انطلقت أمس رسميا حملة الانتخابات التشريعية البريطانية التي ستشهد طيلة خمسة اسابيع منافسة شديدة بين المحافظين والعماليين على خلفية انقسامات وتفكك في الساحة السياسية الى حد ان كل الاحتمالات باتت ممكنة بما فيها اجراء دورة ثانية.
وبعد ان يقدم رئيس الحكومة المحافظ استقالة حكومته الى الملكة ظهر الاثنين مما سيؤدي مباشرة الى حل البرلمان في مراسم حافلة بالتقاليد، فان المرحلة التالية امام ديفيد كاميرون وغيره من المرشحين ستكون بدء الجولات الانتخابية في البلاد.
وتمت تعبئة الاف المتطوعين في مختلف الاحزاب على امل ترجيح كفة الميزان. الا ان مناظرة تلفزيونية مرتقبة في الثاني من ابريل ستكشف عن تشرذم الساحة السياسية، ويشارك فيها زعماء سبعة تشكيلات محافظة وعمالية وليبرالية ديموقراطية وحزب الاستقلال “يوكيب” الشعبوي والمعادي لاوروبا والخضر والقوميون الاسكتلنديون وممثلو ويلز.
ومن المرجح ان تطغى ازمة نظام الصحة العام والاقتصاد والهجرة واوروبا على المناظرة التي تلقى متابعة كبيرة على شبكات التواصل الاجتماعي، والتي يراهن فيها غالبية زعماء الاحزاب على بقائهم السياسي.
وعلق ستيفن فيلدنغ استاذ التاريخ السياسي في جامعة نوتينغهام لوكالة فرانس برس “يخال المرء نفسه في الكازينو».
واحدى الامور القليلة الاكيدة هي ان منصب رئيس الوزراء سيكون بعد الانتخابات في 7 مايو من نصيب ديفيد كاميرون لولاية ثانية او اد ميليباند زعيم المعارضة العمالية.
ومما يزيد من صعوبة التكهنات هو ان نظام الانتخاب بالاغلبية والقائم على دائرة وحيدة ودورة واحدة يؤدي الى فروقات كبيرة بين عدد الاصوات وكيفية ترجمتها الى مقاعد في مجلس العموم.
نوايا التصويت
ومثالا على ذلك في اواخر مارس اظهر استطلاع للراي اجرته البي بي سي حصول كل من المحافظين والعماليين على 34 في المئة من نوايا التصويت، في تعادل تام لم يتغير منذ ستة اشهر.
وحل يوكيب الذي فاز العام الماضي في الانتخابات الاوروبية في المرتبة الثالثة مع 13% من نوايا التصويت بينما حصل الليبراليون الديموقراطيون على 8 % والخضر على 5 % فيما حصلت الاحزاب الباقية مجتمعة (بما فيها الحزب القومي الاسكتلندي) على 6 %.
وفي ما يتعلق بعدد مقاعد مجلس العموم المقابلة، فان الحزب القومي الاسكتلندي  يفترض ان يكون الكتلة الثالثة وان يفوق عدد نوابه بمرتين عدد نواب الليبراليين الديموقراطيين.
اما يوكيب فمن المتوقع ان يقتصر فوزه على بعض المقاعد.
وفي حال عدم الخروج بفائز فان الاولوية تكون للحكومة المنتهية ولايتها  من اجل تشكيل حكومة قابلة للاستمرار. ويمكن ان يقرر المحافظون عندها الاستمرار في التحالف غير المسبوق الذي اضطروا لتشكيله اليه  في 2010. الا ان حلفاءهم الليبراليين الديموقراطيين يمكن ان يقرروا التغيير ومشاركة العماليين في الحكومة.
في المقابل، فان التشكيلات المعنية استبعدت في المبدا احتمالات تحالف يضم يوكيب من اليمين او القوميين الاسكتلنديين في اليسار او غيرها من التركيبات.
وتبقى فرضية تشكيل حكومات “اقليات” تكون تركيبتها هشة وتقوم على اساس تحالفات ظرفية تبقى رهن مفاوضات صعبة عند كل عملية تصويت في البرلمان.
فرصة للأحزاب الثانوية
وفي مثل هذه الحالة، فان الاحزاب الثانوية ستستغل الفرصة  لتحصيل مطالبها اذ يريد الليبراليون الديموقراطيون الحد من اجراءات التقشف ومن المساعي نحو الخروج من الاتحاد الاوروبي. بينما الاولوية بالنسبة الى نيكولا ستورجن زعيم القوميين الاسكتلنديين هي «طرد كاميرون» وانتزاع تدابير اجتماعية والمضي قدما نحو استقلال اسكتلندا. اما يكويب فيامل بالاحتفاظ بما يكفي من التاثير للاستمرار في خطابه المعادي للهجرة والمعارض لاوروبا.
واجمعت الاراء على ان فترة ما قبل الحملات الانتخابية لم تكن ملفتة خصوصا وان كاميرون ومبليباند يواجهان اعتراضات وانقسامات كل في معسكره.
فالاول اعلن بشكل مفاجئ خلال مقابلة مع بي بي سي اجراها بشكل غير رسمي في منزله انه لن يترشح لولاية ثالثة، كما ان الراي العام يرى انه لا يتمتع بحضور قوي على الساحة الدولية وانه سيخرج ضعيفا في حال فشل مرة ثانية في كسب الغالبية المطلقة في الانتخابات النيابية.
اما الثاني، ورغم تصريحاته القوية،  الا ان الراي العام يجد صعوبة في تصوره على راس الحكومة.
في المقابل، فان كاميرون الذي تعهد “انجاز العمل”  لا يعود اليه الفضل سوى جزئيا في نسبة النمو المثالية في اوروبا والبالغة 2,5% وفي كون نسبة البطالة تحت عتبة 6%.
اما ميليباند المؤيد ل”اعادة توزيع الثروات” فانه يعول على الاضرار الجانبية للتقشف وتراجع الطبقات الوسطى رغم تحسن الاقتصاد وازدياد الفوارق في المملكة التي تشهد انقسامات اكبر من اي وقت مضى.