في لقطة بهيجة نافست المسلسلات الدرامية الرمضانية، تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي صوراً لمائدة إفطار عامرة، يحتشد حولها الصائمون، وهم يتجاورون ويتشاركون تناول الإفطار الرمضاني وطقوسه.
ففي الهواء الطلق، وقبل موعد أذان المغرب، كانت مائدة بطول 1000 متر تقريباً، تنتصف أحد شوارع حي المطرية بالقاهرة، وبدأ القائمون على الإفطار برص زجاجات المياه والعصائر التقليدية المنعشة، مثل قمر الدين والكركديه والدوم والسوبيا على المائدة الطويلة، وبجوارها أطباق التمور، تمهيداً لاقتراب موعد الإفطار، وسرعان ما كانت المائدة ممتلئة على امتدادها بالصائمين مع صوت الأذان.
ووفقاً لصحيفة “الشرق الأوسط”، بدأ مشهد هذا الإفطار الجماعي أقرب للاحتفال، فالزينة تُحلق فوق الرؤوس، وكذلك الإضاءة والفوانيس، أما المائدة فعامرة بصنوف الطعام، ومن حولها يجلس أهالي الحي يتبادلون البسمات والضحكات من هنا وهناك، وكذلك حديث عن افتقاد هذا الإفطار الجماعي، الذي يعتبر من تقاليد سكان حي المطرية منذ سنوات، حتى أتت «كورونا» فقامت بإيقاف هذا الطقس البهيج، كما يقول أمير كرم أحد القائمين على صفحة «شباب المطرية» على فيسبوك المعنية بنشر فعاليات الحي والإفطار السنوي.يروي أمير لـ«الشرق الأوسط» أن طقس الإفطار الجماعي لحي المطرية بدأ منذ نحو 7 سنوات، وتوقف العامين الماضيين بسبب «كورونا» وما تبعها من إجراءات احترازية وحظر للتجمعات «اتفق سكان الحي منذ سنوات على اعتبار يوم الخامس عشر من رمضان هو موعد الإفطار الجماعي السنوي لأهالي الحي» كما يقول.
واللافت أن المائدة بكل ما تحمله من ألوان الطعام والحلوى، وما وراءها من تحضيرات طويلة، سواء بطهي الطعام، أو المشاركة بالمال لشراء مستلزمات الإفطار، هو من إعداد أهالي عزبة حمادة بالمطرية، الذين يتشاركون أعباء هذا اليوم بالتساوي، من أجل ساعات من الود والألفة في ليلة من ليالي رمضان.
وتختلف تلك المائدة عن موائد «الرحمن» التقليدية، التي تنتشر على مدار المحافظات المصرية، وهي تلك الموائد التي يقوم أصحابها بالتطوع المادي والإنفاق لاستضافة الصائمين من غير القادرين وقت الإفطار على مدار أيام الصيام.
فيما تعتبر مائدة «المطرية» صورة مبتكرة للإفطار الجماعي الذي تُشارك فيه عائلات الحي وتجْمع حولها القادرين منهم وغير القادرين، بمختلف الأعمار «كل أهالي الحي يقومون بالمساعدة في تنظيم هذا اليوم، ويقومون بالاتفاق على ترتيباته التنظيمية، وأصناف الطعام منذ بداية الشهر الفضيل، فالبعض يقومون بالمشاركة بالمال، وهناك من يتطوع للطهي، أو حتى المساهمة في تنظيم الجلوس ورص الكراسي، وآخرون يقومون بتزيين المكان والإضاءة، وحتى تنظيف مكان الإفطار بعد الانتهاء» كما يقول أمير الذي أسهم في الإفطار كواحد من سكان منطقة المطرية.
ويظل الإفطار الجماعي لحي المطرية مُتفرداً، فلم يتبعه تجربة شبيهة يشارك بها أهالي من حي واحد، لذلك سرعان ما يحظى باهتمام عدسات المصورين، ووسائل الإعلام، وصولاً لرواد مواقع التواصل الاجتماعي الذين سرعان ما يتداولون صور الإفطار الاحتفالية، مصحوبة بتعليقات وتحيات لأهالي الحي وروحهم التنظيمية لحدث سنوي كرنفالي، بإمكاناتهم الذاتية في نسمات رمضانية عذبة.