شهدت العلاقات بين الولايات المتحدة وتركيا خلال السنوات الأخيرة تراجعا ملحوظا نظرا لانعدام الثقة والمصالح المتعارضة ما أدى الى توتر غير مسبوق تجلى خلال الأسبوع الماضي في توقف كل بلد عن منح تأشيرة الدخول لمواطني البلد الآخر.
فقد علقت الولايات المتحدة يوم الأحد الماضي كافة برامج منح التأشيرات من سفارتها وقنصلياتها في تركيا بعد قيام السلطات التركية باعتقال موظف تركي يعمل بالبعثة الدبلوماسية الامريكية في اسطنبول ما استدعى ردا من تركيا التي أوقفت بدورها منح التأشيرات للأمريكيين.
وفي هذا الصدد قالت المديرة المؤسسة لمركز معهد الشرق الأوسط للدراسات التركية غونول تول لوكالة الانباء الكويتية (كونا) ان هذه الخطوة تمثل سابقة لان تركيا بلد عضو في حلف شمال الأطلسي مضيفة "ان العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة واجهت عدة تحديات على مدى السنوات الا ان الادارة الامريكية اتخذت هذه المرة خطوة جدية جدا".
واعتبرت تول ان تركيا شعرت بأن الولايات المتحدة خدعتها عندما ألقت السلاح من الجو لمقاتلي حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي في سوريا وهو حزب ترى أنقرة انه مرتبط بحزب العمال الكردستاني الذي تحاربه كما ان تركيا انتقدت الولايات المتحدة على اعتبار انها لا تزال تؤمن ملاذا آمنا لأكثر المطلوبين شهرة لديها عبدالله غولن الذي تتهمه تركيا بالوقوف وراء الانقلاب الفاشل الذي حدث في العام الماضي.
واوضحت انه بالنسبة لواشنطن فهي تأخذ على أنقرة انها سجنت نحو 12 أمريكيا بتهم "الارهاب" أو العلاقة بحركات أخرى ومن بينهم موظفان في القنصلية الأمريكية في حادث اعتبره السفير الامريكي المنتهية ولايته جون باس "انتقاما من بعض أعضاء الحكومة التركية".
وأشارت تول الى انه "كان هناك تعارض في المصالح والقيم إلا ان احتجاز الموظفين في القنصلية الأمريكية كان بمثابة القشة الأخيرة" معتبرة انه إذا بدأت وسائل الاعلام الأمريكية تغطية هذا النبأ بشكل أوسع "فإنه سيصبح من الصعب على البلدين التراجع وهو ما يمنح الولايات المتحدة أفضلية على تركيا ولا أعتقد انهم سيعكسون قرار وقف منح تأشيرات الدخول إذا لم تتخذ الحكومة التركية اجراءات ملحوظة".
في المقابل اصدرت الولايات المتحدة أحكاما على بعض عناصر الأمن التابعين للرئيس التركي رجب طيب أردوغان على خلفية اعتدائهم على متظاهرين سلميين خلال زيارة الأخير لواشنطن في العام الماضي.
وحول عواقب هذه الأزمة على حلف شمال الأطلسي أعربت تول عن اعتقادها بأن "هذا الحادث سيساهم في تعميق التوتر بين البلدين وكذلك قلة الثقة التي كانت موجودة دائما".
وذكرت ان وزارة الدفاع الأمريكية أصدرت مؤخرا بيانا أكدت فيه ان وقف منح التأشيرات لن يؤثر على العمليات العسكرية المشتركة.
وعن تأثير الأمر على الأزمة في سوريا رأت "انها تضع تركيا بشكل أوضح وأشد تحت مظلة روسيا وتجعلها تعتمد سياسة أكثر استقلالا".
واضافت ان هذا الأمر يقوي موقف ايران ويضعف الاستراتيجية الأمريكية "لكن هكذا هي الحال منذ بعض الوقت".
ورأت ان فرص تحسن العلاقات تبدو مستبعدة في المستقبل القريب حيث ان الأمر "صعب جدا على اردوغان الذي ساهم في الاستعداد للأزمة كما انه في حال أعادت تركيا تطبيع العلاقات مع الولايات المتحدة مع الافراج عن المبشر الامريكي دون مقابل فإن اردوغان سيتضرر محليا".
وتقول الولايات المتحدة انها لم تتلق حتى الآن أي توضيح رسمي من أنقرة حول أسباب اعتقال الموظف في بعثتها في حين انه رغم توجيه اردوغان اللوم الى السفير الأمريكي فإن الأخير أكد انه لن يعيق مسار العلاقات مع تركيا وسيواصل العمل على هذه المسألة من أجل حلها.