائد أفضل واستثمارات آمنة، كما هو متوقع من الإصدارات السيادية لدول مجلس التعاون الخليجي. أما على الصعيد الدولي، فقد تراجعت إصدارات السندات ذات العائد المرتفع للعام الرابع على التوالي نتيجة لتراجع صفقات الدمج والاستحواذ والتي تعد أحد المحركات الأساسية لإصدار السندات. إلا انه على الرغم من ذلك نحن نرى أن آفاق سوق الدخل الثابت تبدو أكثر اشراقا في العام 2017 بفضل توقعات تسارع وتيرة النمو الاقتصادي على مستوى كافة الأسواق في الولايات المتحدة وأوروبا، إضافة إلى الانتعاش المتوقع أن يطرأ على الدورة الاستثمارية والتي أصابها العطب على مدى السنوات القليلة الماضية.
أسعار الفائدة
قد يؤدي رفع أسعار الفائدة الذي أعلنت عنه دول مجلس التعاون الخليجي بواقع 25 نقطة أساس ردا على رفع الفيدرالي الأمريكي لسعر الفائدة في ديسمبر 2016 إلى زيادة تكاليف الديون المصرفية في دول مجلس التعاون الخليجي. إلا ان ردة فعل البنوك المركزية الخليجية كانت تستهدف الحفاظ على ربط عملاتها بالدولار الأمريكي. أما فيما يتعلق بقرار السعودية في الإبقاء على معدل اتفاقيات أعادة الشراء (الريبو) دون تغير فنرجح من وجهة نظرنا ان يكون لضمان توفر السيولة بمستويات مريحة في النظام المصرفي وللتدخل لمنع أسعار فائدة الاقتراض بين البنوك من الارتفاع بشدة. كما أوضح بنك الكويت المركزي أن خطوة رفع سعر الخصم ردا على رفع الاحتياطي الفدرالي لأسعار الفائدة كان الهدف من ورائها المحافظة على استمرار تنافسية وجاذبية العملة الوطنية كوعاء للمدخرات المحلية. ووفقا لحساباتنا يتوقع أن ترتفع تكاليف الاقتراض في الكويت بما يقرب من نسبة 11 بالمئة. إلا انه حتى بعد ارتفاع أسعار الفائدة بين البنوك لأجل ليلة واحدة، فإن أسعار الفائدة بين البنوك لأجل ثلاثة أشهر قد شهدت اتجاهات مختلطة، حيث ارتفعت في كل من السعودية والكويت وقطر، إلا انها تراجعت في الامارات من 1.4029 بالمئة إلى 1.3336 بالمئة، وذلك لأنه على الأرجح أن تقدم البنوك على الإقراض بشروط أبسط. وعلى الرغم من إبقاء بعض البنوك المركزية أسعار الفائدة بدون تغير في أعقاب رفع الاحتياطي الفدرالي لأسعار الفائدة بهدف الحفاظ على مستويات مريحة من السيولة في نظامها الاقتصادي، إلا انه يتوقع أن تنعكس أي زيادات مستقبلية في أسعار الفائدة على أسعار الاقتراض بين البنوك، مما يؤدي في نهاية المطاف إلى ارتفاع تكاليف الاقتراض في المنطقة.