أدت حالة الاضطراب والبلبلة التي أحدثها دخول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، إلى حالة من التشكك وعدم اليقين في أوروبا بشأن الترتيبات الدفاعية والتجارية التي اعتاد الأوروبيون عليها منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية.

وتشكك ترامب مراراً أثناء حملته الانتخابية في دور حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وبلغ به الحد إلى وصف هذا التحالف العسكري بأنه "عفا عليه الزمن"، كما دعا ترامب الدول الأوروبية الأعضاء في الناتو، لأن تزيد من حجم إنفاقها في مجال الدفاع الجماعي.

وقالت رئيسة ليتوانيا داليا غريباوسكايتي: إنه "في ظل وجهات نظر الرئيس الأمريكي الجديد حول التحالف العسكري الغربي، حان الوقت بالنسبة لأوروبا لكي تضطلع بمزيد من المسؤولية في مجال الدفاع"، وأضافت أن "العالم والبيئة الجيوسياسية يمران حالياً بفترة تغير، كما أن الولايات المتحدة آخذة في التغير، وهو ذات الشىء الذي يحدث أيضاً في الوقت الراهن لأوروبا، التي صارت بحاجة إلى الاعتماد على نفسها، وأن تضع على عاتقها مزيداً من المسؤولية، ونحن نأمل في أن تلتزم المزيد من الدول الأوروبية الأعضاء في الناتو بشكل جاد للغاية بواجبنا في كفالة الحماية لأنفسنا في المقام الأول".

وردت غريباوسكايتي على هجمات ترامب المتكررة ليس فقط على الناتو ولكن أيضاً على الاتحاد الأوروبي، وقالت: "تحتاج أية منظمة لأن تتسم بالمرونة ولأن تبصر التحديات التي تواجهها، ولا يمكن لنا أن نقول إن الناتو أو الاتحاد الأوروبي وصل إلى حد الكمال، وأنه ليست ثمة حاجة لإحداث تغيير".

وأضافت: "نحتاج جميعاً لأن نكون قادرين على أن نرى في الوقت المناسب ضرورة إصلاح أنفسنا ومنظماتنا، ويأتي ذلك أيضاً مع اضطلاع أوروبا بمزيد من المسؤولية، وأيضاً فيما يتعلق بضخ استثمارات في صناعاتنا الدفاعية وفي زيادة قدراتنا الدفاعية المشتركة، ولكن مع مراعاة عدم حدوث ازدواج لدور منظمة الناتو بالطبع".

وعلى الرغم من رؤية ترامب للناتو، أكدت غريباوسكايتي أهمية التحالف بالنسبة لبلدها وأيضاً لدول أخرى في القارة الأوروبية، وأوضحت قائلة إن "الناتو لا يزال مهماً بالنسبة لنا كضامن لأمننا في أوروبا وفي العالم، وآمل أن يسود هذا التفهم حيث أنها منظمة عابرة للأطلسي ولن يشكك أحد في ذلك".

وتابعت قائلة "بالإضافة إلى ذلك فإنه لن يكون أيضاً في صالح الولايات المتحدة أن تنسحب من دورها المهيمن على الصعيد الدولي، وإنك عندما تنعزل عن العالم فلن تبقى عظيماً، لأنه لن يكون هناك مكان شاغر، سوف يظهر هناك شخص آخر عظيم يملأه بدلاً منك، ويمكن أن يكون هذا هو الصين، ويمكن أن يكون الهند، ويمكن أن يكون روسيا، ويمكن أن يكون مجموعة كثيرة من الدول تحتل هذا المكان الشاغر".

وقد اتخذ ترامب مراراً موقفاً مؤيداً لروسيا مقارنة بسلفه الرئيس السابق باراك أوباما، الأمر الذي أدى إلى إثارة موجة من القلق خشية أن يقوم ترامب بتحسين العلاقات الأمريكية مع روسيا على حساب أوروبا.

وقالت غريباوسكايتي إنه "لا ينبغي أن يأتي تحسين العلاقات الأمريكية مع روسيا على حساب بقية الدول الأوروبية"، وأضافت "أعتقد أنه إذا كان هناك مزيد من الثقة بين الولايات المتحدة وروسيا، فمن المأمول أن يقلص ذلك على الأقل من بعض التوترات بين دولتين كبيرتين، حيث أن جزءاً من التوترات يقوم على تصورات تم تخيلها وليس على تهديدات حقيقة، ولكن على أحكام مسبقة حول تهديدات، وهذا سيكون مفيداً للجميع".

وأكدت قائلة "إننا لسنا ضد جيراننا بشكل متعصب، أو ضد روسيا على سبيل المثال، ونحن على استعداد على الدوام للحوار ولكن على أساس الثقة والاحترام، وإلى أن يتم تحقيق هذين الشرطين لا يمكن أن تكون هناك أية علاقة أخرى".