دفعت صورة الطفل السوري الذي قضى غرقا قبالة سواحل تركيا، اللاجئ السوري في الاردن ابو اليمان لحظة رؤيتها الى احتضان ابنته بشدة متخيلا انها مكان ذاك الطفل.

واثارت صورة جثة الطفل ذي الثلاث سنوات ممددا على بطنه على رمال شاطئ بودروم جنوب غرب تركيا والتي نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي والصفحات الاولى للعديد من الصحف الاوروبية، صدمة كبيرة وموجة تاثر في العالم.

وكان بين مجموعة من 12 مهاجرا سوريا غرقوا ليل الثلاثاء الاربعاء بعد انقلاب المركب الذي كان ينقلهم من بودروم نحو جزيرة كوس اليونانية.

ويقول العشريني ابو اليمان، متحدثا باسم "تنسيقية مخيم الزعتري" التي شكلها لاجئون سوريون في مخيم الزعتري (85 كلم شمال-شرق عمان) لوكالة فرانس برس ان "هذه صورة مؤلمة بشدة لأي انسان يراها".

ويضيف "لدى رؤيتي الصورة ضممت ابنتي بشدة لاني تخيلت انها مكان هذا الطفل البريء، كل انسان عليه ان يتخيل نفسه مكان هذا الطفل واهله".

ويتابع "صدمت بشدة عندما رأيت الصورة وشعرت بمرارة خذلان العالم وخصوصا الدول العربية التي اهملت معاناة السوريين واغلقت ابوابها في وجههم".

ولا يخفي ابو اليمان المتحدر من درعا في جنوب سوريا وهو اب لطفلة واحدة غضبه حيال دول الخليج على وجه الخصوص كونها "لديها الامكانيات الهائلة لتقديم المساعدة للشعب السوري ولا تقدمها".

من جانبها تقول ام حسين من حمص (غرب سوريا) وعيناها تدمعان "رأينا القصف والدمار والذبح في بلدنا لكنني لم اتحمل مشهد هذا الطفل البريء الذي لا ذنب له سوى انه ولد في سوريا".

وتوضح السيدة الاربعينية التي ترتدي حجابا اسودا وثوبا اسود قديما انها فرت مع زوجها الاصم وابنائها الثلاثة من الحرب الدائرة في سوريا الى الاردن حيث استأجروا شقة في عمارة متهالكة في حي فقير بمنطقة الجبل الأخضر شرق عمان.

وتتساءل "الا يشعر حكام الدول العربية بالخزي والعار عند رؤية هذه الصورة؟ يهدرون مليارات الدولارت على الاسلحة التي تصدأ في مخازنهم وعلى اكبر برج او افخم سيارة ولا تسعفهم انسانيتهم على الالتفات لمعاناة الشعب السوري فاغلقوا الابواب بوجوهنا؟".

اما جارها في المبنى نفسه نشمي (30 عاما) من ادلب (شمال سوريا) فيقول وهو يداعب طفله احمد ابن الاشهر السبعة متسائلا "طفل لم ير شيئا من الحياة ما ذنبه ان يموت بهذا الشكل؟ الصورة آلمتني كثيرا، احسست بانه ابني".

وتقول الامم المتحدة ان عدد اللاجئين السوريين تخطى اربعة ملايين يعيش معظمهم في دول جوار سوريا في فقر ويحلم بعضهم بالاستقرار في اوروبا بعد فقدان الامل بعودة سريعة الى الوطن.

وعبر الى اوروبا خلال سبعة أشهر (حتى اب/اغسطس 2015) نحو 340 الف مهاجر اغلبهم من السوريين في اسوأ ازمة هجرة تواجه القارة منذ الحرب العالمية الثانية فيما هلك المئات في عرض البحر.

وفر اكثر من 1,1 مليون لاجئ سوري الى لبنان ونحو 600 الف الى الاردن، بحسب الامم المتحدة، بينما تقول المملكة انها تستضيف 1,4 مليون سوري يشكلون 20% من عدد سكانها البالغ نحو 7 ملايين نسمة.

ويقول ابو مالك (30 عاما)، وهو اكاديمي تربوي من منطقة درعا جنوب سوريا، لفرانس برس "الصورة مؤلمة جدا، لم اتخيل ان تصل الأمور الى هذه الدرجة ونرى السوريين جثثا هامدة على الشواطئ او تطوف على وجه البحر".

ويضيف "المثل الشعبي يقول +شو جابرك على المر غير الأمر منه+ السوريون يعانون بشدة ويشعرون بانهم يعيشون على هامش هذه الدنيا".

ويؤكد ان "هذه صورة مؤلمة جدا وتفجر المشاعر الانسانية. غرق طفل صغير بريء بهذا الشكل  يوضح مدى تقصير العالم، الوم الدول العربية كلها والعالم الذين يرون السوريين يذبحون ويشردون ويهجرون ولا يحرك احدهم ساكنا".

اما لؤي (19 عاما)، من درعا والذي يقطن مخيم الزعتري الذي يأوي نحو 80 الف سوري فيقول "صعقت لدى رؤيتي الصورة ولم استطع استيعابها في البداية، كنت انظر الى اخي الصغير الى جانبي وهو بالعمر نفسه تقريبا وانظر مجددا الى الصورة وتخيلت ان اخي مكان هذا الطفل، لا يمكن وصف مقدار الالم".

ويضيف "من المحزن جدا ان تتخلى الامة العربية عن السوريين ومن المحزن اكثر ان تصل بهم الحال الى ما وصلوا اليه وستبقى هذه الصورة عارا على جبين امتنا".

ويؤكد ابو اليمان ان "بعض القنوات تستخدم (صورة الطفل) بشكل مفرط وسلبي وكأن الغرض نشر الرعب بين السوريين وتنفيرهم من الهجرة".

ويضيف "لا مفر امام السوريين سوى الهجرة حتى وان كان خطر الموت محدقا بهم".