سعود عبدالقادر الأحمد

«رصيد الديمقراطية الحقيقي، ليس في صناديق الانتخابات فحسب، بل في وعي الناس». - جان جاك روسو.
ضربت قبيلة قحطان وبني هاجر أروع الأمثلة في الممارسة الديمقراطية الحية عندما استخدموا حقهم الانتخابي بكل حرية، حيث كان حضورهم يتجاوز الـ 7000 ناخب في الدائرة الخامسة وحصلوا على المركز الأول في مجلس 2016، ولو افترضنا أنهم صوتوا لصالح مرشحهم في انتخابات 2020 لحصل على المركز الثاني أو الثالث بسهولة، ولكن لعدم اقتناعهم بأدائه، فمعظمهم لم يصوتوا لمرشحهم نظراً لمواقفه في المجلس، فمارسوا حقهم الأصيل وصححوا المسار وقدموا مصلحة الكويت على اسم القبيلة التي يتدثر به الكثير، فمعظم أصواتهم قد ذهبت إلى مرشحين وطنيين نتوسم فيهم الخير والإصلاح، والكل أدلى بصوته على حسب اقتناعه بالمرشح. 
قحطان وبني هاجر أقرب من طبق مفهوم الديمقراطية، وذلك بتغييرهم نائب القبيلة، ضربوا درساً عظيماً يستفاد منه الكثير في الديمقراطية، وعوضهم الله بمركزين للمضف في الدائرة الأولى والثانية، وفي الدائرة الأولى، كذلك حصل د. حسن جوهر على المركز الأول، والرقم الذي حققه لا يدع مجالاً للشك أن أهل السنة والحضر منحوه أصواتهم قبل الشيعة، وفي الدائرة الثالثة حصل د.‏عبدالكريم الكندري على المركز الأول، ومن المعروف أن الدكاترة غير مدعومين من قبل أي طائفة أو قبيلة أو عائلة معينة، بل توجههم الإصلاحي والواضح مع الناس هو الذي أوصلهم إلى كرسي البرلمان، هذه النتيجة تدل على ازدياد الوعي عند الناس في اختيار المرشح الأفضل بناءً على الأمانة والكفاءة، وليس على الطائفة أو القبيلة أو العائلة. 
الدرس الذي لن يُنسى: 
دور الدعاة وطلبة العلم من أصحاب الرأي والمشورة أثبت أهميته في مواجهة الأزمات والتخفيف من آثارها خصوصاً في ما يتعلق بتحريم الرشوة بجميع أشكالها، ومنها السعي في التعيين والندب والنقل (للمصلحة الانتخابية) وليس لمصلحة البلاد، وزمن التفريق بين فئات المجتمع وطوائفه والظهور على ظهر العنصرية ولت، ‏فقد تجاوزت نسبة التغيير في انتخابات 2020 أكثر من 60% وهذه تعتبر رسالة بليغة وقاسية لكل من أراد اللعب على جراح المواطنين، بالرغم من جائحة كورونا وأمطار شديدة وسوء التنظيم، فقد كان الإقبال كبير على الانتخابات، فالشعب يستحق أن يقابل في المستقبل حكومة إصلاح تقرب المحبين والمصلحين للوطن، وترمي المفسدين والمرتشين في السجون.
وهذا درس لن ينساه التاريخ البرلماني الكويتي، ونتمنى أن نزدهر في ثقافتنا البرلمانية ليس فقط على مستوى التصويت وحسن الاختيار، ولكن أيضا في مراقبة أداء الأعضاء ما بعد التصويت، من خلال تشريعاتهم ورقابتهم للأجهزة الحكومية ومواقفهم نحو الاستجوابات، ومتابعتهم للملفات الحساسة مثل قضايا الفساد الكبيرة التي هزت البلد وجعلتها المركز الـ 85 عالمياً في مؤشر مدركات الفساد العالمي، ولا ننسى أن الدور الرئيسي لأعضاء المجلس هو الرقابة والتشريع. 
قال  تعالى : {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَاب} [ الزمر : 9] 
الشكر والتقدير:
بالختام شكراً للقيادة السياسية على الحيادية، وشكراً لشعبٍ واعي أرسل رسالة واضحة بأنه يستطيع التغيير ويبحث عن الأفضل، مبروك لأعضاء مجلس 2020، لتعلموا علم اليقين بأن للشعب عينٌ يراقبكم، يستطيع من خلالها الرصد والتقييم ومن ثم التغيير، وأسأل الله أن يعينكم على حمل الأمانة وتحقيق مطالب الشعب.