يعد العمل الخيري والإحسان للآخرين سمة بارزة في الكويت، فمنذ القدم جبل أهل الكويت على حب الخير و حرصوا على الإحسان للآخرين، لمساعدة المحتاجين، وتقرباً إلى الله عز وجل. فكانوا يفرحون بحب الناس، ودعواهم لهم بالخير والفلاح. 
فقدم هؤلاء نماذج رائعة في الأعمال الخيرية داخل الكويت وخارجها أبرزها عمارة العديد من المساجد ، وكفالة الأيتام في ، وتأسيس عدد من المدارس الإسلامية.
فأهل الخير والإحسان في الكويت أكثر من أن نحصيهم ونعدهم، وبخاصة في الشدائد والمحن التي ظهر فيها معدنهم الأصيل، إذ تنافسوا في عمل الخير و بذل المعروف، فأنفقوا على الفقراء والمساكين وذوي القربى وأبناء السبيل، وبنوا المساجد والمدارس والمعاهد والمستشفيات ودور الأيتام وحفروا الآبار، فملأت سيرهم العطرة الآفاق، ونحن في «الوسط»  سنقوم بنشر سير بعض المحسنين العطرة في هذا الشهر الفضيل في حلقات يومية، اقتباساً من كتاب « محسنون من بلدي».
ويعد الكتاب الذي أصدره بيت الزكاة على عدة أجزاء لمحة وفاء، وتوثيقاً لسير المحسنين وتذكرة بأعمالهم الخيرة، وتخليداً لذكراهم العطرة. وسنتوقف في هذه الحلقة مع سيرة راشد عبد الله الفرحان.


- اتسعت تجارته فكان يسافر إلى البحرين والهند بما يحمله من لؤلؤ
- قام ببناء أربعين بيتا في حي دروازة عبد الرزاق ووزعها على المحتاجين والفقراء لإيوائهم
- أوصى بوصية تنفذ بعد وفاته تضمنت إعتاق العبيد الذين ملكتهم يمينه من نساء ورجال
- خصص جزءاً كبيراً من أرباح تجارته للصدقات
- قدم يد العون للراغبين في حج بيت الله الحرام من الكويت  كل عام 

المولد والنشأة
راشد عبد الله محمد راشد الفرحان من أسرة كانت تعيش في حوطة بني تميم في نجد بالمملكة العربية السعودية وقد جاء والده إلى الكويت في نهاية القرن التاسع عشر واستقر بها وقد ولد راشد عبد الله الفرحان في فريج الفرج عام 1875م. بدأ حياته في تجارة الماء والحطب وبعد أن اشتد عوده عمل مع أخيه في الغوص فترة من الزمن ثم تحول إلى مهنة «الطواشة» واتسعت تجارته فكان يسافر إلى البحرين والهند بما يحمله من لؤلؤ.
 
 
أوجه الإحسان في حياته
إن ما تميز به المحسن راشد عبد الله الفرحان من خصال حميدة وتقديم الخدمات الجليلة لوطنه جعله يتبوأ مكانة رفيعة بين الناس.
 
 
في مجال التعليم
رافق الشيخ عبد الله بن خلف الدحيان فترة من الزمن في تلقي العلم وأحب العلماء كريما بهم يحرص على مرافقتهم، وقد اعتاد أن يجتمع في بيته في شهر رمضان المبارك من كل عام رجال العلم والأدب من بينهم الشيخ عبد العزيز العلجي من الأحساء.
أنشأ المرحوم راشد الفرحان «مدرسة الرشاد» وكان من أبرز المشرفين عليها المرحوم عبد الله عبد اللطيف العثمان.
 
 
إنفاقه على الفقراء والمحتاجين
ذكر الشيخ عبد الله بن خلف الدحيان في كتاب له أن راشد عبد الله الفرحان كان طالب علم معه، وكان يتميز بخصال حميدة أبرزها الكرم.
ولقد اتخذ إحسانه إلى الفقراء والمساكين في بعض جوانبه شكلا جديدا غير مسبوق إذ قام ببناء أربعين بيتا في حي دروازة عبد الرزاق ووزعها على المحتاجين والفقراء لإيوائهم، فستر العورة وآوى اليتيم ووفر السكينة بالسكن لمن لا مأوى له.
 
 
كسوة الفقراء
كان كثير الأسفار وكلما سافر في رحلة تجارية جلب معه أقمشة وأحذية يوزعها على العائلات الفقيرة مبتدئا بأقاربه وجيرانه.
ونظرا لشدة حاجة الناس إلى المياه لقلة مواردها خصص المحسن راشد عبد الله الفرحان سفينة من سفنه تسمى «شوعي» لجلب الماء والخضروات والتمور من «الفاو» وكان يقوم بتوزيع جزء منها على الفقراء والمساكين. وقد خصص جزءا كبيرا من أرباح تجارته للصدقات، يقوم بتسليمها إلى أئمة المساجد ليتولوا توزيعها على المحتاجين وكان يخص الشيخ عبد الله الخلف بالجزء الأكبر منها لكثرة المترددين عليه من الفقراء والمساكين، وذلك عملا بقول الله تعالى:
«واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا».سورة النساء
 
مساعدة الحجيج وعابري السبيل
 
تعود المحسن راشد عبد الله الفرحان في كل عام أن يقدم العون للراغبين في حج بيت الله الحرام من الكويت وغيرهم بطريق البحر، كما دأب على تقديم العون لكل عابر سبيل، وكان يحمل معه كلما سافر إلى الهند الشباب الراغبين في السفر سعيا للرزق ويقدم لهم طيلة الرحلة كل ما يحتاجونه من طعام وشراب, وهناك كان يحرص على أن يجمع الكثير من الكويتيين على طعامه ويسعى إلى حل مشاكلهم.
 
فك الرقاب
أوصى المحسن عبد الله راشد الفرحان بوصية تنفذ بعد وفاته تضمنت إعتاق العبيد الذين ملكتهم يمينه من نساء ورجال عملا بالحديث النبوي الشريف:
عن أبي هريرة رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أعتق رقبة مسلمة أعتق الله بكل عضو منه عضوا منه من النار حتى فرجه بفرجه».
«متفق عليه»
والغريب أن هؤلاء العبيد عندما أعتقهم ورثة المحسن راشد عبد الله الفرحان رفضوا العتق مفضلين أن يظلوا في حمايته وحماية ورثته وأن يظلوا في مساكنهم التي وهبها لهم.
 
 
قالوا عنه
ورد في مخطوطة يدوية خطها فضيلة الشيخ العالم عبد الله بن خلف بن دحيان أن راشد بن عبد الله بن فرحان كان ملازما له في كثير من أوقات القراءة ومطالعة الفقه قوله:
الحمد لله وحده وصلى الله وسلم على من لا نبي بعده وبعد:
فقد من الله ببلوغ قراءة هذه العقيدة الصحيحة المفيدة كبيرة العلم غزيرة الفهم وكان إتمامها مطالعة مع الأخ الصالح والمحب الناصح المجد في اقتفاء أثر العلماء ذوي الفضل الحكيم الإتقان راشد بن عبد الله بن فرحان.
قال الشيخ عبد العزيز أحمد الرشيد فيه:
 
تمسك إن ظفرت بذيل حر
فإن الحر بالدنيا قليل
وقال الشاعر خالد محمد آل فرج في مناسبة مأدبة سحور أقامها راشد عبد الله الفرحان حضرها بعض العلماء من بينهم الشيخ عبد الله بن خلف الدحيان:
غبطت دارك يا راشد والفضل دور
فغدت هالة مجد وهمو فيها بدور
وبدا فيها «سماط»
فيه أوصافي تحير
فهو في العين سحر
وفي الجوف سحور
 
وفاته
بعد حياة حافلة بأعمال الخير والبر والإحسان توفي راشد عبد الله الفرحان عام 1338 هـ - 1920م على وجه التقريب تغمده الله تعالى بواسع رحمته وجعل أعماله في ميزان حسناته وجعل مثواه الفردوس الأعلى.
جميع الحقوق لكتاب «محسنون من بلدي» محفوظة لبيت الزكاة.