حفلات (الزار) أحد طقوس الخرافة الشعبية قديما غايتها إخراج الجان والأرواح الشريرة من جسد الإنسان المسحور حسب ذلك الاعتقاد باستخدام الفنون الموسيقية والإيقاعية لا سيما فن (السامري) الشهير في الخليج.
ويرجع أصل كلمة (زار) إلى منطقة الحبشة حيث القبائل الإفريقية البدائية التي عرفت هذا النوع من العادات الغريبة في القرن التاسع عشر ثم انتقل منها إلى السودان ومصر وصولا إلى دول الخليج العربية التي مارست فن (الزار) فترة محدودة سرعانما انتهت بتطور المجتمع.
وكلمة (زار) مشتقة من (جار) وهو كبير آلهة الكوشيين لدى الأحباش الذي ظهر منه أحد أبنائه ويدعى (زار) كرمز للروح الشريرة التي تسكن جسد الإنسان ولا تخرج منها إلا بطقوس موسيقية خاصة.
وعن هذا الموضوع قال الباحث في التراث الشعبي الكويتي الدكتور عادل العبدالمغني لوكالة الأنباء الكويتية (كونا) اليوم الخميس إن حفلة الزار قديما كانت بمنزلة احتفال فلكلوري يتم على وقع إيقاعات الدفوف (الطيران) وقرع الطبول وبمصاحبة الأغاني التي تؤدى وفق لحن مميز وخصوصا فن (السامري) وما يصاحبه من حركات رقص خاصة.
وأوضح العبدالمغني أن الهدف الأساسي من إقامة حفلة الزار هو الاعتقاد بفائدتها في علاج من أصيب بمس من الجن حيث تقوم فرقة الزار بعقد حلقة دائرية حول (الشخص الممسوس) ومن ثم البدء بأداء مجموعة من الأغاني غير المفهومة كلماتها في الغالب بمصاحبة الإيقاعات التي ترتفع وتيرتها حتى يصل الحاضرون إلى مرحلة من الانفصال عن الواقع يتم بعدها خروج الجن من جسد الشخص المسحور أو المحسود كما يعتقدون.
وأضاف "أن الشخص الممسوس يؤتى به في وسط الحلبة حيث يؤدي الرقص في حركات هستيرية حتى ينهكه التعب فيسقط أرضا ويرش عليه الماء وقد يلطخ جسده بدم ديك أسود وهنا يكون قد تحقق الشفاء وخرج الجان من جسده" حسب الاعتقاد الشعبي لدى هؤلاء.
وبين أن فرقة الزار لها رئيس يديرها ويصدر تعليمات لأعضائها ويمنع المتطفلين الذين قد يأتون لمشاهدة حفلة الزار من إحداث أي ضوضاء أو الدخول إلى حلبة الرقص من دون استئذان بوسائل عدة منها عصا غليظة من الخيزران.
وذكر أن الذين يديرون حفلة الزار كانوا يعتقدون بأن لأرض المكان الذي تقام فيه حفلة (الزار) طاهرة ولا يسمحون لأي شخص بالدخول إلى دائرة الزار مرتديا حذاءه.
وأشار العبدالمغني إلى أن رئيس فرقة الزار له طريقة سرية في التخاطب والتحدث مع أعضاء فرقته لا يفهمها الناس العاديون كما أن الرئيس والأعضاء لا يبيحون للناس الآخرين بأسرارهم وطقوسهم.
وبين أن رئيس فرقة الزار يوهم الحاضرين بأن الجن بداخل الشخص الممسوس لا يمتثل لأوامر الخروج منه إلا بإكرامه بالبخور وذبح الخراف السوداء أو الدواجن السوداء وبتلطيخ جسد المصاب بدمائها ومن ثم تذهب إلى أعضاء الفرقة لتناولها.
وأضاف أن رئيس فرقة الزار قد يتعاطى بعض أفعال السحر فيحدث حركات غريبة مع الشخص الممسوس ويوهم الحاضرين أن ذلك بفعل الجن فيضربه ابتغاء منه أنه يضرب الجان الذي يسكنه ثم يقوم بصفته وسيطا عن الجان بطلب عدة طلبات من أهل الشخص الممسوس تحت ذريعة أنها طلبات الجان للخروج من جسد ابنهم.
وأشار إلى أن فرق الزار قديما وجدت بغرض الكسب المادي من أهل المريض والآخرين الذين يسعدون بمشاهدة هذه الفنون التي ظاهرها غناء وألحان تثير المشاهدين وتحرك أبدانهم في التمايل والطرب عند المشاهدة والاستماع فيدفعون مساعدات مادية للفرقة للاستمرار في إحياء حفلاتهم "الزارية".