تقاتل قوات مدعومة من الولايات المتحدة مقاتلين أجانب يدافعون عن آخر جيب لتنظيم الدولة الإسلامية في مدينة الرقة، معقل التنظيم المتشدد في سوريا، يوم الاثنين لتقترب حملتها المستمرة منذ أربعة شهور على المدينة من تحقيق النصر. 
وشاهد مراسل لرويترز الدخان يتصاعد في سماء المدينة وسمع دوي مدافع رشاشة وقذائف مورتر، لكنه قال إن معدل الضربات الجوية انخفض مقارنة بما كان عليه أثناء زيارات سابقة للمدينة خلال الأسابيع القليلة الماضية. 
وقال قائد ميداني في قوات سوريا الديمقراطية التي تضم جماعات كردية وعربية في الرقة إنه يتوقع انتهاء الحملة يوم الاثنين لكن التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة قال إنه لا يمكنه تحديد إطار زمني للمعركة. 
وذكر المتحدث باسم قوات سوريا الديمقراطية مصطفى بالي إن القوات تقاتل الدولة الإسلامية في منطقة صغيرة فقط من الرقة في المساء حول المستشفى والاستاد الوطني. 
وقال بالي إنه لا يمكنه تحديد مدة المعركة. وأضاف أن الاشتباكات مستمرة. 
وقالت قوات سوريا الديمقراطية أمس الأحد إن قافلة تضم مقاتلين سوريين في صفوف تنظيم الدولة الإسلامية وأسرهم غادرت الرقة ليل السبت وبقي ما يتراوح بين 200 و300 متشدد أجنبي في المدينة لخوض المواجهة الأخيرة. 
وتستعد قوات سوريا الديمقراطية حاليا للقضاء على الحكم الوحشي للدولة الإسلامية في الرقة التي تباهى التنظيم فيها بسلسة انتصاراته المدوية عام 2014 وكانت مركزا للتخطيط للهجمات على أهداف مدنية في الغرب. 
وتأتي هزيمة التنظيم في الرقة في أعقاب انهياره في أنحاء العراق وسوريا وطرده من المدن ومقتل عدد من قياداته في ضربات جوية وفقده السيطرة على الآبار النفطية التي كانت مصدر تمويل خلافته المعلنة من جانب واحد. 
وفقد التنظيم السيطرة على الموصل في العراق في يوليو تموز بعد شهور من القتال. وكانت الموصل أكبر وأهم مدينة استولى عليها التنظيم. 
وانحسر التنظيم، الذي كان يحكم في أوج أيامه ملايين الأشخاص في البلدين، في قطاع من الأراضي في وادي الفرات جنوبي دير الزور في سوريا ومناطق صحراوية على جانبي الحدود السورية العراقية. 
وقال رايان ديلون المتحدث باسم قوات التحالف ”نفذنا بعض الضربات في الساعات الأربع والعشرين الماضية لكنني أتوقع أن تتكثف سريعا مع تقدم قوات سوريا الديمقراطية إلى المناطق الأخيرة المتبقية في المدينة“. 
ويساند التحالف قوات سوريا الديمقراطية بقوات جوية وقوات خاصة في حملتها على الرقة التي بدأت في نوفمبر تشرين الثاني وتضمنت هجوما استغرق شهورا لعزل المدينة. 
وبدأت المعركة داخل مدينة الرقة نفسها في يونيو حزيران وتسببت الضربات الجوية المكثفة وحرب الشوارع بداخلها في نزوح كثير من سكانها إلى مخيمات للنازحين وحولت غالبية المباني إلى أنقاض. 
ووصف القائد الميداني في الرقة القتال الذي يدور يوم الاثنين بأنه ”عملية تطهير“ وتوقع سيطرة قوات سوريا الديمقراطية على كامل المدينة بنهاية يوم الاثنين. 
وقالت إلهام أحمد الزعيمة السياسية البارزة في قوات سوريا الديمقراطية إنها تتوقع الإعلان عن انتهاء الحملة ضد التنظيم المتشدد في الرقة في غضون ساعات أو أيام. لكن المتحدث باسم قوات التحالف قال إنه لا يمكنه تحديد إطار زمني للعملية. 
* راية 
كان مراسل لرويترز برفقة وحدة قناصة تابعة لقوات سوريا الديمقراطية على خط الجبهة عند مستشفى يعد من آخر المعاقل لتنظيم الدولة الإسلامية في المدينة. وشاهد رجلين في زي مموه وهما يصعدان على مبنى ويرفعان راية. 
وكانت سيارات في الشوارع بالأسفل تبث رسائل عبر مكبرات صوت على ظهرها إلى ما تبقى من مقاتلي التنظيم وتؤكد أنهم لن يتعرضوا لسوء إذا سلموا أنفسهم. 
وقال قائد ميداني آخر بقوات سوريا الديمقراطية يدعى أشرف سرهاد إنه سمع عن بقاء 250 من مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية مضيفا أنه شاهد يوم الأحد حافلات صغيرة وحافلات تغادر المستشفى وعلى متنها بعض المستسلمين. 
وقال عمر علوش المسؤول في المجلس المدني الذي شكلته قوات سوريا الديمقراطية لإدارة الرقة إن القافلة التي غادرت المدينة ليل السبت كانت تقل نحو 100 مقاتل ونحو 200 من أفراد أسرهم. 
وأضاف أن قوات الأمن احتجزت المقاتلين الذين غادروا في القافلة استعدادا لاستجوابهم وربما محاكمتهم. 
كما مكن الاتفاق المدنيين من مغادرة الأراضي التي تسيطر عليها الدولة الإسلامية. 
وقال ديلون إن نحو 3500 مدني غادروا المناطق التي يسيطر عليها المتشددون الأسبوع الماضي. 
وأقوى جماعة في قوات سوريا الديمقراطية هي وحدات حماية الشعب الكردية التي تعتبرها تركيا امتدادا لحزب العمال الكردستاني الذي يشن تمردا ضد أنقرة منذ عقود. 
وتشعر تركيا بالاستياء من نفوذ الوحدات في مساحات شاسعة من شمال سوريا، بما في ذلك مناطق ذات أغلبية عربية، ومساندة الولايات المتحدة لها. 
* حملات متنافسة 
تمكنت الحملة التي تساندها الولايات المتحدة من طرد الدولة الإسلامية من معظم شمال سوريا في حين طردت حملة منافسة يقودها الجيش السوري بدعم من روسيا وإيران وفصائل شيعية مسلحة المتشددين من الصحراء في وسط البلاد. 
وانسحبت الدولة الإسلامية من الريف المحيط بالرقة قبل أشهر وتتقلص تسريعا آخر منطقة كبيرة من الأرض تسيطر عليها بامتداد مصب وادي الفرات في دير الزور وفي الصحراء على الجانبين. 
ومع تثبيت التنظيم المتشدد أقدامه في سوريا والعراق أصبحت الرقة أهم مركز له إذ كان يستخدمها قاعدة للتخطيط والعمليات. 
وكان كثير من قادته يتمركزون هناك. وقال رهائن سابقون إن محمد إموازي، الذي يعرف بالجهادي جون، سجنهم إلى جانب آخرين أعدمهم لاحقا في مبنى قرب المدينة. 
وقتل التنظيم عشرات الأسرى من الجنود السوريين هناك في يوليو تموز 2014 وجعل المدينة موقعا لبيع النساء اليزيديات اللائي أسرن في العراق وأعطين للمقاتلين. 
وقال التحالف إن الرقة مركز لشن هجمات في الخارج. ووجهت فرنسا ضربات جوية على أهداف تابعة للدولة الإسلامية في المدينة في نوفمبر تشرين الثاني 2015 بعدما قتل متشددون أكثر من 130 شخصا في باريس. 
لكن التنظيم يدافع عن آخر رقعة من الأرض يسيطر عليها في المدينة والتي تتناثر فيها الحفر الناجمة عن إلقاء القنابل وتظهر فيها جليا كلفة المعركة. وتحول كثير من مناطق الرقة إلى أنقاض وقتل مئات المدنيين وفر آلاف آخرون.