استمرت حالة التقلبات في الأسواق الدولية للنفط أمس لليوم الثاني على التوالي متأثرة باستمرار ارتفاع الدولار مع تنامي حالة وفرة المعروض وتجدد آمال منتجي النفط الصخري في العودة للسوق. وتراجعت أسعار العقود الآجلة للنفط الخام 2 بالمئة بعد أن انخفض سعر مزيج برنت في عقود شهر أقرب استحقاق 1.68 دولار إلى 63.84 دولار للبرميل.
ونزل سعر عقود الخام الأميركي (غرب تكساس الوسيط) 1.44 دولار إلى 58.28 دولار للبرميل بعد أن هوى في وقت سابق من التعاملات إلى 58.22 دولار، كما ذكرت وكالة رويترز. وقال بنك جولدمان ساكس «نعتقد أنه إذا ظلت أسعار خام غرب تكساس الوسيط قرب 60 دولارا للبرميل سيزيد المنتجون الأميركيون من نشاطهم في ضوء تحسن العائدات وانخفاض التكاليف ما لا يقل عن 20 بالمئة.»
وذكر مورجان ستانلي أن ارتفاع الدولار أثر سلبا في أسعار النفط وهو ما قد يكون بداية لاتجاه جديد. حيث بلغ سعر العملة الأميركية أعلى مستوياته في شهر أمام سلة من العملات الرئيسية اليوم بعدما جاءت بيانات التضخم الأساسي الأميركي أعلى من المتوقع لتعزز مبررات مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) لرفع أسعار الفائدة في وقت لاحق هذا العام.
وقال ألكس فولر مدير تنمية الأعمال في مبادرة الطاقة الأوروبية إن السوق لا تزال غير مستقرة رغم عديد من العوامل القوية الداعمة لنمو الأسعار، مضيفا أن صعود الدولار العقبة الأبرز حاليا. وذكر أن وفرة المعروض ألقت بظلالها من جديد على السوق وأضعفت نمو الأسعار بعد صدور بيانات عن صادرات قياسية في دول «أوبك» وترقب عودة ضخ الصادرات الإيرانية بمعدلات عالية واحتمال استئناف عدد من شركات النفط الصخري نشاطها.
وشدد على أن مستويات الطلب جيدة ومتوقع أن تتنامى على نحو واسع في الفترة المقبلة ما يجعل كثيرين من المنتجين في الولايات المتحدة يفكرون في استئناف الإنتاج. وأوضح أن المؤسسات المالية الكبرى رفعت توقعاتها لأسعار النفط، ما يعني أن التراجعات ستظل محدودة في الفترة المقبلة، حيث توقعت مجموعة جولدمان ساكس زيادة إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة من جديد.
وأكد أهمية ضبط الإنتاج الأميركي حتى لا يهبط من جديد بالأسعار ثم يتوقف بسبب ارتفاع تكلفة التشغيل «ومن ثم نسقط في دائرة مفرغة ونعيد الأخطاء السابقة»، كما قال فولر. ويقول سباستيان جرلاخ رئيس مجلس الأعمال الأوروبي إن المراقبين لأوضاع السوق رصدوا حالة من رغبة الشركات الأميركية في تسريع وتيرة الإنتاج من جديد وهذا الأمر يمثل خطورة جديدة ويعني أنه لم يتم استيعاب الدرس السابق.
وأضاف أن النفط الصخري مرتفع التكلفة ويحتاج إلى الحفاظ على مستويات عالية من الأسعار من أجل الوصول إلى الجدوى الاقتصادية. وأكد أن التسارع غير المدروس يهدد بهبوط السوق إلا إذا حدثت طفرة واسعة موازية في الطلب قادرة على امتصاص حالة وفرة المعروض.
ونبه جرلاخ إلى ضرورة أن يركز اجتماع «أوبك» المقبل على قضية التفاهم والتنسيق بين المنتجين لضبط الإنتاج خاصة في ظل رغبة إيران بزيادة صادراتها النفطية إلى الأسواق الدولية وفى ضوء احتمال نمو الإنتاج الأميركي من جديد. وقالت « المختصة النفطية البلغارية بيتيا إيشيفا إن الأنباء الإيجابية عن تحسنات في مستوى الطلب العالمي زادت التفاؤل في السوق خاصة مع صدور بيانات عن ارتفاع واردات الصين واليابان وكوريا الجنوبية من الخام.
وأضافت أن هذا الأمر كان حافزا للمنتجين للتسابق في زيادة الصادرات لكن السوق وضعت قاعدة مهمة أكدتها منظمة «أوبك» وهي أنه لا مكان لأصحاب التكلفة المرتفعة في الإنتاج وبالتالي فإن أي زيادة في الطلب يمكن أن تلبيها «أوبك» ومنتجي النفط التقليدي المنخفض التكلفة. وذكرت أن عودة أصحاب التكلفة المرتفعة للإنتاج هي تجربة جديدة محفوفة بالمخاطر ستقود إلى تفاقم الخسائر وتكرار الأزمات في السوق.
وأشارت إلى أهمية أن تركز اجتماعات «أوبك» خلال الأيام المقبلة على دعم الاستثمارات النفطية والتنسيق بين المنتجين لتنشيط السوق والمساعدة على نمو الأسعار دعما لحركة الاستثمارات ولتأمين الإمدادات في ضوء الطفرة المتوقعة في الطلب خلال السنوات المقبلة. وقالت إن أرباح كثير من الشركات تقلصت وعدلت في خطط استثمارها وإنتاجها بهدف تقليص النفقات في ضوء تراجع الاستثمار.