تراجعت أسعار النفط أكثر من دولار أمس بعد مكاسب حادة سجلتها في الجلسة السابقة مع انحسار المخاوف من تعطل الإمدادات بسبب الضربات الجوية التي تقوم بها دول عربية بقيادة السعودية في اليمن.
وقال جولدمان ساكس إن الضربات الجوية في اليمن لن يكون لها تأثير يذكر في إمدادات المعروض النفطي نظرا لأن اليمن مصدر صغير للخام وإن الناقلات يمكنها تجنب العبور من مياهه للوصول إلى الموانئ التي تقصدها.
وهبط سعر مزيج برنت دولارا إلى 58.19 دولار للبرميل بعد أن سجل 57.93 دولار في وقت سابق، وانخفض سعر الخام الأميركي 96 سنتا إلى 50.47 دولار للبرميل بعدما بلغ 50.25 دولار في وقت سابق.
وقفزت أسعار النفط نحو 5 بالمئة أمس مسجلة أكبر مكاسبها اليومية في شهر مع شن ضربات جوية في اليمن أثارت مخاوف من أن يؤدي تصاعد الصراع في الشرق الأوسط إلى تعطل إمدادات المعروض العالمي.
وتقترب أسعار النفط من تحقيق مكاسب أسبوعية بفعل مخاوف من التأثير المحتمل للتوترات الجيوسياسية الحالية في مضيق باب المندب الذي قد يؤثر إغلاقه في 3.8 مليون برميل يوميا من تدفقات الخام والمنتجات النفطية.
ويتجه برنت إلى تسجيل زيادة أسبوعية نسبتها 5 بالمئة هي الأكبر من نوعها منذ أوائل (فبراير) بينما يتجه الخام الأميركي لصعود أسبوعي نسبته 10 بالمئة وهو الأعلى منذ بداية 2011.
واستبعد بنكا «جولدمان ساكس»، و«إيه.إن.زد»، أن يؤدي أي اتفاق نووي مع إيران إلى ارتفاع صادرات النفط الإيرانية قبل النصف الثاني من العام الحالي.
وتوقع جولدمان ساكس في مذكرة للعملاء الليلة الماضية ألا يكون لهذين الحدثين تأثير يذكر في المعروض في الأجل القريب مع استمرار زيادة مخزونات الخام في الربع الثاني من 2015، وعلى المدى البعيد قد يؤدي الاتفاق مع إيران إلى ارتفاع إمدادات المعروض من «أوبك» وإن كان توقيت تخفيف العقوبات لا يزال غامضا.
وأضاف البنك أنه في حين أن اليمن منتج صغير (بلغ إنتاجه 145 ألف برميل يوميا في 2014) فإن موجة صعود الأسعار تحركها مخاوف من التصعيد المحتمل وقرب مضيق باب المندب، لأن إغلاق المضيق قد يؤثر في 3.8 مليون برميل يوميا من تدفقات الخام والمنتجات، غير أنه أشار إلى أنه قد يتم تحويل مسار الناقلات لتبحر من حول إفريقيا بدلا من المرور عبر اليمن.
ويصدر اليمن ما يراوح بين 1.4 و1.5 مليون برميل من خام المسيلة النفطي شهريا، ومعظم الصادرات تتجه للصين، لكن مصدرا في قطاع النفط بالصين قال إن الكمية صغيرة نسبيا ويمكن استبدالها بسهولة بخام من غرب إفريقيا، وتستخرج غالبية الإنتاج النفطي في اليمن من المناطق الشمالية بينما تأتي الكمية المتبقية من منطقة شبوة في الجنوب.
وارتفعت أسعار النفط بسبب الصراع المتصاعد في اليمن لكن مصادر في القطاع قالت إن هناك تخمة في معروض الخام بالأسواق العالمية لتعويض أي تراجع في الصادرات لمشترين مثل الصين طالما لم يسبب الصراع تعطلا أكبر للإمدادات.
وعطل الصراع بالفعل إمدادات النفط في اليمن، وبلغت واردات النفط الصينية من اليمن في أول شهرين من العام 4.5 مليون برميل بارتفاع 315 بالمئة مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق.
وهناك تخوف على أمن إمدادات النفط المارة بمضيق باب المندب الذي يعد بوابة حيوية لعبور موارد الطاقة إلى أوروبا وآسيا والولايات المتحدة، وعبرت المضيق أكثر من 3.4 مليون برميل من النفط يوميا في عام 2013 وفق بيانات الإدارة الأميركية لمعلومات الطاقة.
وإغلاق المضيق الذي يربط البحر الأحمر بخليج عدن وبحر العرب قد يعوق الناقلات القادمة من الخليج عن الوصول لقناة السويس أو خط أنابيب سوميد، ما يجعلها تلف حول رأس الرجاء الصالح.
من شأن إغلاق هذا الطريق الملاحي أن يجبر ناقلات النفط والغاز الطبيعي المسال إلى الإبحار حول الطرف الجنوبي لإفريقيا في رحلة تستغرق أسابيع وتزيد التكاليف.
إضافة إلى وجود تهديدات أخرى يتعرض لها مضيق هرمز وهو أهم مسار بحري لنقل النفط في العالم ومرت فيه نحو 17 مليون برميل يوميا من الخام أو نحو 30 بالمئة من إجمالي تجارة النفط المنقول بحرا في عام 2013 بحسب بيانات إدارة معلومات الطاقة الأميركية.
ويجب أن تمر معظم كميات النفط الخام المصدرة من السعودية وإيران والإمارات والكويت والعراق إضافة إلى جميع كميات الغاز الطبيعي المسال من قطر عبر المضيق الذي يبلغ اتساعه أربعة أميال (6.4 كيلو متر) بين سلطنة عمان وإيران.
ويتجه أكثر من 85 بالمئة من الخام المنقول عبر هذا المضيق إلى آسيا وبشكل رئيسي إلى اليابان والهند وكوريا الجنوبية والصين، وتصدر السعودية معظم نفطها في ناقلات تمر في مضيق هرمز، وتقوم أيضا بتشغيل خط أنابيب بترولاين الذي ينقل بشكل رئيسي النفط من شبكة حقول شرق السعودية إلى ميناء ينبع على البحر الأحمر لتصديره إلى أوروبا وأميركا الشمالية. ويتجه نحو ثلثي صادرات النفط السعودية إلى آسيا ولذا فإن تحويل مسارها إلى الغرب ثم نقلها شرقا يعني أن الناقلات ستبحر عبر مضيق باب المندب وخليج عدن حيث ينشط القراصنة في رحلة أطول بنحو 1200 ميل وخمسة أيام.
وهناك خط الأنابيب الموازي أبقيق - ينبع لسوائل الغاز الطبيعي وتبلغ طاقته 290 ألف برميل يوميا ويربط بين مصانع معالجة الغاز في الشرق وبين منشآت تصدير سوائل الغاز الطبيعي في ينبع، لكنه يشكل بديلا جزئيا فقط للشحنات السعودية من سوائل الغاز الطبيعي من الخليج.