دعا محققون من الأمم المتحدة امس الى إقصاء الجيش البورمي الذي لا يزال يحظى بنفوذ قوي في البلاد رغم تشكيل حكومة مدنية، عن الحياة السياسة وإقالة قادته الضالعين في «إبادة» بحق أقلية الروهينغا المسلمة.
وقال التقرير النهائي للمحققين الواقع في 444 صفحة ونشر أمس الثلاثاء إن الحكومة البورمية المدنية «يجب أن تواصل العملية الهادفة إلى سحب العسكريين من الحياة السياسية» وان تقوم بمراجعة للدستور في هذا الاتجاه.
 
وما زال الجيش يلعب دورا أساسيا في بورما على الرغم من وصول حائزة نوبل للسلام أونغ سان سو تشي إلى السلطة عام 2016.
وهو يشرف على اختيار ربع أعضاء البرلمان، ما يسمح له بعرقلة أي تعديل دستوري يحد من صلاحياته. كما يشغل ثلاث حقائب وزارية أساسية هي الدفاع والداخلية والحدود.
ويطالب المحققون أيضا بإقالة القادة العسكريين، وكذلك وكما فعلوا في تقريرهم المرحلي السابق في نهاية اغسطس، بملاحقة قائد الجيش مينغ أونغ هلاينغ وخمسة ضباط آخرين بتهم «إبادة» و»جرائم ضد الانسانية» و»جرائم حرب».
وأوصى المحققون بان يحيل مجلس الامن الدولي القضية الى المحكمة الجنائية الدولية او اقامة محكمة دولية. ودعوا أيضا الى فرض عقوبات محددة الاهداف ضد منفذي الجرائم وفرض حظر على الاسلحة.
واستجوبت بعثة تقصي الحقائق التابعة للامم المتحدة التي لم يسمح لها بالتوجه إلى بورما أكثر من 850 من الضحايا والشهود، واستخدمت صورا التقطتها الأقمار الاصطناعية.
وقال رئيس بعثة تقصي الحقائق مرزوقي داروسمان امام مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة في جنيف ان حجم وحشية الجيش البورمي حيال أقلية الروهينغا «يصعب تصوره، وكذلك ازدراءه الكامل بحياة المدنيين».
وأورد التقرير سلسلة طويلة من التجاوزات التي ارتكبت ضد الروهينغا، من بينها «اغتيالات» و»حالات اختفاء» و»تعذيب» و»اعمال عنف جنسية» و»عمل قسري» وهي تشكل «الجرائم الافدح في نظر القانون الدولي».
وحث على «إنهاء كل العمليات العسكرية، غير الشرعية وغير المفيدة وغير المتكافئة وخصوصا حين تستهدف المدنيين» وطالب السلطات البورمية «بعدم وضع عراقيل أمام عودة آمنة ودائمة» لافراد الاقلية المسلمة.
ونزح أكثر من 700 الف شخص من الروهينغا عام 2017 بسبب أعمال العنف التي قام بها الجيش البورمي وميليشيات بوذية ولجأوا الى بنغلادش المجاورة حيث يقيمون منذ ذلك الحين في مخيمات عشوائية.
وتم توقيع اتفاق حول عودتهم بين بورما وبنغلادش في نهاية 2017 لكن بعد عشرة أشهر، لا تزال العملية حبرا على ورق ويتبادل البلدان المسؤولية في التأخر بالتنفيذ. ويرفض اللاجئون الروهينغا من جهتهم العودة طالما ان أمنهم وحقوقهم غير مضمونة.
وطالبت بعثة الامم المتحدة أيضا الحكومة البورمية وبالتنسيق مع الصليب الاحمر وبنغلادش بتحديد هويات الاشخاص الذين قتلوا او اعتبروا مفقودين.
والمعلومات التي جمعها محققو اللجنة تشير الى ان حصيلة نحو عشرة آلاف قتيل التي أوردتها منظمة أطباء بلا حدود «معقولة».
وطالبت أيضا بالافراج عن صحافيي وكالة رويترز، وا لون وكياو سوي او، اللذين حكم عليهما بالسجن سبع سنوات بتهمة «المساس باسرار الدولة» فيما كانا يجريان تحقيقا حول تجاوزات ارتكبها الجيش.
وكان محققو الامم المتحدة استنكروا في نهاية اغسطس صمت عدم قيام اونغ سان سو تشي «باستخدام موقعها كرئيسة للحكومة بحكم الامر الواقع، ولا سلطتها المعنوية للتصدي او لمنع» أعمال العنف.
وواجهت اونغ سان سو تشي انتقادات شديدة بسبب صمتها حيال أزمة الروهينغا الى حد وصفها بانها «متحدثة باسم العسكريين» من قبل أحد مسؤولي الامم المتحدة. لكنها لم ترد على هذه الاتهامات واكتفت بالقول في منتصف سبتمبر ان الجيش كان بوسعه «ان يدير بشكل أفضل» الازمة.