قالت منظمة الدول المصدرة للبترول «أوبك» إن الندوة الدولية السادسة التي تبدأ أعمالها في العاصمة النمساوية فيينا  بعد غدا الأربعاء تحت شعار «البترول .. محرك للتنمية العالمية» تهدف إلى تعزيز التزام المنظمة في السعي للوصول إلى سوق نفط دولي آمن ومستقر من خلال تنمية التعاون والحوار مع أصحاب المصلحة في جميع أنحاء العالم وهو الهدف الذي تتمسك به «أوبك» عبر تاريخها الطويل في هذه الصناعة، الذي تجاوز أكثر من نصف قرن.
وأشارت مصادر في المنظمة إلى أن الندوة الدولية، التي تستمر أعمالها يومين وتسبق الاجتماع الوزاري للمنظمة ستناقش تطورات السوق وتوقعات مسار إنتاج واستهلاك الطاقة العالمية.
وأوضحت المصادر أن الندوة ستركز على سبل تحقيق استقرار سوق النفط، وتنمية القدرة على الإنتاج والاستثمار وجلب التكنولوجيا والحفاظ على الضوابط البيئية، كما ستناقش باستفاضة آفاق الاقتصاد العالمي.
وأضافت المصادر أن ندوة هذا العام ستستكمل ما تحقق في الندوات الدولية الخمس السابقة وستقوم «أوبك» مرة أخرى بتكريم العلماء البارزين الذين قدموا إسهامات مهمة في صناعة النفط والمجالات ذات الصلة مع تقديم جائزة «أوبك» للبحوث وجائزة المنظمة للصحافة في 2015.
وذكرت المصادر أن ندوة «أوبك» تعتبر حاليا من أبرز الأحداث في الأجندة الدولية لأهم المناسبات والمؤتمرات في قطاع الطاقة العالمي، مشيرة إلى أنه من بين المشاركين في الندوة وزراء الدول الأعضاء في «أوبك» والدول الأخرى المستهلكة والمنتجة للنفط ورؤساء المنظمات الحكومية الدولية، والرؤساء التنفيذيون لشركات النفط الوطنية والدولية بالإضافة إلى قادة آخرين في مجال الصناعة والأكاديميين وخبراء في مجال الطاقة ووسائل الإعلام المتخصصة.
من جانبه، قال المختص بمبادرة الطاقة الأوروبية مايكل تورنتون، إن اجتماعات «أوبك» تجيء في إطار عديد من المتغيرات المهمة أبرزها تحسن الأداء في سوق النفط الخام مع تحسن مستويات الطلب وتقلص المعروض واستعادة الأسعار 35 بالمئة من مستوياتها السابقة منذ بداية العام الجاري.
وأضاف تورنتون أن مؤشرات سلبية في السوق بدأت في الظهور وهو ما يجب أن يتم بحثه جيدا في الاجتماعات المقبلة وأهمها توقعات بعودة انتعاش إنتاج النفط الصخري وهو ما يمكن أن يضعف الأسعار من جديد إلى جانب وصول إنتاج «أوبك» لمستويات قياسية وترقب ضخ الصادرات الإيرانية من جديد في السوق، وتأثير ذلك في إمكانية تحقيق التوازن بين العرض والطلب في السوق العالمي.
ونبه تورنتون إلى ضرورة أن تولي الاجتماعات مناقشات أوسع وأعمق لموضوع استمرار زيادة الإنتاج من خارج دول «أوبك» وتأثيره على إضعاف السوق خاصة أن الطلب لم ينم بعد بنفس المعدلات وإن كانت الآمال المستقبلية حول مستوى الطلب تحمل كثيرا من المؤشرات الإيجابية.
وأشار تورنتون إلى أهمية أن يكون الحوار بين المنتجين، سواء في الندوة الدولية أو الاجتماع الوزاري أكثر فاعلية وأن تفكر دول خارج «أوبك» جديا في تخفيض الإنتاج إذا كانت راغبة بشكل جدي في دعم الأسعار ولكن من الواضح أن روسيا، و»أوبك» يفضلان حتى الآن الاحتفاظ بمستوياتهم الإنتاجية.
من جهته، أوضح رالف فالتمان المختص النفطي، أن السوق ما زالت تسيطر عليه حالة عدم الاستقرار والتذبذبات السعرية، سواء بسبب مستويات المخزونات النفطية أو سعر الدولار الأميركي أو توقف الحفارات النفطية وجميع هذه العوامل متباينة الأداء وهو ما أدى إلى غياب الاستقرار في هذه الفترة بالرغم من أن السوق يميل في أغلب الفترات للارتفاع.
وأشار فالتمان إلى أن الاجتماع الوزاري مطالب بالتوصل إلى صيغ تفاهم بين المنتجين وإجراءات فاعلة لتنشيط السوق والحفاظ على أداء جيد ومستقر يدعم ثقة الاستثمار ويحقق الفاعلية لمنظومة العرض والطلب.
وقال فالتمان إن الأجواء المحيطة بالاجتماع المقبل لـ»أوبك» أكثر تفاؤلا، مقارنة بالاجتماع السابق في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، حيث سيطرت الانخفاضات وقتها بشكل كبير على الاجتماعات، ولم يكن معروفا متى يصل السوق إلى القاع السعري، إلا أن الاجتماع المقبل يجيء وقد تعافت السوق نسبيا، وأخذت الأسعار مسارها نحو الارتفاع بعدما نجحت «أوبك» في تحقيق أهدافها وإثبات نجاح رؤيتها لتطور السوق مع الحفاظ على مكتسباتها ودورها المتنامي في السوق الدولي.
وذكر فالتمان أن مشاركة وزير الطاقة الروسي في ندوة «أوبك» الدولية يعكس تنامي دور هذه الندوة كأحد أهم الملتقيات العالمية في مجال الطاقة، ويعكس رغبة روسيا كأحد أكبر منتجي النفط في العالم في التفاعل والحوار مع منتجي «أوبك» للتوصل إلى صيغ جديدة لتنشيط الصناعة ودعم نمو واستقرار السوق.
ويرى ماركوس كروج كبير مختصي شركة «ايى كنترول» لأبحاث النفط والغاز أن الاجتماع المقبل لمنظمة «أوبك» يجب أن يتوصل إلى آليات جديدة لدعم اقتصاديات بعض الدول الأعضاء، التي تعرضت إلى صعوبات اقتصادية كبيرة خلال الشهور الماضية بسبب الأسعار المنخفضة للنفط الخام، وفي مقدمتها فنزويلا التي شهدت انكماشا اقتصاديا بنسبة 3 بالمئة في العام الماضي وأيضا دول مثل الجزائر ونيجيريا وأنجولا.
وأشار كروج إلى أن فكرة تخفيض الإنتاج وإن كانت أغلب المؤشرات ترجح استبعادها ولكنها فكرة مهمة وضرورية لدعم السوق وإنقاذ الاستثمارات بشرط أن تكون بشكل جماعي بين كل المنتجين، ومن المؤكد أنها ستكون محور نقاشات المنتجين في الندوة الدولية، وإذا تم التوصل إلى اتفاق بشأنها يمكن أن يشجع الاجتماع الوزاري اللاحق على اتخاذ نفس الخطوة.
وقال كروج إن الإنتاج الصخري وإن اتجه إلى الانتعاش من جديد إلا أنه قد يتسبب من جديد في تراجع الأسعار، وبالتالي يتقلص مرة أخرى ولذا فإن إنتاجه سيغلب عليه حالة عدم الاستقرار وسيستمر النفط التقليدي في التفوق بسبب انخفاض تكلفة إنتاجه والقدرة على تحمل مستويات منخفضة للأسعار.
وأكد كروج أن تسارع وتيرة الإنتاج لا بد أن تكون مواكبة لتسارع وتيرة الطلب، وليس بشكل أسرع، لأن ذلك يضر بالسوق، ومن هنا تأتى أهمية الالتزام بفكرة الإنتاج المنضبط الذي تطالب به «أوبك» باعتباره الضمانة الحقيقية لاستقرار السوق.