طوال العقدين الماضيين اللذين مرا على انضمام دولة الكويت إلى (مبادرة إسطنبول للتعاون) التي أطلقها حلف شمال الأطلسي (ناتو) حرص الجانبان على تعزيز ذلك التعاون في مجالات عديدة بهدف ترسيخ دعائم الأمن والاستقرار في المنطقة.

ومنذ انضمام الكويت في ديسمبر عام 2004 إلى تلك المبادرة لتكون أول دولة خليجية تنضم إليها فقد اتخذت خطوات عديدة لتعزيزها أهمها افتتاح مقر المركز الإقليمي لحلف شمال الاطلسي (ناتو) و(مبادرة إسطنبول للتعاون) في الكويت في 23 يناير عام 2017 لتصبح أول دولة خارج المنطقة الأوروبية الأطلسية التي تستضيف مركزا إقليميا لحلف شمال الأطلسي.

ويعد ذلك المركز الأول من نوعه في منطقة الخليج العربي ومقرا تدريبيا يقوم من خلاله ممثلو أعضاء حلف (ناتو) بمهام تدريبية واستشارية تخصصية في كل المجالات الفنية للجهات الحكومية في الكويت ودول الخليج الأعضاء في (مبادرة إسطنبول للتعاون).

وساهمت الكويت منذ انضمامها إلى تلك المبادرة في مختلف الفعاليات التي نظمها حلف (الناتو) حتى أصبحت شريكة أساسية في المبادرة فاستضافت المؤتمر الدولي (حلف الناتو ودول الخليج مواجهة التحديات المشتركة من خلال مبادرة اسطنبول للتعاون) في ديسمبر 2006 وانضمت إلى برنامج الشركاء للتعاون الفردي الذي تم اعتماده عام 2014.

وفي نوفمبر عام 2018 اتخذت الكويت والدول الأعضاء في حلف (ناتو) خطوة مهمة أخرى لتعزيز العلاقات الثنائية عندما افتتحت الكويت في نوفمبر 2018 أول بعثة دبلوماسية لها لدى (ناتو) في العاصمة البلجيكية بروكسل كما استضافت في منتصف ديسمبر عام 2019 فعاليات الاحتفال بالذكرى الـ15 لإطلاق (مبادرة إسطنبول للتعاون).

وشهدت السنوات العشرون الماضية زيارات متبادلة بين كبار المسؤولين الكويتيين ومسؤولي حلف شمال الأطلسي لتعزيز التعاون المشترك في مجالات عدة أهمها الطاقة والأمن البحري والدفاع الإلكتروني وإدارة الكوارث ومكافحة الإرهاب إضافة إلى تنسيق المواقف المشتركة حيال القضايا الإقليمية والعالمية.

وكانت (مبادرة إسطنبول للتعاون) قد دشنت خلال قمة رؤساء الدول والحكومات التي عقدت في العاصمة التركية أنقرة في يونيو 2004 بهدف المساهمة في تعزيز الأمن والاستقرار لاسيما في منطقة الشرق الأوسط من خلال عرض للتعاون العملي بين دول المنطقة ودول (ناتو) في مختلف المجالات الأمنية.

وترتكز المبادرة على العديد من المبادئ التي تستند إلى مفهوم الشراكة والمصالح المتبادلة لحلف شمال الأطلسي ودول المنطقة وتأخذ بعين الاعتبار تنوعهم وحاجاتهم الخاصة إلى جانب أنها تشكل مسارا منفصلا في مجال مبادرات التعاون المتعارف عليها عالميا مع الأخذ بعين الاعتبار إكمال مسيرة المبادرات الدولية الأخرى وخاصة مجموعة الثماني والاتحاد الأوروبي ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا.

وتعتمد (مبادرة إسطنبول للتعاون) على مبدأ الشمولية بحيث تبقى مفتوحة أمام جميع البلدان المهتمة في منطقة الشرق الأوسط والملتزمة بأهداف ومضمون المبادرة وخاصة مكافحة الإرهاب ومنع انتشار أسلحة الدمار الشامل.

وللمبادرة لائحة نشاطات تغطي ستة مجالات مختلفة ويمكن للبلدان المنضمة أن تختار من بينها ما يتناسب معها إذ يتعلق أول هذه المجالات بإصلاح الدفاع وإعداد الميزانية الخاصة به فيما يتطرق المجال الثاني إلى التعاون والتدريب العسكري والثالث إلى التعاون في مجال مكافحة الإرهاب.

ويختص المجال الرابع بالتعاون ضد انتشار أسلحة الدمار الشامل وحواملها فيما يتناول المجال الخامس التعاون في ضمان أمن الحدود والسادس في إطار وضع خطط مدنية للطوارئ بما فيها المشاركة في دورات تدريب وتأهيل وتمارين حول عمليات الانقاذ في حالات الكوارث.

وسبقت (مبادرة إسطنبول للتعاون) سلسلة مشاورات على مستوى عال أجراها الأمين العام المفوض في الناتو حينذاك السفير مينوتو ريزو خلال مايو وسبتمبر وديسمبر من عام 2004 مع دول مجلس التعاون الخليجي حيث أبدت تلك الدول اهتماما بتلك المبادرة.