في وقت بدأت فيه أسعار النفط تعيش أوضاعا صعبة خلال الأشهر القليلة الماضية، نجحت السعودية خلال شهر يوليو الماضي في وقف عملية السحب النقدي من احتياطات الدولة، وتسجيل ارتفاع تبلغ نسبته 0.3  بالمئة عن الاحتياطات النقدية المسجلة في الشهر الذي يسبقه.
وتأتي قدرة السعودية على وقف عملية السحب النقدي من احتياطاتها المالية، إلى توجُّه البلاد نحو إصدار سندات تنمية حكومية، ساهمت بشكل كبير جدا في قدرة المملكة على مواجهة انخفاض أسعار النفط، والاستمرار في مشاريع التنمية، وسط ملاءة مالية كبيرة تتميز بها البلاد.
ويرى مختصون، أن السعودية لديها خيارات عدة لسد عجز موازنة 2015 المتوقع، وقالوا: «السحب من الاحتياطي النقدي كان أحد الحلول، إلا أن استمرار انخفاض أسعار النفط دون مستويات 60 دولارا للبرميل، دفع المملكة إلى حلول تمويلية أخرى تتعلق بإصدار سندات التنمية».
وتظهر بيانات مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما)، أن الاحتياطي النقدي للمملكة خلال شهر يوليو الماضي ارتفع بنحو 184 مليون ريال (49 مليون دولار) مقارنة بالشهر الذي يسبقه، وهو أول ارتفاع منذ شهر أكتوبر الماضي، ليصل حجم الاحتياطي النقدي للبلاد إلى 659.5 مليار ريال (175.8 مليار دولار).
وبحسب بيانات مؤسسة النقد السعودية خلال الأشهر الماضية، فقد بلغ حجم المبالغ المالية التي سحبتها المملكة من احتياطاتها النقدية منذ بداية العام نحو 245 مليار ريال (65.3 مليار دولار)، يأتي ذلك وسط انخفاض أسعار النفط الخام (حتى ساعة إعداد هذا التقرير)، بنسبة 56.2  بالمئة من أعلى سعر تم تحقيقه خلال 12 شهرا.
وفي شأن ذي صلة، أكد الدكتور سالم باعجاجة أستاذ المحاسبة في جامعة الطائف، أن إصدار السعودية لسندات تنمية حكومية، كان عاملا مهما في توفير السيولة النقدية ووقف السحب من احتياطي البلاد النقدي، وقال: «المملكة تتمتع بملاءة مالية عالية جدا، والسندات الحكومية خيار اقتصادي مهم جدا في وقت تتراجع فيه أسعار النفط، وترتفع فيه معدلات الإنفاق خلال موازنة 2015».
ولفت الدكتور باعجاجة، خلال حديثه، إلى أن السعودية لا تلجأ عادة إلى السحب من الاحتياطي النقدي إلا في حالات الضرورة القصوى، مبينا أن البنوك التجارية في البلاد لديها ودائع نقدية كبيرة جدا، وملاءة مالية عالية، تدفعها نحو القدرة على تمويل السندات الحكومية، بهوامش ربحية منخفضة.
وفي الإطار ذاته، نجح النفط الخام خلال تعاملات يوم اول امس من الارتفاع بنحو 19.6  بالمئة مقارنة بأدنى سعر تم تحقيقه خلال تعاملات الأسبوع (37.75 دولارا) للبرميل، وسط توقعات بأن تكون أسعار النفط خلال الربع الأخير من العام الحالي، أفضل حالا مما كانت عليه في الربع الثالث من هذا العام.
إلى ذلك، أكد فهد المشاري الخبير الاقتصادي والمالي ، أن عودة النفط الخام فوق مستويات 45 دولارا خلال تعاملات الأسبوع الجديد ستكون محفزة للأسواق المالية العالمية، وقال: «قد يكون سعر 37.75 دولارا لبرميل النفط الخام هو مستوى الدعم الذي سيسعى للمحافظة عليه خلال العام الحالي (2015)».
ولفت المشاري خلال حديثه إلى أن سندات التنمية الحكومية التي أصدرتها السعودية كانت سببا مهما في توفير السيولة النقدية للمملكة، وقال: «انخفاض أسعار النفط قد يكون مؤثرا على مدى العام الحالي، إلا أنني أتوقع أن يكون عام 2016 أكثر إيجابية».
إلى ذلك، أظهرت النشرة الشهرية الصادرة عن مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما)، ، انخفاض موجودات المؤسسة، التي تعد بمثابة البنك المركزي في السعودية، خلال شهر يوليو الماضي إلى نحو 2.56 تريليون ريال (682 مليار دولار)، بانخفاض قدره 9 مليارات ريال (2.4 مليار دولار)، وذلك مقارنة بشهر يونيو 2015.وحسبما أظهرت النشرة الشهرية الصادرة عن مؤسسة النقد السعودي، فقد تراجعت موجودات «ساما» لشهر يوليو 2015 بـ238 مليار ريال (63.4 مليار دولار)، مقارنة بالشهر نفسه من عام 2014.