رفض وزير التربية وزير التعليم العالي رئيس مجلس أمناء معهد الكويت للأبحاث العلمية الدكتور بدر العيسى الاقتراح المقدم من النائب عبدالله التميمي بإنشاء الهيئة الوطنية لاستخدام الطاقة النووية السلمية، مشيرا إلى انه لا توجد حاجة ماسة الآن لذلك، موضحا أن معهد الكويت للأبحاث العلمية يقوم منذ عام بالتعاون مع وكالة الطاقة الذرية الدولية وإدارة الفتوى والتشريع بإعداد مقترح القانون النووي الكويتي وتمت مراجعته هذا العام، و«الوسط» تنشر نص رد الوزير العيسى ومعهد الأبحاث على اقتراح التميمي:
يقول الوزير العيسى في رده: لا توجد حاجة ماسة الآن إلى إنشاء ما يسمى الهيئة الوطنية لاستخدام الطاقة النووية السلمية وفقا للمقترح وذلك لأن كل ما سوف تقوم به حاليا تقوم به لجنة الوقاية من الإشعاع بوزارة الصحة، بموجب مرسوم بالقانون رقم 131/1977 بشأن تنظيم استخدام الأشعة المؤينة والوقاية من مخاطرها.
كما أن معهد الكويت للأبحاث قام بحضور اجتماع لجنة المرافق العامة بتاريخ 21 ديسمبر 2014 وتمت مناقشة المقترح المقدم من النائب عبدالله التميمي مع أعضاء اللجنة وتم إيضاح رؤية المعهد بهذا الشأن.
إذ جرى العرف التشريعي أنه عند إصدار مثل هذه القوانين المهمة ان تأتي بعد دراسة عميقة ومفاوضات دولية وهذا ما يقوم به معهد الكويت للأبحاث العلمية منذ عام بالتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة وإدارة الفتوى والتشريع لتقديم مقترح القانون النووي الكويتي.
ملاحظات معهد الكويت للأبحاث العلمية على المقترح
قام المعهد بدراسة المقترح المقدم من النائب عبدالله التميمي بشأن إنشاء وإدارة وتشغيل المنشآت النووية للأغراض السلمية حيث تبين للمعهد الملاحظات التالية:
أولا ملاحظات عامة على المقترح:
لا توجد حاجة ماسة الآن إلى إنشاء ما يسمى الهيئة الوطنية لاستخدام الطاقة النووية السلمية، لأن كل ما تقوم به وفقا للمقترح تقوم به حاليا لجنة الوقاية من الإشعاع بوزارة الصحة بموجب مرسوم بالقانون رقم 131/1977 بشأن تنظيم استخدام الأشعة المؤينة والوقاية من مخاطرها وهذا ثابت بمطالعة نص 2 من المرسوم بقانون سالف الذكر التي تنظم عملية استيراد أو تصدير أو تصنيع أو حيازة لأي مادة مشعة كما أن المادة 6 من ذات القانون تتكلم عن لجنة الوقاية من الإشعاع التابعة لوزارة الصحة وتقوم بكل ما من شأنه الوقاية من استخدام هذه الأشعة والنقل وأمان النفايات وفقا للمعايير الدولية فما هي الحاجة الآن إلى إنشاء الهيئة الوطنية لاستخدام الطاقة النووية السلمية، إذ كانت هناك مؤسسة منذ عام 1977 تقوم بهذا الدور الوقائي وتنظيم التراخيص الخاصة باستخدام هذه الأشعة فإن كنا في حاجة فنحن في حاجة إلى اصدار قانون نووي كويتي شامل والقول بغير ذلك يجعلنا أمام ازدواج في الاختصاص نابع من ازدواج في التشريع إذا ما تمت الموافقة على المقترح موضوع الدراسة.
قام المعهد ومنذ الغاء اللجنة الوطنية لاستخدامات الطاقة النووية للأغراض السلمية بموجب المرسوم رقم 259 لسنة 2011 الصادر بتاريخ 24 يوليو 2011، على متابعة هذا الموضوع على المستوى الوطني من خلال أنشطته البحثية على الرغم من أنه قد تم صرف النظر عن فكرة إنشاء مفاعل للطاقة النووية.
علما بأن المعهد يمثل دولة الكويت كنقطة ارتباط للوكالة الدولية للطاقة الذرية ويقوم بدوره في التنسيق بين الوكالة وجميع الجهات المحلية التي تتعامل بالمواد المشعة مثل وزارة الصحة العامة وغيرها، بالإضافة إلى ما سبق ذكره بأن المعهد يقوم بالتعاون مع خبراء الوكالة وإدارة الفتوى والتشريع بإعداد مشروع القانون النووي الكويتي حيث تمت مراجعته من قبل خبراء الوكالة وجاري اعداده للمراجعة الثانية وفقا لنظام الوكالة وذلك من خلال هذا العام، علما بأن المشروع بقانون الهدف منه وضع قانون عام وشامل وليس فقط إنشاء هيئة وفقا لمقترح موضوع الدراسة.
والجدير بالإشارة إلى ان عملية دراسة وإعداد وإقرار قوانين بهذه الأهمية قد يتم اعداده إما عن طريق وضع قانون شامل مثل القانون النووي المصري الصادر في 2010 الذي استغرق العمل به اربعة اعوام وأتى بـ 109 مادة تم اعدادها ومراجعتها من قبل 19 جهة من ضمنها خبراء الوكالة، أو وفقا لما انتهجته دولة الإمارات العربية المتحدة في اعداد هذا القانون على عدة مراحل بدأت بالسياسة النووية لدولة الإمارات في عام 2008 ثم القانون رقم 4 لسنة 2012 الذي يحمل عنوان المسؤولية المدنية عن الأضرار النووية، وأيضا المرسوم بقانون اتحادي رقم 6 لسنة 2009 في شأن السلمية للطاقة النووية وبموجبه أنشئت الهيئة الاتحادية للرقابة النووية.
بادئ ذي بدء نود أن نوضح ان مقترح القانون المقدم ينظم إنشاء هيئة وطنية لاستخدام الطاقة النووية السلمية في حين أن عنوان المقترح هو إنشاء وإدارة وتشغيل المنشأة النووية للأغراض السلمية، حيث تنظم المواد من 2 إلى المادة 7 من المقترح إنشاء هيئة ومجلس إدارة واختصاصات مديرها العام وميزانيتها واختصاصتها في حين ان المادة 8 منه تنظم انشاء مفاعل نووي للاستخدام السلمي، ثم تأتي المواد من 9 إلى 12 على الترتيب تنظم العقوبات الجزائية لمخالفة هذا القانون وعقوبات عما يسمى بالمخالفات الجسيمة وعقوبات عن تهريب الطاقة النووية وهو الأمر الذي يبين أن عنوان القانون لا يعبر عن محتواه، فالمقترح ينظم في مجمله انشاء هيئة تسمى هيئة وطنية لاستخدام الطاقة النووية السلمية، في حين أن عنوان المقترح بقانون هو إدارة وتشغيل المنشأة النووية للأغراض السلمية فكان لا بد من أن تكون نصوص القانون المقترح تركز على تنظيم وإدارة وتشغيل المنشآت النووية.
كما لاحظ المعهد أن المقترح أغفل التاريخ التشريعي لدولة الكويت في مجال الطاقة النووية والمعاهدات الدولية التي انضمت لها دولة الكويت في هذا الشأن والتي كان يجب الإشارة اليها في ديباجة القانون باعتبارها جزء من القانون الوطني وهي على سبيل المثال المرسوم الأميري بالموافقة على النظام الأساسي للوكالة الدولية للطاقة الذرية وعلى انضمام دولة الكويت إلى تلك الوكالة اعتبارا من 14 سبتمبر 2014، والقانون رقم 16 لسنة 1965 بالموافقة على معاهدة حظر تجارب الأسلحة النووية في الجو وفي الفضاء الخارجي وتحت الماء، والقانون رقم 35 لسنة 1968 بالموافقة على اتفاقية التعاون العربي لاستخدام الطاقة الذرية للأغراض السلمية، والقانون رقم 51 لسنة 1989 في شأن الموافقة على معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، والقانون رقم 15 لسنة 2002 بالموافقة على اتفاق حكومة دولة الكويت والوكالة الدولية للطاقة الذرية لتطبيق الضمانات في اطار معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية والبروتوكول المرفق بها، وقانون رقم 7 لسنة 2003 بالموافقة على معاهدة للحظر الشامل للتجارب النووية، وقانون رقم 8 لسنة 2003 بالموافقة على انضمام الكويت إلى الاتفاقية بشأن التبليغ المبكر عن وقوع حادث نووي، وقانون رقم 14 لسنة  2003 بالموافقة على بروتوكول اضافي للاتفاق المعقود بين الكويت والوكالة الدولية للطاقة الذرية من اجل تطبيق الضمانات في اطار معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، والقانون رقم 12 لسنة 2004 بالموافقة على اتفاقية انضمام دولة الكويت إلى اتفاقية الحماية المادية للمواد النووية، وعليه يتضح أنه لا يمكن اصدار قانون وطني يتعلق بالطاقة النووية من دون أن تأتي ديباجة هذا القانون بكل القوانين والمعاهدات الدولية التي صدقت عليها دولة الكويت لتعبر الدولة انه بإصدارها هذا القانون فهي لا تخالف هذه المعاهدات والقوانين الدولية.
ثانيا ملاحظات خاصة على مواد الاقتراح بقانون:
نصت المادة 2 من الاقتراح بقانون المشار اليه على أنه تبعية هذه الهيئة تعود إلى الديوان الأميري مباشرة وهو ما يتعارض مع ما نصت عليه المادة 3 على انه يكون للهيئة مجلس إدارة يتكون من وزراء ووكلاء وزراء ومدراء مؤسسات وهيئات تتبع اداريا إلى الحكومة وما نصت عليه المادة 6 على انه يكون للهيئة ميزانية مستقلة ففي حين قررت تبعية الهيئة الرقابية للديوان الأميري نصت في الوقت نفسه على ان يرأس مجلس ادارتها وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء، ثم جعلت منها برغم تبعيتها للديوان الأميري هيئة ذات ميزانية مستقلة دون بيان ماهية التبعية أو المقصود بها، كما أنه قد جرت العادة في التشريعات الكويتية وهيكل الدولة أن يرأس مجلس إدارة المؤسسة أو الهيئة العامة الوزير المختص مثال ذلك وزير النفط هو رئيس مجلس إدارة مؤسسة البترول الكويتية، هذا ولنا في تبعية الهيئة الرقابية للديوان الأميري الملاحظتين التاليتين:
يتعين أن تتمتع الهيئة الرقابية طبقا لإرشادات الوكالة الدولية للطاقة الذرية باستقلالية فعالة تمكنها من أداء وظائفها الرقابية الرئيسية كإصدار التراخيص ووضع المعايير والتفتيش وغيرها بمنأى عن الضغوط والقيود التي قد تؤثر فيها، وهو ما يتعين معه ان يتضمن التدابير اللازمة لكفالة تلك الاستقلالية.
إنه بالرجوع إلى القرار رقم 1 لسنة 1991 بإعادة تنظيم الديوان الأميري لم نتبين من أحكامه ما يفيد بتبعية مؤسسات وهيئات عامة له أو لاختصاصاته أو إنشائه لجهات رقابية.
كما نصت المادة 7 من الاقتراح المشار اليه على ستة اختصاصات للهيئة على النحو المبين فيها، لكنها لم تشتمل على اختصاصات اخرى ذات اهمية مثل وضع معايير لحماية الأفراد والمجتمع والبيئة من الآثار الضارة التي يحتل أن تنجم عن الإشعاعات المؤينة، وتحديد حالات الإعفاء من التحكم الرقابي، ووضع سجل وطني للمصادر الإشعاعية وآخر للأشخاص المرخص لهم بأنشطة ومماسات نووية طبقا لأحكام القانون، وإنشاء نظام وطني لحصر ومراقبة المواد النووية، والاستعانة بخبراء من خارج موظفيها لمساعدتها في تأدية مسؤولياتها الرقابية وغير ذلك.
المادة 8 أفردت حكما خاصا يجوز بموجبه إنشاء مفاعل نووي للاستخدام السلمي وفقا للاتفاقيات الدولية في هذا الشأن التي صادقت عليها الكويت وضوابط الوكالة الدولية للطاقة النووية، إلا ان نصوص الاقتراح بقانون قد خلت من النصوص والأحكام المرتبطة بإنشاء المفاعلات النووية بما في ذلك المفاعلات البحثية، نورد منها على سبيل المثال لا الحصر النصوص الموضحة لاشتراطات الترخيص والتزامات المشغل ومسؤولياته، والأمن والأمان النووي، واختيار الموقع والتأهب للطوارئ والوقاية من الإشعاعات والتصميم والتشييد والإدخال في الخدمة والإخراج منها، وما شابه، هذا عدا الجوانب الأخرى التي يتعين على القانون النووي تناولها والنص عليها كالغرض من القانون وتنظيم الأحكام الخاصة بالنفايات المشعة والوقود المستهلك، ونقل المواد المشعة، وضوابط التصدير والاستيراد والمسؤولية النووية ونطاق التغطية والحماية المادية إذ ان هذه النصوص ذات اهمية قصوى ولا يمكن أن يخلو منها القانون أو ان توضع كلوائح ملحقة.
العقوبات المنصوص عليها في المواد 9 و10 و11 من الاقتراح بقانون: ينص الدستور الكويتي في المادة 32 من على أنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون ولا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة للعمل بالقانون الذي ينص عليها، والملاحظ ان الاقتراح بقانون يخلو من النص على الجرائم والمخالفات التي يعاقب عليها وبيان العقوبة المناسبة التي تنسجم وكل فعل مخالف له سواء أكان جريمة جنحة أو جناية، أو مخالفة إدارية أو مالية، فقد نصت المادة 9 منه على انه يعاقب كل من يخالف أحكام هذا القانو بالحبس لمدة لا تتجاوز عشر سنوات أو الغرامة التي لا تزيد على خمسمائة الف دينار كويتي أو بإحدى هاتين العقوبتين دون تحديد للجرائم الجنائية التي يسري عليها النص المقدم، كما أن الجرائم التي تخضع للعقوبة المنصوص عليها في المادة 10 منه قد وردت على سبيل المثال لا الحصر والقطع، إذ نصت المادة المذكورة على انه يعاقب كل من ارتكب مخالفات جسيمة كالتداول في المواد النووية والإشعاعية والسرقة المتاجرة دون ترخيص بالحبس المؤبد أو الغرامة التي لا تزيد على مليون دينار كويتي أو بإحدى هاتين العقوبتين، فضلا عن ان مقدار العقوبة المقيدة الحرية أو العقوبة المالية المنصوص عليها فيها يدخلها في الجرائم الجنائية وهي بهذا الوصف تخرج عن اطار المخالفات الجسيمة.
المادة 12 من الاقتراح بقانون: أغفل نص هذه المادة بيان المدة التي يبدأ معها سريان القانون ونرى أن يحدد القانون مدة تصدر بها لائحته التنفيذية بحيث يعتبر ساريا من تاريخ اصدار تلك اللائحة.
خلو الاقتراح بقانون المشار اليه من المبادئ التي يقوم عليها القانون النووي وتتلخص في مبدأ الأمان ومبدأ الأمن، ومبدأ المسؤولية ومبدأ الإذن ومبدأ المراقبة، ومبدأ التعويض، ومبدأ التنمية المستدامة، ومبدأ الامتثال، ومبدأ الاستقلالية، ومبدأ الشفافية، ومبدأ التعاون الدولي.
توصيات المعهد
لا توجد حاجة ماسة الآن إلى إنشاء ما يسمى الهيئة الوطنية لاستخدام الطاقة النووية السلمية وفقا للمقترح وذلك لأن كل ما سوف تقوم به حاليا تقوم به لجنة الوقاية من الإشعاع بوزارة الصحة، بموجب مرسوم بالقانون رقم 131/1977 بشأن تنظيم استخدام الأشعة المؤينة والوقاية من مخاطرها.فإن كنا في حاجة فنحن في حاجة إلى اصدار قانون نووي كويتي شامل والقول بغير ذلك يجعلنا أمام ازدواج في الاختصاص نابع من ازدواج في التشريع إذا ما تمت الموافقة على المقترح موضوع الدراسة.
يرى المعهد أن المقترح موضوع الدراسة من الموضوعات التي يجب أن تصدر بالتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، تنفيذا للاتفاقيات والبروتوكولات الدولية سالفة البيان التي انضمت وصدقت عليها دولة الكويت لنعبر أننا بإصدارنا مثل هذه القوانين النووية نعبر عن التزاماتنا الدولية وهذا هو المتبع على مستوى كل الدول التي وافقت على النظام الأساسي للوكالة الدولية للطاقة الذرية حيث وافقت دولة الكويت على هذا النظام الأساسي بموجب المرسوم الأميري الصادر في 14 سبتمبر 1964.