صادرت السلطات الألمانية آلاف نسخ من ترجمة للقرآن باللغة الألمانية بحجة أن ترجمتها تبنت نهجاً متطرفاً ومتشدداً يحث على الكراهية والعنف، لكن السلطات الآن أمام معضلة التخلص من هذه النسخ بطريقة ملائمة.

على مدار عام 2016، قامت السلطات في عشر ولايات ألمانية بمداهمات لمئات المقرات التابعة لجمعية "الدين الحق" السلفية، ومصادرة عشرات الآلاف من نسخ من القرآن ترجمت إلى الألمانية بطريقة تقول السلطات إنها متشددة وأصولية. 

شعار "إقرأ"
هذه النسخ المترجمة كانت توزع ضمن حملة عُرفت برفع شعار "إقرأ". وبحسب تقارير وسائل الإعلام يوم الجمعة المنصرمة فإن الحكومة الألمانية حائرة الآن في كيفية التخلص من تلك النسخ. وقد يكون الخيار الوحيد هو دفنها كلها في الصحراء. 

في مستودع واحد فقط في ضاحية بولهايم في مدينة كولونيا، أفاد موقع قناة "دبليو دى ار" (WDR) الألمانية، ومقرها كولونيا، أنه تم العثور على نحو 22 ألف نسخة من الترجمات المثيرة للجدل ملفوفة في بلاستيك، كتب عليها باللغة الألمانية كلمة "إقرأ". 

الترويج للكراهية
وقد تم حظر تلك النسخ من التداول بتهمة "نشر رسائل كراهية وأيديولوجيات معادية للدستور"، على حد تعبير وزير الداخلية الألماني توماس دي ميزيير، الذي كان قد أكد في وقت سابق أنه تم اكتشاف ترجمة تتضمن تفسيراً صارماً ومتشدداً للقرآن والشريعة الإسلامية. 

وإلى جانب مصادرة تلك النسخ من القرآن تم حظر حملة توزيعها، تم أيضاً حظر جمعية "الدين الحق"، المتبنية لحملة التوزيع، بتهمة الترويج للكراهية. ويشتبه بأن جماعة "الدين الحق" شجعت حوالي 140 شخصاً على الالتحاق بداعش في سوريا أو في العراق، من خلال الإشادة باعتداءات التنظيم، كما أوضح للصحافة حينها وزير الداخلية الألماني. 

معضلة إتلاف النسخ
لكن مصادرة عشرات الآلاف من تلك النسخ من القرآن وضع السلطات الألمانية أمام معضلة التصرف بها وكيفية التخلص منها بشكل سليم يحافظ على قدسية الكتاب لدى المسلمين ولا يثير مشاعرهم. 

ووفقاً لتقرير لقناة "دبليو دى ار" قامت حكومة ولاية شمال الراين- وستفاليا بالاتصال بقيادات إسلامية وخبراء في الدراسات الإسلامية لمعرفة الطريقة الأنسب للتخلص من تلك النسخ، لكن بحيث لا يكون من بينها الحرق أو الفرم، أو إعادة تدوير الورق. 

تكرار تجربة العهد النازي
الطريقة التقليدية للتخلص من نسخ القرآن القديمة أو الممزقة يكون بلفها في قطعة من القماش، ودفنها في مكان طاهر لا يصله شيء من الأذى وفي مأمن من أن تدوسه الأقدام. ويرى بعض العلماء أنه يمكن وضعه في المياه المتدفقة أو حرقه، عندما يكون الدفن مستحيلاً.

والخيار الأول بمثابة معضلة لوجستية وبيئية بالنسبة لألمانيا في حين يستحضر الخيار الثاني (الحرق) دلالات تاريخية بغيضة في ألمانيا، حيث كانت ألمانيا قد شهدت عمليات حرق للكتب في فترة العهد النازي. 

احترام قدسية القرآن
ووفقاً لتقرير قناة "دبليو دى ار" (WDR)، فإن السلطات تدرس فعلاً خيار دفن كل نسخ مصاحف حملة "إقرأ" في الصحراء باعتباره أفضل وسيلة للتخلص من الترجمة التي تحرض على الكراهية الدينية وفي الوقت نفسه الحفاظ على قدر مناسب من الاحترام لقدسية النص بالنسبة للمسلمين.

لكن متحدثة باسم وزارة الداخلية الاتحادية قالت لقناة "دبليو دى ار" إنه لم يتخذ بعد أي قرار بشأن هذه النسخ، مشيرة إلى أنها لا تزال محفوظة في المخازن في أماكن مختلفة في ألمانيا.