تنفس مصرفيون وصناع سيارات مرورا بمجتمع الأعمال المصري الصعداء مع تولي طارق عامر دفة القيادة في البنك المركزي بشكل رسمي أمس وسط آمال عريضة بأن يصلح سياسة نقدية قوضت الاستثمار والنمو.
وبحسب «رويترز»، فقد كان تغيير القيادة الذي أعلن الشهر الماضي أفرج عن مشاعر الغضب المكبوتة إزاء المحافظ المنتهية ولايته هشام رامز الذي فرض سقفا على الودائع الدولارية عند 50 ألف دولار في الشهر مما حرم الشركات من العملة الصعبة وأصاب حركة التجارة بالشلل وذلك في خضم دفاعه عن العملة المحلية الجنيه.
وبدأ عامر رئيس البنك الأهلي المصري السابق الذي يحظى بتقدير كبير العمل من وراء الكواليس لضخ السيولة في النظام المالي المصاب بالجمود ومن المتوقع على نطاق واسع أن يلغي سقف الإيداع الدولاري.
لكن سيتعين عليه في ظل ارتفاع التضخم والسعر المرتفع للجنيه بفعل عمليات بيع الدولار غير القابلة للاستمرار التي يقوم بها البنك المركزي أن يوازن بدقة بين السماح للعملة بالانخفاض وتفادي خفض حاد للقيمة لأن عدم وجود هذا التوازن سيؤدي إلى تفاقم الاختلالات التي يحاول إصلاحها.
وقال تاجر عملة إن هناك اعتقاد بأن طارق عامر سيلغي سقف الإيداع الدولاري بالمصارف، وسط جو من التفاؤل بين عملاء شركات الصرافة وفي السوق الموازية ويتوقع متعاملو السوق السوداء والمصرفيون ورجال الأعمال على حد سواء أن يعمل عامر مع الحكومة لإضعاف الطلب على الدولار عن طريق ترشيد الواردات ودعم الصادرات التي تعد مصدرا للعملة الصعبة أضرت به القيود الرأسمالية.
ويعاني الاقتصاد المصري منذ انتفاضة 2011 التي أنهت حكم حسني مبارك الذي استمر 30 عاما حيث أدت إلى عزوف المستثمرين والسياح ما حرم البلد من العملة الأجنبية ووضع الجنيه تحت ضغط حاد.
وتخوفا من تضخم جامح حافظ البنك المركزي على الجنيه داخل نطاق ضيق لكن الضغوط لم تخف، فقد فرض رامز في شباط (فبراير) سقفا على الإيداع وأجبر المصارف على إعطاء الأولوية للأغذية والأدوية عند توفير الدولارات الشحيحة.
لكن الإجراءات جعلت من الصعب على الشركات تدبير الائتمان لتمويل الواردات ومع تلف سلع في الموانئ وتوقف بعض المصانع عن الإنتاج تهاوت الصادرات 19 بالمئة في الأشهر التسعة الأولى. وسادت مشاعر الارتياح في مجتمع الأعمال عندما أعلن في (أكتوبر) أن رامز لن يستمر محافظا للبنك المركزي بعد انتهاء مدته في 26 (نوفمبر).
وأشار الرئيس التنفيذي لشركة جي. بي أوتو رؤوف غبور ، إلى أنه ما دام في البنك المركزي المصري أشخاص يديرون الأمور بحكمة فلن تقع أزمة صرف أجنبي أبدا، مضيفا أنه يتعين على عامر رفع أسعار الفائدة إلى جانب إلغاء الإجراءات الوقائية التي اتخذها رامز. وبدأ عامر وهو مصرفي محنك يعزى إليه الفضل في إنعاش البنك الأهلي المصري المملوك للدولة عقد اجتماعات مع قيادات القطاع في (أكتوبر) الماضي.
وانتقد بعض الاقتصاديين رفع قيمة العملة لكن آخرين اعتبروا أنه يستهدف المضاربين الذين يراهنون على انخفاض الجنيه كخطوة مرحلية قبل السماح للعملة بالانخفاض لاحقا.
ويعتقد مدير الأبحاث في المروة لتداول الأوراق المالية محمد النجار أن عامر قد يرفع قيمة الجنيه مجددا، مشيرا إلى أن السوق تتوقع أن يرفع البنك المركزي قيمة الجنيه عشرة قروش في أول عطاء لبيع الدولار تحت رئاسة طارق عامر، وهناك توقعات بمفاجأة كبيرة.