ارتبطت مهنة قيادة السيارات عامة وسيارات الأجرة بشكل خاص في الكويت قديما بمصطلحات ومسميات مهنية مازال أغلبها متداولا بين أهل الكويت حتى هذا الوقت ومنها ال (مك) و (لوري) و (بوعرام) و(الدريول) و(العبري) و(الكروة).
فحين ظهرت وسائل النقل الحديثة ك (السيارات) أصبح التنقل بواسطتها أكثر راحة بسبب توفر الطرق المعبدة بعد أن كانت الطرق وامتداد السكيك (الشوارع) تسير وفق خطوط غير مستقيمة مع اختلاف أبعادها الهندسية من شارع إلى آخر إذ يتراوح عرض الشوارع آنذاك ما بين (5ر1) وستة أمتار.
وكان شارع دسمان (من بوابة قصر دسمان حتى ساحة الصفاة) أول الطرق المعبدة في البلاد عام 1945 وهو الطريق الذي كان يسلكه موكب أمير البلاد الراحل الشيخ أحمد الجابر الصباح يوميا حسب بعض المراجع التاريخية.
وفي تلك الحقبة لم تكن عملية تأجير السيارات لنقل الناس أو نقل البضائع تخضع للتنظيم قبل عام 1948 وخصوصا من حيث تحديد قيمة أجرة النقل أو ما يسمى محليا ب (الكروة) التي كانت تخضع لقرب أو بعد المنطقة التي سوف يذهب إليها (العبري) وهو المسمى الذي كان يطلق على الزبون الذي يركب التاكسي قديما.
وحول هذا الموضوع قال الباحث في التراث والتاريخ الكويتي الكاتب يوسف الشهاب لوكالة الأنباء الكويتية (كونا) اليوم الخميس إن أول سيارة خاصة وجدت في الكويت تلك التي كانت عند الشيخ مبارك الصباح عام 1912 وكانت تثير اعجاب واستغراب الناس وخصوصا الصغار فيهربون منها حين يشاهدونها.
وأوضح الشهاب أن معرفة الكويت لسيارات الأجرة كانت في أواخر الثلاثينيات عندما بدأ بعض الكويتيين شراء سيارات لاستخدامها في نقل الناس من منطقة إلى أخرى لاسيما المناطق البعيدة عن العاصمة كالجهراء وحولي والأحمدي والفنطاس والشعيبة بأجور زهيدة مشيرا إلى أن عدد سيارات الأجرة آنذاك وصل إلى ست سيارات فقط.
وأضاف ان عملية نقل الركاب (العبرية) كانت تتم بصورة يومية مقابل مبلغ من المال يتم الاتفاق عليه ما بين السائق أو (الدريول) و(العبري) قبل الركوب وغالبا ما كانت الأجرة (الكروة) تتراوح بين 12 آنه و روبية واحدة (الروبية تعادل 16 آنه) أو أكثر حسب المكان والمسافة التي ستقطعها السيارة.
وذكر الباحث الشهاب أن سيارات الأجرة كانت تتجمع قديما في (ساحة الصفاة) حيث يطلق على المكان وقوف سيارات التاكسي ب(السرى - بكسر السين وفتح الراء) بمعنى صف الوقوف ومن يريد سيارة للأجرة يذهب (لسرى التاكسي) في الصفاة.
وأوضح أن صاحب السيارة أو سائقها (الدريول) كان يقف بعيدا عن سيارته وينادي على الركاب وعلى مكان الوجهة الذي يرغب بالتوجه لها فإذا ما امتلأت السيارة بدأ التحرك إلى وجهته.
وقال إن عملية تنظيم سيارات الأجرة من قبل الدولة بدأت بعد عام 1948 حيث لم يكن هناك لون محدد لسيارة النقل العمومي (التاكسي) وإنما كانت تعرف بشعار برتقالي وخطين باللون الأبيض على مقدمة السيارة أو خلفيتها.
وأشار إلى أن المرحوم محمد سيد عمر عاصم كان أول من استأجر سيارته للأهالي وكان يوقفها امام دكانه ويأتي الركاب إليه ويدفعون ما يتفق معهم عليه من مبلغ ثم يقوم بإيصالهم إلى حيث يريدون.
وأوضح أنه إلى جانب التنقل بسيارات الأجرة العادية داخل الكويت حيث المناطق القريبة من العاصمة كانت هناك سيارات كبيرة الحجم تستخدم للمسافات البعيدة وهي عبارة عن سيارات (لوري) معروفة ب (المك) اذ تتمتع بقدرة على تحمل وعورة الطرق والأحوال الجوية الصعبة.
واضاف ان سيارات ال (مك) هي شاحنات عسكرية بريطانية كانت تستخدم في الحرب العالمية الثانية "وبعد انتهاء الحرب باشر بعض تجار الكويت استيراد تلك الشاحنات من العراق".
وتطرق الشهاب إلى أوائل الشخصيات الكويتية من قادة سيارات الأجرة مشيرا الى أن المرحوم عبدالله الخلف السعيد يعد من أوائل هؤلاء الرجال إذ كان يقود سيارة من نوع (لوري) توفر خدمة النقل العام ما بين مدينتي الكويت والجهراء عبر طريق وعرة في ذلك الوقت.
ومن الأسماء التي اشتهرت بها تلك الشاحنات (لوري) و(بوعرام) الذي يستخدمه الكويتيون لنقل الركاب الى المناطق البعيدة كالجهراء إضافة الى استخدامها في رحلات الحج وزيارة الأراضي المقدسة.