واصلت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية عقد جلسات الدورة الثانية والعشرين لمؤتمر مجمع الفقه الإسلامي الدولي صباح أمس عقد جلسة بعنوان « ضمان البنك للمخاطر الناشئة عن سوء استثمار أموال العملاء وتعويضهم عن الأضرار الناجمة» أستهلها أستاذ قسم الإعمال المصرفية في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الدكتور محمد أبو زيد بقوله: إن أموال الاستثمار بالمصارف الإسلامية لها طبيعتها الخاصة وخصائصها المختلفة عن أموال الودائع بالبنك التقليدي، وأن أهم عناصر الاختلاف ضمان البنك التقليدي لهذه الأموال في كل الأحوال والظروف بناء على علاقة القرض والدين، بينما المصرف الإسلامي لا يضمن هذه الأموال لأصحابها دائما بحكم طبيعة علاقة المشاركة الحاكمة له.
ومن جانبه قال الأمين العام للإتحاد العالمي لعلماء المسلمين الدكتور علي محي الدين: إن اهتمام الإسلام بقاعدة العدالة بين طرفي التمويل يفوق كل اهتمام، وتقدم العدالة عند التعارض على ما عداها، ومن أهم مرتكزات، أو بمعنى أوضح تجليات العدالة بين طرفي التمويل، الممول والمستثمر، الضمان والعائد يقتضي ألا يكون المضارب ضامنا إلا في حالة إساءة استخدام أموال الممول، وإلا فهو أمين لا يضمن مال المضاربة من جراء أية مخاطر.
وتابع إن الإسلام يؤمن بضرورة حماية الأموال والحفاظ عليها حتى من صاحبها ومالكها، ويوجب على كل من بيده مال أن يحميه ويحوطه من المتالف والمخاطر قدر الإمكان، وعليه استخدام كل ما هو متاح من أساليب الحماية والتحوط شريطة أن تكون تلك الأساليب مشروعة، ومن عظمة الإسلام أنه يوجب مشروعية الغاية والهدف ويوجب في نفس الوقت مشروعية الوسيلة والأسلوب، ولا يجيز على الإطلاق استخدام وسيلة غير مشروعة مهما كانت الغاية مهمة ونبيلة.
ومن جهته قال الأستاذ بكلية التجارة في جامعة الأزهر الدكتور محمد عبد الحليم: إن البنك يتلقى أموال المستثمرين بإذن منهم ليستثمرها نيابة عنهم، ولا يملكها وذلك بصفته مضاربا أو وكيلا بالاستثمار، إذ يتضح أن يد البنك على أموال المستثمرين هي يد أمانة وهو ما عليه إجماع الفقهاء حيث جاء « ولأن من حكم المضاربة أن يكون رأس المال أمانة في يد المضارب «ومفاد ذلك أن البنك لا يضمن أموال المستثمرين إذا حدث فيها نقص إلا إذا كان النقص بسبب إساءته، وهنا تنقلب يده من يد أمانة إلى يد ضمان.
 حقوق المعوقين
وفي جلسة علمية حول «حقوق المعوقين في الفقه الإسلامي» قال رئيس مجمع الفقه الإسلامي المستشار بالديوان الملكي في المملكة العربية السعودية محمد بن صالح بن حميد من الاصول المقررة في الفقه الاسلامي ام منهجه في بيان الاحكام في اعمال المكلفين ومعالم التشريع الاسلامي تتضح في كتب الفقه وابوابه وفصوله في المدونات الفقهية كما ان المتتبع لقواعد الاستثناء في جملة الاحكام الفقهية يجد في سطورها ومضامينها احكام المعوق داخلة في تطبيقات تلك الاستثناءات.
واوضح : هناك قواعد يتضح منها مراعاة الشريعة لاحوال المعوق اذ أنه محل للتيسير ومظنة لارتفاع التكليف في بعض حالاته ومن هذه القواعد لا تكليف لا بمستطاع: فمن رحمة الله عز وجل واحسانه انه لا يكلف نفسا إلا وسعها، والعقل مناط التكليف: فإذا زال العقل زال التكليف، فالتكليف يدور مع العقل وجودا وعدما، ومن هنا يتبين اهمية العقل ومكانته في الاسلام، اذ بالعقل يكون التفضيل لهذا الانسان، ولا يسقط التكليف كله بفقد جزء ماط منه: أي ان المكلف عليه ان يقوم بما يستطيع فمن قطعت يده مثلا إلى نصف الذراع وجبت عليه الطهارة.
 وأوضح  أن هناك واجبات نفسية نحو العناية بالمعوق حيث ان المعوق له شعور ينعكس على حياته ومعايشته وتعامله مع من حوله، لا سيما وان ماهو فيه ليس من عمل يده، موضحا ان ذلك أمرا قدره الله عليه، لذا يجب أن تتسم المعاملة مع المعوق بمراعاته وذلك تحقيقا إلى بناء نفسيته والرقي بها مما يرفع همته ويؤكد الاهتمام به.
وشدد على ضرورة أن يتمتع المعاق بأعلى مستويات الصحة دون تميز بسبب الإعاقة، ولهم الحق في توفير رعاية وبرامج صحية مجانية أو معقولة تعادل في نطاقها ونوعيتها ومعايرها تلك التي توفر للآخرين بما في ذلك برامج الصحة العامة للسكان، وتوفير ما يحتجون إليه من خدمات صحية تشمل الكشف المبكر، وخدمات أخرى تهدف إلى ادنى حد من الإعاقات ومنع حدوث المزيد منها وتوفير هذه الخدمات الصحية في أقرب مكان ممكن من مجتمعاتهم المحلية وحظر التميز ضدهم وتوفير التأمين الصحي حيثما تسمح الأنظمة والقوانين بذلك.
وذكر أن المعاقين لهم الحق أن يأخذو فرصتهم في مجال التعليم وضع البرامج التعليمية لهم حسب نوع الإعاقة ودرجتها، حيث يحق لهم الحصول على الفرص التعليمية المتاحة للجميع في وطنهم ومجتمعهم.
وقال انه من حق المعاق بجميع الحقوق والحريات الأساسية التي يقرها الدستور والاتفاقات الدولية والقوانين النافذة في الدولة دون تميز , وعلى قدم المساواة مع الأشخاص غير المعاقين.  وتابع: ثمة واجبات دينية تعزز العناية والرعاية للمعوق بما يعود عليه بالمصالح ويدر عنه بالمفاسد، منها ترسيخ الإيمان في قلبه من خلال تأهيل قلبه للتعامل مع البلاء، وإنماء شجرة الإيمان فيه، من حيث التسليم الذي يصقل الصبر على أقدار الله المؤلمة وإعانة المعوق في أداء التكاليف الشرعية وفق طاقته وهذه الإعانة للقائم بها كأجر المعوق الذي يؤدي العبادات بشيء من المجاهدة.
وزاد: إن المعوق بحاجة للعون والمساندة، وهذه المساندة غالبا ما تكون في الممارسات الاجتماعية التي بمثلها يشعر المعوق انه عنصر يتكامل معه الآخرون، وهذا التكامل الاجتماعي يمكن ذكره بإشراك المعوق في المجتمع واتخاذ تدابير لدمجه، من خلال تكميل ما يحتاجه من التواصل المجتمعي، أو إبراز جوانب نبوغه، والإحسان والشفقة واللحمة بالمعاق وتحسيسه بأنه جزء من المجتمع، وأن المجتمع يقف معه ويتطلب بحقوقه في جميع المجالات، وإعانة المعوق للقيام بأعماله وهدايته إلى ما يناسبه، ولا يدخل عليه ما يعيقه.
ومن جانبه قال الدكتور محمد الزيادي إن الإسلام سبق كافة الاهتمامات، وارتقى فوق كل النظريات والفلسفات، وفاق كل القوانين والمواثيق والالتزامات؛ وذلك بأن اعتبر المعوق إنسانا سويا كاملا الأهلية في الحقوق والواجبات، لا يعذر إلا فيما عجز عن القيام به، وهو بهذه الصورة إنسان لا يثير الشفقة والرأفة، بل هو إنسان قصر عن أداء دور، وفتحت أمامه أدوار أخرى كبقية الفئات.
ومن جهة أخرى أشار الدكتور أحمد عبد العليم بأن ما ورد في الاتفاقيات والإعلانات والبيانات الدولية الخاصة بالمعوقين، قد غطت غالبية متطلبات المعوقين، وجميعها يتوافق مع أحكام شريعتنا ومبادئ ديننا، ومن ثم أقترح على أن يشار في القرار إلى تبنيها.