يشعر القاطن في الكويت بشيء من القلق، ويتزايد هذا القلق مع مرور الأيام، ومصدر القلق، الأوضاع الخارجية، والوضع الداخلي من أداء المجلس والحكومة، والتي يشعر المواطن الكويتي حيالها بالخيبة وقلة الرجاء، واليأس من إصلاح الجهازين، وكذلك قلق الشعب كثيرا من القيادة الآتية مستقبلا لإدارة البلد، من مسؤولين وقيادات وغيرها.
فالشعب الكويتي، يدرك مساحة الفساد في الأجهزة الحكومية، ويرى أداء المجلس النيابي المتواطئ والضعيف أمام الحكومة، ولكنه يشعر أنه فقد زمام المبادرة، وأن الأمر تفلت من يده، وأنه-الشعب- قد لا يتمكن من الرجوع للوراء لتجميع صفوفه، والتجمع مرة أخرى كما بالأمس القريب، كما في التقرير الذي نشرته القبس في عددها 16515، حيث قالت: (وفي رصد لواقع «الفساد» في البلاد يتبين أن هناك وعياً شعبياً ونيابياً ورسمياً لحجم هذا الفساد وإدراكا كاملا لخطورته، لكن في المقابل تبدو أن آليات المعالجة وخطوات محاسبة المتورطين فيه بطيئة وتسير كالسلحفاة نظراً لعوامل عدة.) (https://alqabas.com/644653/)!
 ولكن مع هذا الشعور باليأس والخيبة، إلا أننا رأينا أن هذه الأزمة قد أفرزت تجمعات احتجاجية، متعددة وكثيرة، مثل حركة العمل الشعبي والحركة الدستورية والحركة الديمقراطية المدنية والتجمع العلماني الكويتي،إلى آخر هذه التسميات، وإن لم يكن لبعضها من الواقع إلا الاسم، ولكن كثرتها تدل على إحساس بالخوف من المصير، في الحاضر،والمستقبل.
 إن كثرة، وتزايد هذه التجمعات الناقمة، والمحتجة على الواقع، والتي تدل على تصاعد الأزمات في البلاد، قد تعني عدة من الأمور الخطيرة، مثل:
1-إحساس الشعب بفترة غير مسبوقة في التاريخ السياسي الكويتي، يتخللها استشراء الفساد، وتسيده على كل المستويات، والشعور بالخلل في إدارة البلاد، وتضييق الحريات، وتقييدها، مما نجم عنه هذا التسيب وهذه الفوضى الذي لا تخطئها العين، والتي تتطلب حلولا جذرية وسريعة، كما في تقرير القبس https://alqabas.com/505038/.
2-عدم وجود آلية وبرامج ورؤية موحدة لهذه التيارات، مما يسهل على السلطة تمزيقها والتخلص منها بشتى الوسائل.
3-نضج الشعب الكويتي سياسياً وإدراكه عمق الفساد وكثرته وتغلغله.
ويبقى سؤال مهم لا بد من طرحه، على المستوى الشعبي والسياسي والحركي، من المسؤول مسؤولية تامة وكاملة عن التدهور والفساد والشلل السياسي في البلد؟
سؤال محوري وجوهري للتصدي لرأس الفساد والشللية، وشلل الدولة، والمشكلة أن الجميع يتساءل حتى الفاسدون والمفسدون، دون تحديد جهة معينة تعتبر عند الجميع المسؤول الأول عن الفساد وحماية قواه!
وهو سؤال مهم كي لا تهدم أركان الدولة، في ظل أوضاع مأساوية في الخليج والمنطقة، بل والأهم من ذلك السؤال، كيف العلاج؟ وكيف سيكون التحرك لهذا العلاج؟ مع وجود تجارب سابقة تمكنت من إنجاز أشياء كان يريدها البعض، ولو اتفق على رؤية واضحة لأتى الحراك ثماره المرجوة، ولكن كما يذكر د.فيصل أبو صليب تجارب الحراك الشعبي، بأنها (تجارب ناجحة في الحراك السياسي في الكويت،)، وسبب نجاحها كما يقول (لأنها حددت أهدافها بشكل دقيق، وقصيرالمدى، ولكن عندما تصبح الأهداف عامة، وشاملة، وطويلة المدى، عندها يفتر الحماس وتتشتت الجهود، وهذا ماحصل في الفترة الأخيرة من تجربة الحراك السياسي الأخيرة، عندما بدأ الحديث عن «حكومة منتخبة»، و«حكومة برلمانية»، وقبل ذلك «إمارة دستورية»،) ثم يقضي بأن (سيكولوجية الجماهير في الكويت، أنها لاتملك النفس الطويل، لتحقيق الأهداف طويلة المدى، وتريد أن تحدد هدفا محددا وقصير المدى، يتم تحقيقه في فترة زمنية قصيرة.)
 

                                                                                                                        بقلم:
                                                                                                                عبدالرحمن الجميعان