لازالت الأسواق تحاول أن تحدد أدنى مستوى يمكن أن يصل إليه نطاق الدولار الأميركي. ففي الأسابيع الثلاثة الماضية، كان المستثمرون يتساءلون عما إذا كانت مسيرة ارتفاع قيمة الدولار لما يقارب السنة ستتوقف مؤقتا بعد تراجع مؤشر الدولار بنسبة 3 بالمئة عن الذروة التي بلغها في بداية مارس. ذلك جاء في التقرير الذي اصدره البنك الوطني أمس وحصلت الوسط على نسخة اليكترونية منه.
ومنذ اجتماع اللجنة الفدرالية للسوق المفتوح، فإن عدم وجود ضرورة لرفع أسعار الفائدة قد أدى إلى وقفة مؤقتة في المسارات العالمية، وخصوصا في مسار ارتفاع الدولار الأميركي. وفي حين أن بيانات الرواتب الأميركية في الأسبوع القادم يمكن أن تعيد توجه الأنظار نحو مجلس احتياط يعتمد على البيانات، يبقى السؤال ما إذا كان مجلس الاحتياط الفدرالي سيرفع أسعار الفائدة في هذا الصيف أو في نهاية السنة.
ومن ناحية أخرى، بدأ البنك المركزي الأوروبي الآن تنفيذ برنامج التسهيل الكمي في بداية مارس. وقال رئيس البنك المركزي الأوروبي، ماريو دراغي، منذ سنة تقريبا إن البنك يرغب في زيادة حجم الميزانية إلى مستويات بداية عام 2012. وفي ظل هكذا افتراضات، لن يتمكن البنك قبل نهاية السنة على الأقل من تقييم ملاءمة برنامج التسهيل الكمي، وكذلك تقييم مدى اقترابه من الأهداف التي يجب تحقيقها في عام 2017.
وإلى جانب ذلك، وبصرف النظر عن توقيت مجلس الاحتياط الفدرالي لرفع أسعار الفائدة، فإن اليورو سيقع على الأرجح تحت ضغط، إذ أن الأسواق قد خفضت توقعاتها بشكل كبير بشأن رفع أسعار الفائدة الأميركية قبل نهاية السنة.
ومن ناحية الصرف الأجنبي، يستمر انخفاض توقعات الناتج المحلي الإجمالي الأميركي، وقد بدأ الدولار الأسبوع بالتراجع مقابل اليورو. وجاءت أرقام معدل التضخم لتنقذ الوضع يوم الأربعاء، وأعطت الدولار الأميركي أملا بالارتفاع. وعززت بيانات التوظيف والأرقام القوية لمؤشر مديري الشراء هذا المنحى، فأعطت الدولار الدعم الذي يحتاجه لمواصلة ارتفاعه في نهاية الأسبوع.
وبالمختصر، فبعد أن بدأ اليورو الأسبوع عند مستوى 1.0823، عاد فأنهى الأسبوع عند مستوى 1.0890 بعد أن بلغ أعلى مستوى له عند 1.1052. ومن ناحية أخرى، كان وضع الجنيه الإسترليني قويا في بداية الأسبوع إذ بلغ أعلى مستوى له عند 1.4994. ولكن بعد أن جاءت أرقام التضخم مخيبة للآمال، تدهور الجنيه إلى أدنى مستوى له فبلغ 1.4797 مقابل الدولار، ولكنه استعاد بعض خسائره وأغلق الأسبوع عند مستوى 1.4879.
وفي آسيا، استمر التداول بالين الياباني ضمن نطاقه مقابل الدولار ما بين أدنى مستوى له عند 118 وأعلى مستوى له عند 120. ويبقى المستثمرون في وضعية انتظار بنك اليابان لإصدار تقرير توقعاته الاقتصادية في 30 أبريل. وفي أسواق السلع، فبعد انخفاض سعر الذهب وأسعار النفط مؤخرا، دفع الوضع الجيوسياسي في منطقة الشرق الأوسط إلى ارتفاع مؤقت لأسعار النفط، فيما استعادت أسعار الذهب بعض الزخم. وأغلقت أسعار برنت الأسبوع عند مستوى 57$ فيما أغلقت أسعار الذهب الأسبوع عند مستوى 1,199.00$.
مبيعات التجزئة 
جاءت طلبات السلع المعمرة في أميركا مخيبة للآمال في مختلف القطاعات، حيث انخفضت البيانات بنسبة 1.4 بالمئة مقابل ارتفاع متوقع بنسبة 0.2  بالمئة، بعد ارتفاع نسبته 2.0 بالمئة في يناير. وباستثناء قطاع المواصلات، انخفضت الطلبات الجديدة بنسبة 0.4 بالمئة. ويمكن أن يكون الطلب على السلع الأميركية في تراجع بسبب ارتفاع قيمة الدولار. وقد أرجع المحللون سبب هذا التراجع جزئيا إلى ارتفاع قيمة الدولار وقساوة الشتاء، إذ أن ضعف نمو الطلب في الخارج يؤثر على الصادرات.
وإضافة لذلك، تم خفض توقعات نمو الناتج المحلي الإجمالي في الربع الأول مقارنة برفع توقعات النمو الأوروبي. ويعطي النمو البطيء إلى جانب غياب ضغط تضخمي، الكثير من المساحة لمجلس الاحتياط الفدرالي لتأخير الرفع الأول لأسعار الفائدة، ومن ثم التحرك ببطء بعد القيام بالرفع الأول
وضع اليونان 
لم يبد أن الأمور تتحسن هذا الأسبوع فيما يخص عملية المفاوضات اليونانية، مع إعلان البنك المركزي الأوروبي حظرا على زيادة البنوك اليونانية الدين الحكومي القصير المدى، وذلك بسبب المخاوف المتعلقة بملاءة اليونان.
وأشارت الصحف يوم الجمعة إلى أن رئيسة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد ورئيس الوزراء اليوناني ألكسيس تسيبراس عقدا محادثات «بناءة» يوم الأربعاء تركزت على الخطوات التالية للسياسات التي ستعتمدها الحكومة اليونانية. ومن ناحية أخرى، قال عضو المجلس الإشرافي للبنك المركزي الأوروبي، إيغنازيو أنجيلوني، إن «البنوك اليونانية تتمتع بالملاءة»، وأضاف أنه «من المهم جدا من وجهة نظر عامة، إضافة إلى وجهة نظر إشرافية، أن نحمي سلامة البنوك اليونانية وصلابتها». وبحسب البيانات الصادرة عن البنك المركزي اليوناني، فإن الودائع البنكية انخفضت في فبراير لأدنى مستوى لها منذ 10 سنوات بعد انخفاض نسبته 5 بالمئة لتصل إلى 140.5 بليون يورو. وتشير البيانات إلى أن اليونانيين قد سحبوا 15 بالمئة من الودائع أي ما يعادل 23.9 بليون يورو في الأشهر الثلاثة الماضية المنتهية في فبراير.
ألمانيا قوية 
تحسن مؤشر IFO الألماني لاستطلاع مناخ قطاع الأعمال في مارس إلى 107.9 مقابل توقعات بارتفاع إلى 107.3، ومقارنة بارتفاع إلى 106.8 في فبراير. وكان مؤشر مارس عند أعلى مستوى له منذ يوليو 2014. وأفاد مؤشر IFO أن الشركات راضية عن وضع أعمالها الحالي، وهي متفائلة بشأن المستقبل. وقد كانت البيانات الألمانية عموما في مسار تحسن منذ أن أعلن البنك المركزي الأوروبي عن برنامجه للتسهيل الكمي قبل شهر.
وإضافة لذلك، ارتفع مؤشر مديري الشراء في منطقة اليورو إلى أعلى مستوى له منذ أربع سنوات، إذ ارتفع من 53.3 في فبراير إلى 54.1، مقارنة بالتوقعات بارتفاع إلى 53.6. وأشارت الاستطلاعات إلى نمو في الربع الأول بنسبة 0.3 بالمئة مقارنة بتوقعات بنمو بنسبة 0.4 بالمئة. 
الإسكان البريطاني 
انخفض مؤشر سعر المستهلك في بريطانيا إلى الصفر في فبراير بسبب استمرار انخفاض أسعار السلع. وبالفعل، انخفض معدل التضخم من 0.3 بالمئة في يناير إلى مستوى قياسي نسبته 0 بالمئة، وهو المعدل الأدنى المسجل منذ بدء هذه السلسلة في 1997، ومقارنة بانخفاض مجمع عليه نسبته 0.1 بالمئة. وبقي تضخم سعر السلع في نطاق سلبي عند 2 -بالمئة ، وتراجع التضخم الأساس إلى 1.2 بالمئة. وكان انخفاض أسعار الطاقة وأسعار المواد الغذائية وراء انخفاض معدل التضخم بشكل أساس في فبراير. وأفاد وزير الخزانة البريطاني، جورج أوزبورن، أنها «المرة الأولى في الاقتصاد البريطاني التي يكون فيها التضخم بنسبة صفر. ويعتبر التضخم المنخفض بسبب انخفاض أسعار النفط أمرا جيدا لميزانية العائلات.»
وكان رأي بنك إنكلترا حتى الآن أن الانخفاض في التضخم هو أمر مؤقت وأن لا حاجة لخفض أسعار الفائدة من أجل إرجاعه إلى النسبة المستهدفة البالغة 2 بالمئة. ويتوقع أن يرتفع معدل التضخم في النصف الثاني من هذه السنة مع اختفاء تأثيرات التراجع لمرة واحدة في أسعار البنزين من القياس السنوي.
الصين تخسر 
انخفضت القراءة الأولية لمؤشر مديري الشراء لبنك HSBC في الصين من 50.7 في فبراير إلى 49.2 في مارس، أي أقل بكثير من رقم الإجماع البالغ 50.5، وهو أدنى مستوى لهذه القراءة منذ 11 شهرا. وتراجع مؤشر الطلبات الجديدة بشكل حاد من 51.2 إلى 49.3، في حين ارتفعت قليلا طلبات التصدير الجديدة بمقدار 0.5 نقطة لتصل إلى 49. ويشير هذا التباين إلى أن الانخفاض يعود بشكل كبير إلى الطلب المحلي. وتؤكد القراءة أن تباطوء سوق العقار والتراجع المالي بدآ بضرب الاقتصاد، ليكررا واقع أن الصين ستنمو دون 7 بالمئة في عام 2015، ويمهدا الطريق لقيام البنك المركزي الصيني بالمزيد من التسهيل النقدي.
ومن ناحية أخرى، انخفضت مبيعات العقار في الصين بنسبة 15.8 بالمئة على أساس سنوي في الشهرين الأولين من عام 2015، وهو المستوى الأدنى منذ 2012. وقد كشف بطء سوق العقار عن الضعف الاقتصادي. ومنذ فبراير، خفضت الصين المعدلات المطلوبة بمقدار 50 نقطة أساس لكل البنوك وخفضت أسعار الفائدة الإسنادية بمقدار 25 نقطة أساس. ومن الأرجح أن يتم اللجوء إلى هذه التحركات الجذرية مرة أخرى في عام 2015.
الدولار الأسترالي 
جاء التوظيف الأسترالي بحسب التوقعات للشهر الثاني على التوالي. وتراجع معدل البطالة عن أعلى معدل بلغه منذ عقد، مع ارتفاع التوظيف بمقدار 15,600 في فبراير، وتراجع معدل البطالة إلى 6.3 بالمئة.
ومن جهة أخرى، استمر المستثمرون بتوقع خفض إضافي في أسعار الفائدة يقوم به بنك الاحتياطي الأسترالي بعد التسهيل الذي قام به في فبراير. وتتوقع الأسواق بنسبة 30 بالمئة أن يحصل خفض بمقدار ربع نقطة ليصل سعر الفائدة إلى 2.0 بالمئة في أبريل، في حين يرتفع الاحتمال إلى 84 بالمئة في مايو. ومنذ أسبوعين، تمنى محافظ البنك الاحتياطي الأسترالي أن يبلغ سعر صرف الدولار الأسترالي مستوى 0.75 مقابل الدولار الأميركي.
معدل البطالة 
ارتفع معدل التوظيف في استراليا بمقدار 15,600 في فبراير، أي متماشيا مع التوقعات البالغة 15,000، مع تسجيل معدل البطالة رقما أفضل من المتوقع. وارتفع التوظيف بدوام كامل بمقدار 10,300 فيما ارتفع التوظيف بدوام جزئي بمقدار 5,300. وقد ارتفع التوظيف على مدى السنة بنسبة 1.3 بالمئة؛ التوظيف بدوام كامل بنسبة %1.1 والتوظيف بدوام جزئي بنسبة 1.9 بالمئة. وبقي معدل المشاركة على حاله على مدى السنة عند نسبة 64.6 بالمئة في فبراير.
استراتيجية آبي 
أظهرت آخر أرقام التضخم في اليابان أن مؤشر سعر المستهلك ارتفع 2.2 بالمئة على أساس سنوي. وكان ارتفاع مؤشر سعر المستهلك صفر عموما، باستثناء تأثير ارتفاع ضريبة الاستهلاك. ومن ناحية أخرى، ارتفع مؤشر سعر المستهلك للخدمات، محافظا على مسار يرتفع بشكل مطرد بدأ في النصف الثاني من عام 2013.
وفي الوقت الحالي، ومع صدور البيانات العامة بحسب التوقعات أو فوقها، من الأرجح أن ينتظر بنك اليابان قبل القيام بالمزيد من التسهيل النقدي. ويبدو أن المبلغ السنوي الهائل بقيمة 80 تريليون ين للتوسع نقديا قد بدأ يأتي بثماره. ومن الأرجح أن تبقى تأثيرات انخفاض أسعار النفط على إجمالي معدل التضخم مؤقتة، ويبدو أن استمرار النمو الاقتصادي، على خلفية الارتفاع في القوة الشرائية نتيجة انخفاض أسعار النفط، يأتي بنتائج قوية لإدارة شنزو آبي. وإلى جانب ذلك، فبنك اليابان لا يملك مساحة لزيادة ما يشتريه من السندات الحكومية اليابانية. أما وقد انحسرت التوقعات الآن برفع مبكر لأسعار الفائدة الأميركية، فإن كفة تدفق الأموال تميل نحو تخفيض قيمة الين. فقد تجاوز مجموع الأموال المتدفقة إلى الخارج في الشهر الماضي 3 تريليون ين، وكانت الأموال تخرج من اليابان باستمرار منذ بداية السنة. ويشير خروج الأموال إلى أنه سيكون من الصعب أن يرتفع الين ويبقى مساره في تراجع في المدى الطويل