توجه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى الهند الخميس سعيا لإبرام صفقات أسلحة بقيمة مليارات الدولارات مع رئيس الوزراء ناريندرا مودي ما يرجح أن يثير غضب الولايات المتحدة والصين وباكستان.
وأعلن الكرملين قبل بدء الزيارة التي يقوم بها بوتين برفقة أبرز وزرائه وتستغرق يومين، أن المحطة الأساسية فيها ستكون توقيع صفقة بخمسة مليارات دولار لبيع الهند أنظمة دفاع جوي من نوع إس-400 رغم مخاطر أن تفرض الولايات المتحدة عقوبات على الدول التي تشتري هذه الأنظمة.
وقبيل وصول بوتين مساء الخميس، أعلن متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية كما نقلت عنه وكالة الأنباء الهندية أن جهود تطوير أنظمة الأسلحة "بما يشمل اس-400 الدفاعية الجوية والصاروخية" ستكون موضع تركيز خاص ضمن قانون يحمل اسم "كاتسا" أي "مكافحة أعداء أميركا من خلال العقوبات".
وكانت واشنطن فرضت الشهر الماضي عقوبات مالية على الجيش الصيني لشرائه مقاتلات سوخوي سو-35 روسية وأنظمة اس-400.
لكن الولايات المتحدة تواجه وضعا صعبا حين يتعلق الأمر بالهند، لأنها تريد تعزيز العلاقات مع نيودلهي للتصدي لتنامي نفوذ الصين.
وأعلنت واشنطن ونيودلهي الشهر الماضي عن خطط لاجراء مناورات عسكرية مشتركة في 2019 واتفقتا على تبادل معلومات عسكرية حساسة. وتعتبر الولايات المتحدة الان ثاني أكبر مزود أسلحة للهند.
لكن روسيا تبقى أول مزود أسلحة للهند وستشكل سلسلة صفقات جديدة مع العملاق الآسيوي مكسبا كبيرا لموسكو ونكسة كبرى للولايات المتحدة.
وسيبحث بوتين ومودي اللذان يبدو أنهما يقيمان علاقات شخصية جيدة أيضا، صفقة تتعلق بأربع فرقاطات من نوع كريفاك بقيمة ملياري دولار و200 مروحية خفيفة من طراز كا-226 بقيمة مليار دولار.
وقال محلل الشؤون الاستراتيجية المقيم في نيودلهي ار.ار. سابرامانيان لوكالة فرانس برس "لقد آن الأوان لكي نثبت بأنه لن يتم ترهيبنا من قبل واشنطن".
ويرى خبراء أن الهند تحتاج أنظمة اس-400 لسد الثغرات في دفاعاتها نظرا لتصاعد قوة الصين والتهديدات من باكستان التي خاضت معها الهند ثلاث حروب.
وأعلن قائد سلاح الجو الهندي بريندر سنغ دانوا الأربعاء أن أنظمة اس-400، ومقاتلات رافال الـ36 التي تم شراؤها من فرنسا في صفقة اثارت جدلا سياسيا عام 2016، يعطيان البلاد "دفعة قوية".
والسنة الماضية حصل نزاع عسكري بين الهند والصين حول هضبة في الهملايا تطالب بها بكين وبوتان حليفة الهند. كما أثارت الصين استياء الهند بتقديمها قروضا هائلة لدول مثل سريلانكا حيث لها نفوذ واسع.
وسيبحث بوتين (65 عاما) ومودي (68 عاما) أيضا احتمال قيام روسيا ببناء محطة نووية ثانية في الهند. وتقوم موسكو حاليا بتوسيع أكبر محطة نووية في كوداناكولام.
وعلى جدول الأعمال أيضا قيام روسيا بتدريب رواد فضاء هنود حيث تطمح نيودلهي إلى إرسال أول مهمة فضائية في 2022.
وكان راكيش شارما، الهندي الوحيد الذي وصل الى الفضاء، قام بذلك في مركبة فضائية سوفياتية في 1984.
لكن الشق الأساسي من المحادثات سيتمحور حول الأسلحة.
وتعتبر الهند أكبر مستورد في العالم للأسلحة وتقوم بتحديث تجهيزاتها القديمة في عملية تكلف نحو مئة مليار دولار لان معظمها كان من المعدات السوفياتية على غرار مقاتلات ميغ التي تتحطم تكرارا في الأرياف الهندية.
وتقيم روسيا والهند علاقات جيدة منذ رحيل ستالين في العام 1953.
لكن التجارة السنوية بين الهند وروسيا تراجعت الى ما دون 10 مليار دولار منذ 2014 مع تقارب مودي دبلوماسيا واقتصاديا مع واشنطن، فيما تقاربت روسيا مع الصين وباكستان.
وتعززت العلاقات الثنائية السنة الماضية حين عقد مودي وبوتين قمة ثنائية مثمرة ثم لقاءات في استانا وخلال قمة مجموعة العشرين في المانيا، كما التقيا في سوتشي هذه السنة.
على الصعيد الاستراتيجي، ساعدت روسيا الهند في ان تصبح عضوا كامل العضوية في منظمة شنغهاي للتعاون هذه السنة وساندت طلب نيودلهي في أن تشغل مقعدا دائما في مجلس الأمن الدولي.