- عُرفت بالدفاع عن الإسلام ودعوة النساء إليه وشد عضد ومؤازرة الرسول 
- قالت لأبي لهب : قم دون بن أخيك واعضده وامنعه فإن يظهر أمره فأنت بالخيار
- توفيت في خلافة عمر بن الخطاب بالمدينة المنورة ودفنت في البقيع

 
أولى الإسلام المرأة اهتمامًا كبيرًا ونظر إليها نظرة تكريمٍ واعتزازٍ، فالمرأة في الإسلام هي الأم والأخت والابنة والعمة والخالة والجدة والزوجة شريكة الرجل في تحمل مسؤوليات الحياة، وقد كلَّفها الله مع الرجل في النهوض بمهمة الاستخلاف في الأرض، وتربية الأبناء وتنشأتهم تنشئة سوية، وجعلها على درجة واحدة مع الرجل في التكريم والإجلال.
ويؤمن المسلمون بأن الإسلام قد أعطى المرأة حقوقها بعد أن عانت في الجاهلية (ما قبل الإسلام) من ضياعها والتي من أهمها الحق في الحياة.
ويتفق علماء الدين المسلمين إلى حد كبير على أنه في بداية الإسلام وتحديدًا في أوائل القرن السادس الميلادي، وسَّع النبي محمد صلى الله عليه وسلم حقوق المرأة لتشمل حق الميراث والتملك والزواج والنفقة وحقوقًا أخرى.
كما نهى النبي محمد عن الإساءة للنساء وأمر بمعاملتهن بالحسنى والرحمة فقال في حجة الوداع: «استوصوا بالنساء خيرًا، فإنهن عندكم عوان لا يملكن لأنفسهن شيئًا، وإنكم إنما أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمات الله، فاعقلوا أيها الناس قولي».
وفي صحيح الترمذي  يقول النبي محمد صلى الله عليه وسلم: (أَكْمَلُ المؤْمِنين إيماناً أحْسَنُهم خُلُقاً، وَخِياركم خيارُكم لِنِسائهم). ويقول النبي محمد صلى الله عليه وسلم أيضا:(اللَّهُمَّ إِنِّي أُحَرِّجُ حَقَّ الضَّعِيفَيْنِ الْيَتِيمِ وَالْمَرْأَةِ) أي عاملوهما برفق وشفقة، ولا تكلفوهما ما لا يطيقانه، ولا تقصِّروا في حقهما الواجب والمندوب.
كما يذكر التاريخ أيضا أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم وقبل وفاته بأيام قليلة خرج على الناس وكان مريضًا بشدة وألقى آخر خطبة عليهم فكان من جملة ما قاله وأوصى به: «أيها الناس، الله الله في الصلاة، الله الله في الصلاة». بمعنى أستحلفكم بالله العظيم أن تحافظوا على الصلاة، وظل يرددها إلى أن قال: «أيها الناس، اتقوا الله في النساء، اتقوا الله في النساء، اوصيكم بالنساء خيرا».
 
أروى بنت عبد المطلب من النساء اللواتي وقفن مع رسول الله، فهي عمته وأخت أبيه الصحابية ،وهي صحابية جليلة ومن السابقات إلى الإسلام، ومن النساء الفاضلات في الجاهلية وبعد الإسلام، تزوجت في الجاهلية من عمير بن وهب وأنجبت له ولداً هو طُليب، ثم تزوجت بعد وفاته من أرطأة بن شرحبيل وأنجبت بنتاً أسمتها فاطمة.
فهي أروى بنت عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشية الهاشمية، وأمها فاطمة بن عمرو، وأخواتها هن: عاتكة، وبرة، وصفية، وأميمة، والبيضاء وأم حكيم، وهن عمات الرسول صلى الله عليه وسلم، وإخوانها هم: حمزة أسد الله وأسد رسوله، وأبو لهب واسمه عبد العزى، وأبو طالب واسمه عبد مناف، والعباس، والزبير، وعبد الكعبة، والمقوم، وضرار، وقثم، والمغيرة، والغيداق، وهم أعمام الرسول صلى الله عليه وسلم.
 
 
زوجها وأبناؤها
 
 
ذكر ابن سعد وقال: تزوّجها في الجاهليّة عمير بن وهب بن عبد مناف بن قصي فولدت له طليبًا، ثمّ خلف عليها أرطأة بن شرحبيل بن هشام بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصيّ فولدت له فاطمة.
إلا أن أبُو عُمَرَ قال: كانت تحت عمير بن وهب بن عبد بن قصي، فولدت له طليبًا، ثم خلف عليه كلدة بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي، فولدت له أروى.
وجاء في كتاب نسب قريش أنها كانت عند عمير بن وهب بن عبد بن قصي؛ فولدت له طليب بن عمير ومن ثم خلف عليها كلدة بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي، فولدت له فاطمة.
 
 
إسلامها
 
 
أسلم طليب بن عمير في دار الأرقم بن أبي الأرقم، وهو أول من أسال دم مشرك دفاعاً عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وهذا المشرك هو عوف بن صبرة السهمي، ثمّ دعا أمه إلى الإسلام فأسلمت هي وأختها صفية في مكة المكرمة، ثم هاجرتا سوياً إلى المدينة المنورة، وقد عاشت رضي الله عنها بعد النبي صلى الله عليه وسلم وتوفيت في المدينة المنورة عام 15هـ، أثناء خلافة عمر بن الخطاب. 
وأختلف في إسلام أروى وكذلك عاتكة، ولا خلاف في إسلام صفية، فقال ابن إسحاق ومن تابعه إنه لم يسلم من عمات النبي محمد غير صفية، وذكرها أبو جعفر العقيلي في الصحابة وذكر أيضًا أُختها عاتكة بنت عبد المطلب، وقال ابن سعد: ثمّ أسلمت أروى بنت عبد المطّلب بمكّة وهاجرت إلى المدينة. وقال بعضهم: إنّ أروى وصفية أسلمتا جميعًا من عمات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. وذكرها محمد بن حبيب البغدادي في أسماء النسوة المبايعات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من بني هاشم نقلًا عن الواقدي.
ذكرت بعض المصادر بأنها أسلمت بعد أن أسلم ابنها طُليب في دار الأرقم، وأخرج الواقدي عن موسى بن محمّد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن أبيه قال: أَسْلَم طُلَيْب بن عُمَير في دار الأَرْقَم بن أَبِي الأَرَقم المَخْزُوِميّ ثمّ خرج فدخل على أمّه أروى بنت عبد المطّلب فقال:«تبعت محمدًا وأسلمت لله»، فقالت له أمّه: «إنّ أَحَقَّ مَن وَازَرْتَ وَعَضدت ابنَ خالك، والله لو كنّا نقدر على ما يقدر عليه الرجال لتبعناه وذببنا عنه»، فقال طليب: «فما يمنعك يا أُمّي من أن تسلمي وتتبعيه؟ فقد أسلم أخوك حمزة»، ثمّ قالت: «أَنْظُر ما يصنع أخواتي ثمّ أكون إِحْدَاهُنَّ»، فقال طُلَيْب: «فإني أسألك بالله إلا أتيتِه فسلمتِ عليه وصَدَّقْتِه وشهدتِ ألا إله إلاّ الله وأنّ محمّدًا رسول الله»، قالت: «فإني أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله»، ثمّ كانت تَعْضُدُ النبيّ ، بلسانها وتَحُضُّ ابنَها عَلَى نُصْرَتِه والقيام بأمره.
وفي جاء في موسوعة شهيرات النساء: لما كبر طليب، أسلم في دار الأرقم ثم دخل على أمه وأخبرها بإسلامه وقال لها: «فمالك لا تسلمين وقد أسلم أخوك حمزة؟»، فقالت: «انظر ما يصن أخواتي فأكون إحداهن»، فقال لها: «أسألك بالله إِلاّ ما أسلمت وشهدت برسالته»، فقالت: «أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله»، وقد حسن إسلامها.
وروى الواقدي أيضًا عن سلمة بن بخت عن عميرة بنت عبيد الله بن كعب بن مالك عن أم درة عن برة بنت أبي تجراة قالت: عرض أبو جهل وعدة من كفار قريش للنبي  فآذوه فعمد طليب بن عمير إلى أبي جهل فضربه ضربة شجه فأخذوه وأوثقوه فقام دونه أبو لهب حتى خلاه، فقيل لأروى: «ألا ترين ابنك طليبا قد صير نفسه غرضا دون محمد»، فقالت: «خير أيامه يوم يذب عن بن خاله وقد جاء بالحق من عند الله»، فقالوا «ولقد تبعت محمداً»، قالت: «نعم»، فخرج بعضهم إلى أبي لهب فأخبره فأقبل حتى دخل عليها، فقال: «عجبا لك ولاتباعك محمداً وتركك دين عبد المطلب»، فقالت: «قد كان ذلك فقم دون بن أخيك واعضده وامنعه فإن يظهر أمره فأنت بالخيار أن تدخل معه أو تكون على دينك فإن يصب كنت قد أعذرت في بن أخيك»، فقال أبو لهب: «ولنا طاقة بالعرب قاطبة جاء بدين محدث»، ثم انصرف أبو لهب، وقالت يومئذٍ:
 
 
إِنَّ طُلَيْبًا نَصَرَ ابنَ خَالِهِ
آسَاهُ في ذي دمِهِ ومالِهِ
 
 
وذكر المدايني، عن عيسى بن يزيد، عن داود بن الحصين، قال: سمعت عبد الله بن عمرو بن عثمان يحدث عن أبيه قال: قال عثمان: دخلت على خالتي أعودها أروى بنت عبد المطّلب، فدخل رسولُ الله ، فجعلت أنظر إليه وقد ظهر من شأنه يومئذ شيء. فأقبل عليَّ فقال: ««مَالَكَ يَا عُثْمَانُ»؟»، قلت: أعجَبُ منك ومِنْ مكانك فينا، وما يقال عليك! قال عثمان: فقال: «لَا إِلهَ إِلَّا الله؛ فَاللَّهُ يَعْلَمُ، لَقَدْ اقْشَعْرَرْتُ»، ثم قال: وَفِي السَّمآءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ (22) فَوَرَبِّ السَّمآءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَآ أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ، ثم قام فخرج فخرجت خلفه وأدركته فأسلمت.
 
 
صفاتها  
 
 
كانت رضي الله عنها ذات رأي راجح وعقل متزن، وورثت من عائلتها فصاحة اللسان والبلاغة؛ فكانت شاعرة بليغة، ولها عدد من الأقوال والقصائد، منها قصيدة في رثاء الرسول صلى الله عليه وسلم، وأخرى في رثاء أبيها عبد المطلب، وعُرفت رضي الله عنها في الدفاع عن الإسلام ودعوة النساء إليه، وشد عضد ومؤازرة الرسول صلى الله عليه وسلم، ونصره بلسانها، وحث ابنها طُليب على الدفاع عن الرسول صلى الله عليه وسلم وعن الإسلام، كما عُرفت رضي الله عنها بالقوة في الحق، والدفاع عن الدين. 
 
 
أقوال العلماء فيها
 
 
قال السيد محسن الأمين العاملي : «صحابية شاعرة فصيحة سبقت إلى الاسلام فأسلمت بمكة في أوائل البعثة وهاجرت إلى المدينة.».
قال الشيخ الأميني: «عمة رسول الله صلى الله عليه وآله وصاحبة الاحتجاج المشهور على معاوية».
 
 
وفاتها
 
 
جاء في بعض الكتب والمصادر أن أروى توفيت في خلافة عمر بن الخطاب سنة 15 هـ في المدينة المنورة ودفنت في مقبرة البقيع.
 

شعرها

 
ولمّا حضر عبد المطّلب الوفاة، قال لبناته: أبكين حتّى أسمع كيف تقلن، فقالت أروى وهي ترثي أباها:
بَكَتْ عَيْنَيَّ وَحُقَّ لَهَا الْبُكَاءُ
عَلَى سَمْحٍ سَجِيَّتُهُ الْحَيَاءُ
عَلَى سَهْلِ الْخَلِيقَةِ أبْطَحيٍّ
كَرِيمِ الْخِيمِ نِيَّتُهُ الْعَلَاءُ
عَلَى الْفَيَّاضِ شَيْبَةَ ذِي الْمَعَالِي
أَبِيكِ الْخَيْرِ لَيْسَ لَهُ كِفَاءُ
طَوِيلِ الْبَاعِ أَمْلَسَ شَيْظميٌّ
أَغَرَّ كَأَنَّ غُرَّتَهُ ضِيَاءُ
أَقَبِّ الْكَشْحِ أَرُوعَ ذِي فُضُولٍ
لَهُ الْمَجْدُ الْمُقَدَّمُ وَالسَّنَاءُ
أَبِيِّ الضَّيْمِ أَبْلَجَ هِبْرَزِيٌّ
قَدِيمِ الْمَجْدِ لَيْسَ لَهُ خَفَا
وَمَعْقِلِ مَالِكٍ وَرَبِيعِ فِهْرٍ
وَفَاصِلِهَا إذَا اُلْتُمِسَ الْقَضَاءُ
وَكَانَ هُوَ الْفَتَى كَرَمًا وَجُودًا
وَبَأْسًا حَيْنَ تَنْسَكِبُ الدِّمَاءُ
إذَا هَابَ الْكُمَاةُ الْمَوْتَ حَتَّى
كَأَنَّ قُلُوبَ أَكْثَرِهِمْ هَوَاءُ
مَضَى قُدُمًا بِذِي رُبَدٍ خَشِيبٍ
عَلَيْهِ حَيْنَ تُبْصِرهُ الْبَهَاءُ
وذكر ابن حجر العسقلاني في الإصابة وقال: قال الزبير وطليب المذكور أول من دمي مشركا في الإسلام بسبب النبي  فإنه سمع عوف بن صبرة السهمي يشتم النبي فأخذ له لحي جمل فضربه فشجه فقيل لأروى ألا ترين ما فعل ابنك فقالت:
إنَّ طُلَيباً نصرَ ابنَ خاله
آساهُ في ذي ذِمَّة وماله
وذكر ابن سعد أنها قالت في رثاء النبي محمد:
ألا يا عين ويحك أسعديني
بدمعك ما بقيت وطاوعيني
ألا يا عين ويحك واستهلّي
على نور البلاد وأسعديني
فإن عذلتك عاذلةً فقولي
علام وفيم ويحك تعذليني
على نور البلاد معاً جميعاً
رسول الله أحمد فاتركيني
فإلا تقصري بالعذل عنّي
فلومي ما بدا لك أو دعيني
لأمر هدّني وأذلّ ركني
وشيّب بعد جدّتها قروني
وذكر ابن سعد أنها قالت في رثاء النبي محمد أيضًا:
ألا يا رسول الله كنت رجاءنا
وكنت بنا برّاً ولم تك جافيا
وكنت بنا روفاً رحيماً نبينا
ليبك عليك اليوم مَن كان باكيا
لعمرك ما أبكي النبيّ لموته
ولكن لهرج كان بعدك آتيا
كأنّ على قلبي لذكر محمّد
وما خفت من بعد النبيّ المكاويا
أفاطم صلّى الله ربّ محمّد
على جدث أمسى بيثرب ثاويا
أبا حسن فارقته وتركته
فبك بحزن آخر الدهر شاجيا
فدا لرسول الله أُمّي وخالتي
وعمّي ونفسي قصرة ثمّ خاليا
صبرت وبلّغت الرسالة صادقاً
وقمت صليب الدين أبلج صافيا
فلو أنّ ربّ الناس أبقاك بيننا
سعدنا ولكن أمرنا كان ماضيا
عليك من الله السلام تحيّة
وأدخلت جنّات من العدن راضيا