يعرض رئيس الوزراء العراقي المكلف عادل عبدالمهدي اسماء اعضاء تشكيلته الوزارية والبرنامج الحكومي على مجلس النواب يوم غد الاثنين لنيل ثقته وذلك قبل تسعة ايام من انتهاء المهلة الدستورية المحددة في الاول من فبراير المقبل.
ويأتي تحديد الموعد بعد ايام من بيان صدر عن مكتب رئيس الوزراء المكلف وعد فيه بعرض التشكيلة الوزارية والبرنامج الحكومي على البرلمان هذا الاسبوع بعد التنسيق مع رئاسة البرلمان والقيادات والكتل النيابية.
وخلافا لكل دورات تشكيل الحكومات العراقية السابقة منذ عام 2006 وحتى الان فهذه الدورة تعد الاولى التي ينجح فيها رئيس وزراء مكلف بإعلان تشكيلته الوزارية بعد 21 يوما فقط من تكليفه بالمهمة بعد ان كانت الخلافات السياسية تجبر اسلافه على دفع عرض حكوماتهم في اليوم الاخير بل الساعات الاخيرة من المهل الدستورية المحددة ب 30 يوما.
ويعزو مراقبون ذلك الى ما حظي به عبدالمهدي من ارتياح في تشكيل حكومته بعدما خولته كتل نيابية كبيرة بإختيار الوزراء وفق رؤيته وقناعته دون اي تدخل منهم شرط اختيار (التكنوقراط) الكفوء والنزيه وهو امر لم يتسن لسابقيه الذين خضعوا لشروط المحاصصة وفرضت عليهم اسماء معظم الوزراء.
وكان اول المبادرين بفسح المجال امام المكلف للعمل زعيم (التيار الصدري) مقتدى الصدر وكتلته النيابية (سائرون) صاحبة اكبر عدد من المقاعد النيابية اذ غرد في الرابع من اكتوبر الحالي بالقول " أنه اوعز بعدم ترشيح اي وزير لوزارة من جهته مهما كان" على ان يمنح عبد المهدي عاما واحدا فقط لاثبات نجاح حكومته.
وما هي الا ايام حتى اتخذت كتلة (الفتح) ثاني اكبر كتلة نيايية قرارا مشابها حين اعلن رئيسها هادي العامري "ان تحالفي (الفتح) و(سائرون) منحا رئيس الوزراء المكلف كامل الحرية لاختيار وزراء حكومته الجديدة بعيدا عن اي تأثير حزبي".
وقال انهم "اشترطوا على عبدالمهدي شرطا واحدا وهو النجاح وأبدوا استعدادهم لبذل كل شيء من اجل انجاح حكومته وان يكونوا عونا له".
وتهيمن كل من (سائرون) و(الفتح) على نحو 100 مقعد نيابي من اصل 329 ويتزعمان محورين نيابيين كبيرين هما محور (الاصلاح والاعمار) و(البناء) كما ان تكليف عبد المهدي نفسه كان بإتفاق غير معلن بين زعيميهما الصدر والعامري وذلك بعد ان اشتد الخلاف بينهما حول من فيهم الاكبر والمخول دستوريا بتكليف رئيس الوزراء.
ولم يتبين مدى جدية الكتلتين في ترك الامر لعبد المهدي في اختيار وزرائه التكنوقراط بعيدا عن المحاصصة الحزبية وسط تسريبات تشير الى ان الحديث في الغرف المظلمة ليس ذاته الحديث في العلن.
وبعيدا عن الكتلتين الكبيرتين فقد تباينت مواقف الكتل النيابية الاخرى ففي الوقت الذي تحدثت به كتل "شيعية" مثل (الحكمة) المدعومة من عمار الحكيم و(صادقون) المدعومة من قيس الخزعلي عن منح المكلف الحرية بالاختيار اسوة ب (سائرون) و(الفتح) فإن كتل "سنية" و"كردية" اعلنت صراحة تمسكها بطرح المرشحين عن طريقها حصرا وربما اشترطت اسماء بعينها.
وقدمت الكتل النيابية خمسة مرشحين عن كل منصب وزاري مخصص لها على ان يختار عبدالمهدي منهم من يناسبه فبعضهم تشدد وقلص عدد المرشحين ورفض تغييرهم وآخرون أبدوا استعدادهم لتقديم أسماء اخرى في حال رفضت الاسماء المعروضة.
كما اعلن عبدالمهدي عن نافذة الكترونية امام الراغبين من المواطنين في الترشح لمناصب وزارية تقدم عبرها اكثر من 15 الف مواطن تم اختيار 601 منهم لدراسة ملفاتهم وتحديد الانسب بينهم ودعوتهم لاجراء مقابلات شخصية.
ومع هذا العدد الكبير من مرشحي النافذة وما يضاف اليهم من مرشحي الكتل النيابية ومرشحي عبدالمهدي نفسه فقد كثرت في الايام القليلة الماضية التسريبات الاعلامية عن اسماء اعضاء التشكيلة الوزارية التي ستعرض على البرلمان وهو الامر الذي حرص مكتب رئيس الورزاء المكلف على نفيه في اكثر من مرة مؤكدا ان جميع التسريبات غير صحيحة.
من جهته قال عضو كتلة (الفتح) غضنفر البطيخ المطلع على مباحثات تشكيل الحكومة لوكالة الانباء الكويتية (كونا) اليوم الاحد ان عبدالمهدي سيقدم حكومته من 22 حقيبة وزارية موزعة بواقع تسع وزارات لمحور (الاصلاح والاعمار) ومثلها لمحور (البناء) وثلاث للمكون الكردي وواحدة للمكون المسيحي.
واوضح البطيخ ان حقائب محور الاصلاح التسع ستخصص بواقع ست حقائب للاحزاب الشيعية وثلاث للاحزاب السنية داخل المحور وهو ذات التوزيع الذي سيعتمد داخل محور البناء حيث سيخصص لشيعته ست ولسنته ثلاث ما يعني ان حصة احزاب المكون الشيعي ستكون بالاجمال 12 وزارة وحصة السنة بالاجمال ست وزارات.
واوضح ان التصويت على الحكومة الجديدة داخل البرلمان سيكون على الوزراء واحدا تلو الاخر ما يعني ان احتمال رفض احدهم سيبقى امرا واردا اذا ما رأى النواب انه غير صالح للوزارة.
ولم يستبعد البطيخ ان يقدم عبدالمهدي تشكيلته ناقصة يوم غد وان يؤخر الاعلان عن اربع الى خمس حقائب الى وقت لاحق بسبب خلافات متواصلة حتى الان مؤكدا ان ذلك لن يتعارض مع دستورية منح الثقة ضمن التوقيت الدستوري الذي يعد متحققا حال التصويت على رئيس الحكومة وعدد من وزرائه.
واشار الى التصويت على التشكيله الوازرية كان مفترضا منذ اليوم الاول من الاسبوع الا ان رغبة عبد المهدي في المزيد من المشاوارات لاسيما فيما يتعلق بحقائب الكرد والسنة دفعه الى ارجائها الى يوم غد مضيفا "ان القراءات تبقى خاضعة لمفاجآت الساعات الاخيرة" دون ان يستبعد شيئا.