اذا كانت الكويت خسرت شخصية سياسية لن تعوضبرحيل رئيس مجلس الأمة السابق جاسم الخرافي ،فان المحررين البرلمانيين خسروا الخرافي مرتين المرةالاولى عندما أصبح رئيساً سابقا بعد حل مجلس2009، والمرة الثانية عندما توفاه الله ورحل عن عالمنا... فالفقيد كان متواضعا ومنبسطا مع الصحفيينوالاعلاميين البرلمانيين ويعاملهم ليس كرئيس سلطةتشريعية بل وكأنه أب أو صديق لهم ...  كان قريبامنهم لابعد مدى و يحرص على الوقوف معهم وهويبتسم قبل خروجه من المجلس .. ولا يغادر الا اذا تأكدانه لا يوجد اي سؤال عند الصحفيين ...
 
وكانتدردشات الرئيس الخرافي تمثل متعة صحافية خاصةللمحررين البرلمانيين ... من خلالها اكتشفنا الجانبالإنساني في شخصية الرئيس الخرافي..يتحدثبأريحية ويمتنعا بغشمراته وضحكاته ، بعيدا عنحساسية التصريحات الرسمية ... ولا ننسى ابتسامتهوهو يهم بتوديعنا بعد دردشة طويلة - ما أكثرها-  تحدث فيها في كل القضايا ثم يقول لنا " ترى هذهدردشة مو تصريح " .. فنضحك ونرد مبتسمين " انشاء الله ابو عبدالمحسن " ... 
 
لا ازال اتذكر كيف كان الراحل الخرافي يحرص علىتهنئة جريدة "الوسط" بنفسه بمناسبة الاحتفالالسنوي بذكرى صدورها ، مصرحا بتصريحات خاصةلكاتب هذه السطور ولم يكتف الخرافي بإرسال برقياتالتهنئة الرسمية ، لان الخرافي كان يدرك أهميةاستمرار التواصل الشخصي بينه وبين الصحافييندون وسيط ودون رسميات ودون عوائق ودون استعلاء.... 
  
في عهد الراحل الخرافي تم تنظيم عدة دورات تثقيفيةقانونية للمحررين البرلمانين للتعرف على ما يخصالعمل البرلماني في الدستور واللائحة الداخليةللمجلس وحاضر في تلك الدورات اساتذة قانوندستوري وقياديين بالمجلس لتطوير الاعلام البرلماني .
 
كان الخرافي يحرص على إعطاء الصحافة كاملحريتها في تغطية الجلسات واخبار اللجان ولم يحدثان تم حظر تجول الصحافيين  والاعلاميين داخلالمجلس ولم يحدث ابدا ان تم إجبارهم على البقاء فيحجرتهم اثناء تواجد اي ضيف من ضيوف في مبنىالمجلس وقاعة المؤتمرات الكبرى... فشاهدنا رؤساءدول ورؤساء وزراء لدول صديقة وشقيقة ورؤساءمجالس نيابية والقوا علينا السلام وتبادلنا الابتساماتمعهم .. نرحب بهم ترحيبا يليق بمجلس الامة ..
 
 
كانالصحافيون يتمتعون بكامل حريتهم الشخصيةوالمهنية  لان الراحل الخرافي كان يؤمن بحريةالصحافة في تغطية الأحداث بلا حدود ، كما انالصحفيين  يعلمون جيدا إجراءات البروتوكول الرسميويعلمون متى يتحركون ناحية الضيوف إذا أذن لهمبطرح الاسئلة... كانت الثقة متبادلة وبلا حدود بينالصحفيين والمجلس في عهد الخرافي ...  كان هناكتناغم وسينفونية في التعامل بين الخرافي والمحررينالبرلمانيين . 
 
وطوال تغطيتنا لاخبار المجلس في عهد الخرافي لميحدث ان صد احدنا عن الكلام معه ولم يمنع احدا عنسؤاله .. ولم يشتك الصحافيون في عهده من  التضيقفي عملهم داخل المجلس ، ولم يحدث ان تم اعاقة عملالصحافيين الراغبين في أخذ تصريحات من الوزراءعقب رفع الجلسات  .. ولم يتم منع الصحافيين منمصاحبة النواب والوزراء والمرور من الباب الزجاجيالى خارج بهو المجلس ...رغم شكاوى بعض النوابوالوزراء من ملاحقة بعض الصحافيين لهم حتى عندسياراتهم خارج المجلس ... كان الاقتراب من حريةالصحافيين خط احمر لدى الرئيس الخرافي ...
 
لم يحدث ان اساء الخرافي معاملة اي صحافي اوإعلامي برلماني حتى لو بطريقة السخرية او التحقيراو التعالي عليهم .. ولا ازال اتذكر كيف كان الخرافييعامل المحررين الربمانيين جميعا خاصة الزميلاتالصحافيات والإعلاميات بتقدير واحترام ، وكان الفقيديقف لوقت طويل مستمعا لهن دون ضجر او غضب ، رغم انه كان الرجل الثاني في الدولة كرئيس للسلطةالتشريعية  .. بل كان الخرافي قمة في التواضع وكانيعامل الصحافيين والاعلاميين  باحترام وتقدير مثلمايعامل كبار الشخصيات التي تزور مبنى المجلس .. لميغضب الخرافي من سؤال مستفز طرحه صحافي اواعلامي ولم يحدث ان سخر من اي صحافي اواعلامي يطرح سؤالا ليس في محله او بطريقة غيرمناسبة ، بل كان يستقبل جميع الأسئلة بصدر رحبوان رغب في عدم الرد اثناء الازمات الكبرى ، يضحكويبتسم ويقول : " الطقس مو زين " ... في إشارة الىحساسية الأوضاع السياسية والبرلمانية وقت طرحالسؤال الذي يرفض الإجابة عنه ... ويكون اعتذاره فيحد ذاته اجابة ذكية من برلماني وسياسي عريق ...
 
 الفقيد الخرافي كان واسع الصدر لابعد مدى ويتعاملبحميمية  مع المحررين والاعلاميين ويحرص علىالإنصات لكل من يسأل و لا يقاطع السائل حتى لوقاطعه من حوله فكان يستمر الخرافي في سماعالسؤال الى النهاية في احترام وتقدير للصحافةوالإعلام ... ويكفي ان يعلم القاريء الكريم انه نظرًالسعة صدر الخرافي وانصاته جيدا لكل من يسألهومحاورته بأريحية لنا ، فإننا كصحفيين وإعلاميين كنّانتسابق فيما بيننا على طرح الأسئلة عليه لنحظىبشرف التحاور مع "ابو عبدالمحسن" وكان يجيب علىمعظم الأسئلة .. 
 
ولم يحدث في عهد الخرافي ان تعرض صحافي اوإعلامي للتعامل بطريقة غير لائقة من موظفي المجلساو الحرس وكانت توجيهاته الواضحة وهي حسنمعاملة الصحافي والاعلاميين البرلمانيين لإيمانهالشديد بحرية الصحافة ولأنهم هم الذين ينقلون صورةالمجلس للراي العام داخل وخارج الكويت .. 
 
ولم يحدث في وقت اشتعال الأزمة السياسية فيمجلس 2009 ان منع الخرافي اي صحافي اوإعلامي او صحيفة او قناة من تغطية اخبار مجلسالأمة حتى لو كانت تعارضه او تهاجمه بشراسة ... كان ابو عبد المحسن  يرحمه الله وهو رئيس للسلطةالتشريعية مؤمنا لابعد مدى بحرية الصحافة باعتبارهاسلطة رابعة...  رحم الله الفقيد رئيس مجلس الامةالسابق جاسم الخرافي ، وأسكنه فسيح جناته وألهمآل الخرافي الكرام الصبر والسلوان وخالص العزاءلرئيس مجلس الامة الحالي مرزوق الغانم ووفقه اللهفي السير على درب الخال الخرافي يرحمه الله .. فهوخير خلف لخير سلف ..