أكدت نخبة من المثقفين المصريين والكويتيين اليوم الخميس أهمية الدور التنويري الذي تلعبه الحركة الثقافية الكويتية في العالم العربي على مدى عقود عدة.
جاء ذلك في كلمات لمشاركين في (الملتقى الثقافي الكويتي الاول) للعام الاكاديمي (2017 - 2018) الذي نظمه المكتب الثقافي بسفارة دولة الكويت بالقاهرة تحت عنوان (دور الحركة الثقافية الكويتية في العالم العربي) وذلك بمسرح سفارة دولة الكويت بالقاهرة.
وأكد نائب رئيس جامعة جنوب الوادي المصرية وأستاذ الأدب والنقد الدكتور محمد بدران اهمية "الدور التنويري" الذي تؤديه دولة الكويت في اعادة الحركة الثقافية الى دائرة اهتمام الشباب.
وتطرق بدران في كلمته الى بدايات الحركة المسرحية في الكويت ودورها في نشر الثقافة المسرحية في دول الخليج المجاورة مشيدا بما يقدمه (مهرجان القرين الثقافي) في كل عام.
وشدد على ضرورة وجود دور تنويري في توزيع الثقافة العربية مستذكرا ما قامت به الكويت من خلال المطبوعات الورقية مثل (عالم الفكر) و(عالم المعرفة) و(مجلة العربي).
وقال بدران ان "تلك المنشورات اسهمت في تشكيل جيل عربي من الشباب صار يتبوأ الان اماكن رائدة ويؤثر في توجيه الثقافة العربية" معتبرا ان العرب امام طريقين "اما التفكير او التكفير" ما يجعل الثقافة "هما" للدول العربية.
أما أستاذ النقد والبلاغة والأدب المقارن بكلية دار العلوم في جامعة القاهرة الدكتور احمد درويش فاعتبر ان الجانب الثقافي "هو اقوى الجوانب في الوحدة العربية التي لا تحدها حدود ولا قيود في جميع ارجاء الوطن العربي".
وبين درويش ان دولة الكويت "قدمت نصيبا متميزا وواضحا في مجال الثقافة القائم على معالم واضحة" مضيفا ان "ما يميز الثقافة في الكويت هو البعد عن الانانية والمصالح الخاصة او قصيرة النظر".
واضاف ان "بعد النظر الكويتي تمثل ايضا في التفكير بأن تكون (مجلة العربي) لكل العرب بلون عربي ودعم كويتي الامر الذي نتج عنه استمرارية المجلة الى ستة عقود من الزمان ووجودها في كل بيت عربي انطلاقا من الكويت".
كما اكد ان "المنطق" الذي تسير به الثقافة الكويتية هو "الحياد والدقة العلمية واسناد الامر الى اهله" معتبرا ان هذا الامر تمثل ايضا في الدور الذي تؤديه (مؤسسة عبد العزيز سعود البابطين الثقافية) في العالم العربي وحول العالم.
من ناحيته أوضح عميد كلية دار العلوم بجامعة القاهرة الدكتور عبد الراضي عبدالمحسن ان الكويت دولة صغيرة المساحة قليلة السكان "لكنها عظيمة التأثير في مجال الثقافة يفوق آلاف المرات مساحتها او تعداد سكانها".
وبين ان فكرة الثقافة في الكويت قامت على ما يسمى ب"التثاقف" وهو المبدأ الذي قامت عليه الحضارة الاسلامية بالأخذ من الحضارات الاخرى والبناء عليها.
وأشاد عبدالمحسن باهتمام دولة الكويت بالعلم والمعرفة الامر الذي تؤكده اصدارات سلسلة (عالم المعرفة) و(عالم الفكر) وما تقدمه المجلتان من تراجم وعلوم وثقافة وغيرها وكذلك اهتمامها باللغة العربية والشعر ممثلة ب(مؤسسة عبدالعزيز سعود البابطين الثقافية).
من جانبها أكدت عميدة كلية الآداب بجامعة عين شمس الدكتورة سوزان القليني ان دولة الكويت حرصت على ان ترتدي حركتها الثقافية "ثوب العالمية في اطار محلي" وهي تطرق ابواب العالمية مع الحفاظ على الاصالة والهوية العربية.
واشارت القليني الى حرص دولة الكويت على ان يكون التعليم فيها باللغة العربية مع الاهتمام بتدريس لغات اخرى في المدارس "الا ان اللغة الاولى هي العربية".
واشادت كذلك بثقافة المرأة الكويتية ومشاركتها في الكثير من النشاطات وتبوأها العديد من المناصب "الا انها ظلت محتفظة بالشخصية العربية" معتبرة ذلك "معادلة صعبة برعت فيها الكويت".
وأكدت القليني ما يميز الاعلام الكويتي "من مهنية عالية وتمسك شديد باللغة العربية سواء في الاذاعة أو التلفزيون مع وجود اذاعات تبث بلغات اجنبية".
كما شارك الكاتب والأديب والناقد الكويتي الدكتور سليمان الشطي بورقة قرأها رئيس المكتب الثقافي بسفارة دولة الكويت الدكتور أحمد المطيري الذي اكد "واجب" كل من ينتمي للثقافة العربية.
وقال الشطي ان هذا الواجب لم ينهض به خلال العقود السابقة سوى مصر والشام (ممثلة في بيروت) "حيث كان السبات يعم المناطق العربية الاخرى الا من شذرات موسمية".
واضاف ان الكويت عندما انضمت في اواخر الخمسينيات الى من سبقها لتقوم بالواجب الذي يعنيها ويلزمها "انما كانت تعي بعث تراث من التزام سبق هذا بسنوات وسنوات".
وافاد بأن الكويتيين سعوا بجهد دؤوب الى ان يخدموا الثقافة العربية "مبكرا" مستذكرا في هذا الصدد تكفل البعض افرادا وتجارا بطباعة امهات الكتب العربية.
وقال الشطي ان "الاحساس بالثقافة الواحدة منبعه هو حس الواجب المستكن في نفس كل عربي ومن ضمنهم اهل الكويت" معتبرا أن عام 1958 كان "فاصلا" في دق ساعة البدء لمرحلة جديدة حين تبنت الكويت دعوة اتحاد الكتاب العرب لعقد دورته الرابعة في ديسمبر من ذلك العام لمناقشة موضوع البطولة في الادب العربي.
واوضح انه في ذات الشهر (ديسمبر 1958) انطلقت (مجلة العربي) "لتكون اسما ومعنى لهذه الثقافة الواحدة".
واكد ان فكرة الواجب حددت الاطار الاوسع "لتتجاوز خطوط الخريطة التي تقسم الاماكن ولتصل تقسيم الفكر الثقافي الذي رأى في هذه الثقافة وحدتها وسموها وارتفاعها فتغطي كل الوطن العربي باعتباره وحدة ثقافية".
واعرب الشطي عن تمنياته ان "تأخذ المشروعات الثقافية العربية من المشروع الثقافي الكويتي رؤيته الفكرية وخطته الاستراتيجية وهو ما كان يعطيها اهميتها في سياق المشروعات العربية الجادة".
من جانبه أكد رئيس المكتب الثقافي بسفارة دولة الكويت الدكتور أحمد المطيري دور المكتب "بما يعكس جانب من ثقافة دولة الكويت والوقوف على دور الحركة الثقافية الكويتية في العالم العربي".
وأوضح أن الحركة الادبية والثقافية في دولة الكويت قديما بدأت في فترة حكم المغفور له الشيخ مبارك الصباح التي توجت في تأسيس (المدرسة المباركية) و(الجمعية الخيرية).
واشار كذلك الى عهد المغفور له الشيخ أحمد الجابر حيث تم افتتاح صرحين علمي وأدبي بعد المدرسة الأحمدية وهما (المكتبة الأهلية) و(النادي الأدبي) معتبرا أن الفضل يعود في ذلك الى الأدباء والمحسنين الكويتيين الذين بدأوا عهد النهضة الأدبية في الكويت.
وشدد المطيري على أن "الكويت سعت للتميز والنجاح فأصبحت عاصمة له" مؤكدا أن الكويت تستحق الأفضل دائما.
وقال ان لدى المكتب الثقافي الكويتي بالقاهرة "مكتبة غنية للغاية تحوي امهات الكتب سيتم اعادة فتحها للجمهور لتكون منارة ثقافية كويتية يستطيع اي باحث ان يستفيد منها".
وكشف المطيري عن بروتوكول تعاون سيتم توقيعه خلال الفترة المقبلة مع مكتبة البابطين لتزويد مكتبة المكتب الثقافي بكل اصدارات مكتبة البابطين من الشعر العربي وبالمقابل يتم تزويد مكتبة البابطين بكافة رسائل الماجستير والدكتوراه للطلبة الكويتيين.
وحضر الملتقى القائم بالاعمال بسفارة دولة الكويت لدى مصر المستشار عبدالعزيز البشر وعدد من الباحثين والمهتمين الى جانب عدد من الملحقين الثقافيين في السفارات العربية المعتمدة في مصر.