ينتظر ان تقدم الأمانة العامة لمنظمة الدول المصدرة للنفط (اوبك) بنهاية الأسبوع الجاري تقريرا الى لجنة مراقبة سوق النفط الوزارية المنبثقة عنها والمنتجين من خارج المنظمة حول بيانات الإنتاج الشهري بالنسبة للمنتجين من داخل وخارج المنظمة.
وطبقا لما تم الاتفاق عليه بفيينا في 22 يناير الماضي لوضع آلية شهرية للرقابة على معدلات انتاج النفط بغية دعم الأسعار والاستقرار في السوق العالمية فإن لجنة مراقبة سوق النفط الوزارية المؤلفة من ثلاث دول من داخل المنظمة هي الجزائر وفنزويلا والكويت إضافة الى روسيا وسلطنة عمان من خارج المنظمة ستعقد اجتماعها الثاني بعد 17 فبراير الجاري للنظر في التقارير المقدمة من قبل أمانة (أوبك) بهذا الخصوص.
كما ستجتمع اللجنة مرة أخرى قبل انعقاد مؤتمر أوبك الوزاري المقرر في مايو المقبل حيث ستعرض توصياتها بشان انعكاسات تنفيذ قرار خفض الإنتاج على السوق العالمية للنفط.
وفي غضون ذلك يبدو ان اتفاق فيينا التاريخي بين المنتجين من داخل وخارج المنظمة لخفض الانتاج بواقع 8ر1 مليون برميل في اليوم والذي دخل حيز التنفيذ الفعلي مطلع شهر يناير الماضي او حتى وصول الرئيس الامريكي الجديد دونالد ترامب الى دفة الحكم لم يحقق الاختراق الكبير المنتظر في اسعار النفط العالمية حيث ظلت تراوح مكانها بين صعود ونزول طفيف.
وعلى سبيل المثال وصلت اسعار سلة خامات (اوبك) في 12 ديسمبر الماضي اي قبل التوقيع على اتفاق فيينا التاريخي ووصول ترامب الى سدة الحكم الى 24ر53 دولار للبرميل بينما استقرت اسعار السلة بتاريخ التاسع من فبراير الجاري عند مستوى 76ر52 دولار للبرميل اي بتراجع مقداره 48ر0 دولار الامر الذي يشير الى ان اسعار النفط العالمية لم تتأثر كثيرا بسياسات الرئيس الامريكي النفطية لعدم وضوحها حتى الان.
واذا ما نفذ الرئيس ترامب وعوده المتعلقة بالشؤون الاقتصادية عبر اعتماد سياسة وطنية انعزالية فإن قطاع الطاقة الذي يعتبر عصب الاقتصاد العالمي سيتأثر بشكل كبير.
وفي هذا السياق يخشى العديد من المراقبين للسوق النفطية ان تلجأ الادارة الامريكية من خلال سياستها الانعزالية في مجال الطاقة الى انتاج المزيد من النفط بنوعيه الخام والصخري ما قد يؤدي الى ضرب الاستقرار والتوازن في السوق النفطية والذي ظهر نتيجة اتفاق فيينا التاريخي لخفض الانتاج.
كما ان احتمال تراجع الرئيس ترامب عن الاتفاق الموقع في صيف عام 2015 بين مجموعة (5+1) وايران بشأن برنامج الاخيرة النووي وتلويحه بالعودة الى فرض عقوبات دولية على طهران سيؤثران حتما على السوق النفطية العالمية حيث ان من شأن ذلك ان يؤدي الى انخفاض صادرات إيران النفطية وبالتالي ارتفاع الأسعار.
ويخشى مراقبون من انه في حال حصل ذلك فإن ايران ستلجأ من جديد الى طرق ملتوية لبيع المزيد من نفطها على انه نفط عراقي ما سيحدث ضررا باتفاق فيينا الاخير لاسيما ان ايران من الدول المنتجة الكبيرة في (اوبك).
واذا ما تأكدت المعطيات الاولية في السياسة الاقتصادية التي اعلن عنها ترامب فإن الاتفاق الذي توصلت اليه الدول المصدرة للنفط من داخل وخارج (أوبك) سيفقد الكثير من مفعوله وبالتالي احتمال العودة الى عرض كميات كبيرة من النفط في الأسواق يفوق الطلب المتوقع والتسبب في تذبذب الأسعار وتقلباتها مرة أخرى.
غير ان المحللين والمطلعين على الشأن الداخلي الامريكي يرون صعوبة تنفيذ الادارة الامريكية لتهديداتها بشأن ايران لأن الاتفاق النووي لم يبرم بين طهران وواشنطن فقط بل مع خمس دول كبرى أخرى.
ويظل من المستبعد ان يتراجع مجلس الامن الدولي عن قراره المتعلق بالاتفاق النووي الايراني الذي نتج عنه إلغاء كثير من العقوبات الاقتصادية وإعادة أموال إيرانية مجمدة كانت في البنوك الأمريكية لأن بقية الدول التي وقعت على الاتفاق النووي مع ايران في فيينا وغالبيتها تملك حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن ولا سيما روسيا والصين لن تتردد في استخدام هذا الحق لضمان الاستمرار في تنفيذ الاتفاق عبر بقاء البرنامج النووي الإيراني تحت مراقبة دولية مشددة للحيلولة دون تحويله لاغراض غير سلمية.
ويبدو ان عدم اتضاح معالم الاستراتيجية التي تعتزم الادارة الامريكية تطبيقها في قطاع الطاقة خلال المرحلة المقبلة والقائمة اساسا على قناعة ترامب الراسخة بالتمسك بسياسة الحماية الاقتصادية الوطنية للولايات المتحدة والتراجع عن سياسة الانفتاح والحرية الاقتصادية سيظل يلقي بظلاله على أسواق النفط وبالتالي يجعل من الصعوبة التكهن بتطورات اسعار الخام في المستقبل وبالتالي قبل أن يتضح الموقف الامريكي وما اذا كانت الادارة الجديدة ستدعم قرار منتجي النفط في فيينا أم لا.