تحين لحظة في حياة كل إنسان، يشعر فيها بأن علامات الزمن بدأت بالظهور عليه، وذلك بوجود شعر رمادي أو تجعد في زوايا العينين أو ألم في أسفل الظهر، ولكن بفضل التقدم العلمي والتكنولوجي، أصبح الحفاظ على شكل الإنسان وصحة جسمه وشبابه، أمرا ممكنا للجميع.
البعض يحاول التخلص من علامات الشيخوخة باتخاذ إجراءات معاكسة، مثل صبغ الشعر الرمادي أو الأشيب، أو الحقن بالكولاجين السائل أو اللجوء إلى إجراءات أخرى، لكن ماذا لو أمكننا جميعا أن نعيش حتى سن 95 عاما مع المحافظة على الصحة والنشاط وروح الشباب كما هو الحل في سنوات الذروة؟
منذ سنوات طويلة، كانت أمراض الخرف والسرطان وقصور القلب والسكري والالتهاب وفشل البصر محور البحوث الطبية، لكن ما يجمع بينها بالتأكيد هو: الشيخوخة.
وفي الأثناء يحاول العلماء والمختصين استكشاف أمراض الشيخوخة، والتوصل لعلاج لأمراض تصلب الشرايين وارتفاع الكوليسترول والأسباب المؤدية لمرض ألزهايمر وداء باركنسون، في محاولة منهم لوقف هذه العلامات.
في المحصلة النهائية، فإن ما يكتشفه العلماء هو أن الشيخوخة عملية ثابتة، بصرف النظر عن الاختراقات العلمية الجديدة، التي لا تتيح لهم حتى الآن سوى فهم أكثر قليلا واكتشاف المزيد من أسرار بيولوجيتنا المعقدة.
ولكن.. هل يمكن علاج الشيخوخة؟
من الناحية العلمية والصحية، تمكنت الرعاية الصحية من إبطاء عملية الموت، لكنها لم تبطئ الشيخوخة، وفقا لما تقوله الكاتبة العلمية سو أرمسترونغ.
وبعيدا عن “فكرة الخلود”، تمكن العلماء، بحسب أرمسترونغ، من تحقيق اختراقات علمية مهمة، منها على سبيل المثال ما توصل إليها علماء في “مايو كلينيك” في مينيسوتا، حيث أحد مراكز الأبحاث الرائدة في مكافحة الشيخوخة في العالم.
فقد كشف العلماء عن وجود علاج مستقبلي ويلوح في الأفق لمكافحة الشيخوخة بعد أن أظهرت التجارب الأولية في البشر نتائج “مثيرة للإعجاب” من خلال ما يسمى بـ”خلايا الزومبي». فمع تقدم الإنسان في العمر، فإنه يفقد الخلايا التي تنقسم أو تجدد، في العادة، لتقل قدرتها على الانقسام بعد عدد معين من الانقسامات، ثم تصل إلى حالة الشيخوخة.
وعند هذه المرحلة، فإن “الخلايا المتشيخة”، التي لا تعمل وليست ميتة بالكامل، أو يمكن وصفها بـ”الزومبي”، تأخذ في التراكم، مما يثبط عملية إصلاح الأنسجة بواسطة الخلايا الجذعية.
وفي هذه المرحلة أيضا، يصبح الإنسان غير قادر على إصلاح نفسه على نحو فعال، كما هو الحال عندما كان في عمر الذروة، وبالتالي يبدأ الجسم بالتدهور التدريجي.
وتعتقد الكاتبة آرمسترونغ أن “الشيخوخة هي الثمن الذي ندفعه مقابل الحماية من السرطان عندما نكون صغارا”، وفقا لما ذكرته صحيفة تليغراف البريطانية.
ومع ذلك، فإن هناك الكثير من السلبيات في خلايا الزومبي هذه، فتراكمها مثلا يتسبب بأمراض عصبية مثل ألزهايمر وباركنسون.
ووفقا للدكتور جيمس كيركلاند، مؤلف مشارك في دراسة علمية ذات علاقة، فإن هناك نحو “20 حالة خطيرة تتورط فيها الخلايا المتشيخة».
وبصرف النظر عن الاختراقات العلمية المتحققة حتى الآن أو في المستقبل القريب، فإن أرمسترونغ تشك في إمكانية التوصل إلى علاج فعال أو ما تصفه بأنه “طلقة مضادة للشيخوخة”، مشددة على أن “الشيخوخة مسألة حتمية”، لكنها قابلة للترويض أيضا.
أدوية «الستاتين»
من أبرز الأدوية التي تخفف من آثار الشيخوخة أدوية “الستاتين”، التي تستخدم لخفض مستويات الكوليسترول وتحمي من أمراض القلب، وكذلك “ميتفورمين”، وهو علاج خافض لسكر الدم، وقد يمنع مضاعفات القلب والأوعية الدموية، وربما مضاعفات السرطان في مرضى السكري كما يساعد في تقليل مستويات البروتين الدهني منخفض الكثافة.
وثمة دواء آخر يعرف باسم “راباميسين”، وهو علاج مضاد للمناعة يستخدم لمنع رفض الأعضاء في عمليات زرع الأعضاء، ويعتبر مفيدا بصفة خاصة في عمليات زرع الكلى، كما أنه يمتلك خصائص قوية مضادة للمناعة، وربما يكون مفيدا أيضا في علاج بعض الأمراض السرطانية.
لكن ماذا عن الحالة الذهنية والمزاجية المؤدية التي تسرع الشيخوخة، مثل الإجهاد والكآبة، وماذا يمكن للإنسان القيام به من أجل تجاوز هذه المؤثرات السلبية؟
لا شك في أن ممارسة بعض الرياضات الذهنية مثل اليوغا تمنح الإنسان شعورا بالإيجابية وتعمل على تقوية جهاز المناعة، لكن لا بد أن تترافق مع استمرارية الحركة والنشاط وممارسة التمارين الرياضية، بما فيها الركض وقيادة الدراجة الهوائية، من أجل المحافظة على “شباب دائم».
ولتحسين الجهاز المناعي، لا بد من الوقوف والحركة كل ساعة تقريبا، ويساعد في ذلك أيضا العمل على مكتب أثناء الوقوف، وتجنب تناول الدهون، والزيادة في تناول الفواكه والخضار الطازجة.
ويساعد تناول مضادات التأكسد والريسفيراترول، وهو مركب كيماوي يوجد في شور العنب والتوت والتوت الأزرق والعليق، وتحديد السعرات الحرارية، في تجنب الشيخوخة المبكرة وإطالة العمر.